زائر طارئ أم بداية نهج؟


لا يسعنا إلا ان نشكر الحكومة التي حزمت أمرها وقررت إزالة مخالفات مزارع الوفرة خصوصا بعدما امتـــدت هذه المخالفات وتمـــددت غير مهتمة بالانتقادات وغير آبهة بالقانون.
وكان يسعنا ان نقف، كما الكثيرون، في الصف الطويل نهنئ مع المهنئين ونطبل مع المطبلين، ونمدح الاجراء وكأنه فتحٌ عظيم أو فكرة خلاقة لم يأت بها بشر ولا خطرت على بال انسان. وكان يمكننا، لولا خوفنا من المرأة، ان نتنكر وننزل الى العاصمة في كرنفال لم يسبق له مثيل فنجوب شارع الخليج ونخرج أيدينا ورؤوسنا من السيارات ونحيي أصحاب المبادرات أو المغامرات التي لا يدخلها إلا الموهوبون ولا يُقدم عليها إلا الأشداء أصحاب الجرأة والعزيمة والإقدام.
كان يمكننا ان نفعل ذلك وأكثر لولا انتباهنا فجأة الى ان ما حققته الدولة وصوّرته انجازا، ليس سوى أقل واجباتها وأدنى جهد عليها القيام به لضمان حقوقها وحقوق الناس بعد تلكؤ وطول تقصير.
ماذا نقول؟ عافاكم الله، أم صح النوم؟ نقول الاثنتين.
فأي اجراء سليم يجب ان يحظى بالتأييد ولو تأخر، أي استفاقة من سبات أفضل من الغطّ في نوم عميق تدخل معه التجاوزات أدراج النســـيان وتتحول طبيعة ثانية يتعود عليها الناس وتتعود عليها الحكومة وتتعدل لأجلها على مر الزمن القوانين.
عافاكم الله، رغم ان مخالفات قسائم الشويخ ماثلة للعيان، ورغم ان مخالفات التوسع في الشاليهات البحرية لا تحتاج إلى دليل. ورغم ان عملية ازالة مخالفات الجواخير الشهيرة في الصليبية توقفت عند اول صرخة احتجاج من صاحب مصلحه، وعافاكم الله رغم كل التستر على المخالفات الكبرى والمخالفات الصغرى ونهج المخالفات.
تشكر للحكومة مبادرتها في الوفرة. لكن هذه «السابقة» يجب ألا تبقى يتيمة، ويفترض ان تشكل بداية لانتهاجها اسلوب الحزم والصرامة في تطبيق القانون. وهو أقل ما يمكن ان تقدمه للمواطن العادي وللشعب الذي يتطلع الى تثبيت سلطة المؤسسات على حساب الأفراد والنافذين والمستفيدين. ولعل تطبيق القانون في الوفرة يشكل إطلالة لنهج حكومي جديد قوامه الجدية وعدم التمييز والتخلي عن سياسة غض الطرف ومراعاة الأشخاص وحساسيات الجماعات. فلا القضية تتعلق بشأن وطني جلل لتبرر الحكومة فيها الليونة، ولا تتعلق بالوحدة الوطنية لنقول ان مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ولا تتعلق بتهديد خارجي لكي نتوحد جميعا ونستنفر قدراتنا وننحّي جانبا صغائر الأمور.
أهم من إزالة مخالفات الوفرة ألا تكون المزارع كبش محرقة في بازار الانتخابات والمزايدين من النواب والمرشحين.
وألا يكون القانون الذي طبق في الوفرة زائراً طارئا أو ضيفاً ثقيلاً، وعلى أي حال نشكر الحكومة، ويشكر معها هذا التعاون الذي تحدثت عنه مع مجلس الأمة لإزالة المخالفات. وأدام الله الوفاق. لكن أين تتمة الموضوع؟ من ارتكب المخالفات؟ وبماذا سيعـــاقب؟ ومن تهاون في تطبيق القانون؟ ومن وراء هؤلاء وأولئك؟
أسئلة وفيرة نوفرها للحكومة المقبلة ولن تزيلها إزالة مخالفات الوفرة.
الرأي العام