عندي أمـل


أتحدث كمواطن كويتي يريد لصوته ان يصل، أتحدث اليوم لأنني اشعر بأن ما سأقوله لن يكون من باب التمنيات المستحيلة بل من باب الأمل بالتحقق نتيجة الاصلاحات المتسارعة منذ نحو عام وبينها اقرار الحقوق السياسية للمرأة وقانون المطبوعات الجديد وحكم المحكمة الدستورية بالغاء مواد في قانون التجمعات.
كمواطن اولا وكمتابع لوتيرة الاصلاحات ثانيا... عندي أمل برؤية عناصر إصلاحية جديدة متحققة او على طريق التحقق، لن ابدأ بالقضية الاكثر تعقيدا، قضية السماح بانشاء الاحزاب السياسية وإن كان رأيي في هذا الاطار معروفا ومنشورا، فبما ان الاجماع حولها صعب التصور حاليا لا بأس من تركها الى مرحلة لاحقة، لكن الاصلاح كما تريده غالبية الكويتيين يتجاوز في رأيي موضوع الدوائر الانتخابية والجدل المثار حولها الى ما هو أشمل، الى اصلاح النظام السياسي بدل البقاء في متاهات النظام الانتخابي، ففي الحزمة الشاملة للقرارات الاصلاحية ما ينعكس ايجابا على موضوع الانتخابات والعكس قد لا يستقيم.
عندي أمل بحزمة قرارات اصلاحية تبدأ بزيادة عدد اعضاء مجلس الامة من خمسين الى ستين عضوا لتحقيق نسبة تمثيلية أكبر تأخذ في الاعتبار الزيادة السكانية. وعندي أمل بتخفيض سن الناخب الكويتي الى 18 عاما كما هو معمول به في الانظمة الديموقراطية العريقة خصوصا ان شبابنا وهم نصف الحاضر وكل المستقبل اثبتوا كفاءات على اكثر من صعيد. وعندي أمل باعطاء العسكريين حق الانتخاب فهؤلاء ابناؤنا واشقاؤنا وحماتنا واهتمامهم بالشأن العام لا يقل عن اهتمامنا. وعندي أمل بالسماح بالانتخاب بالبطاقة المدنية لإنهاء تعقيدات العملية الانتخابية. وعندي أمل بتخفيض عدد الدوائر واعادة تشكيلها على اسس افضل بعدما اثبتت تجربة الـ 25 فشلها في تطوير الحياة الديموقراطية كي لا نقول اساءت اليها.
ان هذه الحزمة الاولية السريعة من الاصلاحات كفيلة برسم صورة جديدة لنظام انتخابي ينتج نوابا يعملون بروح الفريق الوطني لا المناطقي او القبلي او الطائفي، وينتج مشرعين يسهرون على اعلاء شأن القانون لخدمة المصلحة العامة وليس نواب خدمات يطوفون بين الوزارات والادارات لخدمة هيئاتهم الناخبة، وتوزيع الدوائر هنا بما يحقق هذه الاهداف يجب ان يراعي العدالة (النسبية لان العدالة المطلقة غير موجودة حتى في ارقى الانظمة) ويضمن الانصهار الحقيقي للمناطق والتكامل والانسجام للخيارات.
وهذه الحزمة الاولية السريعة من الاصلاحات تقتضي اساسا رؤية حكومية من نوع آخر. وبصراحة اكبر، تقتضي ان تبدأ الحكومة بتغيير نهج طويل كاد يصبح دستورا خاصا بها، من التأثير في الانتخابات والتحالفات الى محاولاتها المستمرة للتدخل في انتخابات اللجان وتكريم الموالين من النواب لها بكتب «اللامانع»... باختصار، على الحكومة التخلي عن اعتبار نفسها حزبا مقابل حزب آخر اسمه مجلس الامة وتكريس غالبية جهودها في محاولات استقطاب ما تستطيعه من افراد ذلك الحزب.
ان حزمة الاصلاحات مدخل الى حرب جيدة ضد الفساد والافساد والتنفيع والالتفاف على القوانين والتدخلات غير المشروعة، كما انها مدخل الى منظومة جيدة من التشريعات الكفيلة بجعل الهم الوطني العام يطغى على الهم الفردي الخاص، سواء تعلق الامر بوزير او بنائب.
... هو أمل وليس حلما، والكويت تستحق ان نأمل ونتأمل خصوصا في عهد كتب قائده الإصلاح عنوانا رئيسيا لمسيرته.
جاسم بودي