شخصية العام 2003 في الكويت


مع التغيرات المهمة التي حصلت في الكويت، والتغيرات الضخمة التي حصلت في الجوار، ومع الاحترام والتقدير الكبيرين لجميع الرموز والشخصيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية... تبقى الصحافة الكويتية شخصية العام 2003 بامتياز.
صاحبة الجلالة الكويتية كانت الأكثر حضوراً رغم الأعباء التي كللت كتفيها. لم يفرغ بلاطها من زوار وحشود وعادلين وظالمين وطلاب حق ومواقف ولاجئين من كل الأنواع، ولم يتوان جندها عن الانتشار في كل الميادين، من الجامعة العربية إلى الأمم المتحدة، ومن مبنى مجلس الأمة الأبيض على شاطئ القبلة إلى مبنى البيت الأبيض الأميركي قبلة المراكب السياسية في شواطئ العالم، ومن قاعدة العمليات في وزارة الدفاع إلى عمليات «القاعدة» على الطرق السريعة والجزر، ومن مواكبة الأرتال الأميركية والعتاد إلى سقوط بغداد... واللائحة تطول.
عام 2003 للصحافة الكويتية ليس كمثله عام، بدأ بنفير حرب خارجية كبرى وامتد على إيقاع حروب داخلية صغرى. وجد الصحافيون أنفسهم في طوفان، وخالوا للحظة أن الكويت تختصر العالم بجيوشه وخلافاته ومؤسساته الإعلامية والسياسية، ومع ذلك حافظوا على مواقعهم وواكبوا الطوفان من دون أن يجرفهم.
وحارب الصحافيون في حرب العراق، بعضهم تاه في الصحارى وبعضهم تاه بين الإصابات والمعارك، وآخرون احتجزوا لفترات قصيرة واطلقوا أنفسهم بلا بهرجة ولا مساومات، لكنهم كانوا دائماً في مواقع الوثائق والخنادق والقرى والمدن التي سقطت تباعاً، يقدمون، بمعدات بدائية أو متطورة قليلاً، أكثر بكثير مما قدمه آخرون بمعدات مذهلة في حداثتها وتطورها. أما داخل الكويت إبان الحرب، فلم يكن في الشوارع إلا رجال الأمن والصحافة عند كل صافرة إنذار، وكذلك الأمر عند كل «هبوط» لصاروخ عراقي من «شرق» إلى الجهراء.
وبعد سقوط بغداد كانت الحرب من نوع آخر، حرب البحث عن الوثائق المتعلقة بالأسرى أو بأي خيط يدل عليهم، والبحث عن حقائق ما جرى ويجري في العراق، من «أسطورة» منقاش إلى سبب انهيار «رابع جيش في العالم» وصولاً إلى تكريت مسقط رأس الرئيس السابق علّ ما بين قبري أمه وأبيه يفسّر أسباب المقابر الجماعية وشهية القتل المفتوحة.
انتهت حرب العراق، وبدأت حرب الانتخابات. ارتاح الصحافيون الأجانب وبقيت أصابع إعلاميي الكويت على الزناد من دائرة النار إلى دوائر الاختيار.
وبعد الانتخابات حكومة وبعد الحكومة بيان وبعد البيان مشاريع وبرامج... ومعارك.
وحلّ رمضان، ولرمضان طقوسه الإعلامية أيضاً، إذ تصدر الصحف مبكراً ما يعني استنفاراً جديداً للتكيف مع تركيبة فريدة لا وجود لها إلا في الكويت.
وانتهى العام بمحاولات إرهابية رافقت اعتقال صدام، وبقمة خليجية هي الأولى منذ غياب صدام، وحاصرت الأسلاك الشائكة الصحافيين خوفاً منهم لا عليهم، لكنهم سلّكوا أمورهم كالمعتاد.
تجربة عام زاخر بالأحداث، وتقرير «صحافيون بلا حدود» الذي نصّبت فيه الكويت الأولى عربياً في حرية الصحافة، وعرق ودمع وتعب وإخلاص جنود السلطة الرابعة... عوامل ألبست صاحبة الجلالة الكويتية ثوب شخصية العام، ثوباً يليق بجسدها المتألق لا المتعب، ويليق بخريطة الكويت المدينة لهؤلاء بجانب من حضورها الراقي.
إلى كل زميل في كل الصحف والمؤسسات الإعلامية الكويتية، وإلى كل صحافي ومحرر وإداري وعامل مطبعة وموزع وفني... كل عام وأنتم صورة العام.
جاسم بودي