الكويت ليست حجر عثرة


تؤكد زيارة الرئيس حسني مبارك حرص مصر على استمرار التشاور والتنسيق بينها وبين الكويت، وبينها وبين دول الخليج عموما. وهي بطابعها الفجائي تذكر بعمق الروابط بين الشعبين الكويتي والمصري، وانها زيارة من صديق لصديق بل من أخ لأخيه. ولا ضرورة لتكرار الكلام عن مشاعر الود والإخوة التي تربط بين القاهرة والكويت. فهي ترسخت منذ استقلال الكويت وتعمدت بأخوّة السلاح إبان تحرير البلاد من الغزو الغاشم. وهي تتجاوز المصالح الآنية المباشرة لتدخل في وجدان الشعبين.
الأكيد ان زيارة رئيس مصر للكويت مهمة في أي وقت حصلت. وهي أمس اكتسبت أهمية أكبر، لأنها تأتي في ظروف إقليمية حساسة خليجيا وشرق أوسطيا. وعناصر الشراكة في الحساسية كثيرة وتتجاوزها أحيانا الى شراكة في التصور للمستقبل وشراكة في المصير. فلا يمكن تثبيت سلام عربي ـ إسرائىلي دائم من دون أن يلعب الخليج دورا فيه من حيث شد أزر المطالبين بالسلام العادل والشامل، أو من حيث أخذ المبادرة الشجاعة الى خطوات السلام حين يستدعي الأمر ذلك. مثلما لا يستطيع الخليج ضمان أمنه وتحصين كياناته تجاه الأطماع من دون مواقف عربية شرق أوسطية داعمة إما مباشرة أو في شكل غير مباشر. ومصر هي الأَوْلى في لعب هذا الدور كونها الأكبر حجما والأكثر صدقية والأفعل دورا في تلك المنطقة.
واضح ان جولة الرئيس المصري الخليجية تندرج في إطار لمّ الشمل العربي ورأب الصدع. وهو صدع لم يكن يوما بهذا الحجم لولا جريمة نظام بغداد في حق الكويت وكل العرب. والمهم في هذا الاطار، وبعد سبع سنوات من الغزو والحصار ورفض النظام الحاكم في العراق الانصياع الكامل للقرارات الدولية، ان توضح الكويت للإخوة العرب أنها مع لمّ الشمل العربي، ومع رأب الصدع، وتناصر كل ما يجمع، وترفض كل ما يفرق، وانها ليست حجر عثرة أبدا في طريق الوفاق العربي. لكن للوفاق شروطا، لا تطالب الكويت بأكثر من الحد الأدنى المنطقي منها. وأهمها أن تتوقف لعبة الكذب والخداع والتذاكي اللفظي، وأن يتم الانطلاق من الواقع والمصالح، ومن الشرعية الدولية خصوصا، ومن قرارات الجامعة العربية ومواثيقها، ومن احترام الكيانات وعدم التحفز للقفز فوقها وعليها تحت أي حجة كانت. ولا تعجيز في هذه الشروط بل تذكير بأخلاق الدول المتحضرة وأصول الجيرة والتعامل الإنساني. وهنا تكون الكويت في طليعة الساعين الى وحدة الموقف، وعلى رأس المبادرين الى أي اجتماع على أي مستوى لتعزيز الطرح العربي وتحصين الموقف في مواجهة الأطماع، سواء أكانت في الشرق الأوسط أم في الخليج.
والرئيس مبارك في هذا الاطار سبّاق في الدعوة الى التخلي عن أوهام التاريخ وعفن المفاهيم والتأسيس للغة حضارية تليق بمجتمع عربي حديث يدخل نحو القرن الواحد والعشرين.
رئيس التحرير