كوارث المرور مسؤولية الداخلية

تصغير
تكبير
من المناسب بعد جدالات مجلس الأمة العقيمة وتلهي كثيرين في مواضيع يعلمون مسبقاً أن لا طائل منها مهما كثرت التواقيع، ان نركز اهتمامنا ولو قليلاً على موضوع حياتي أساسي بات يشكل ظاهرة شاذة في بلدنا. وهي ظاهرة حوادث المرور التي تودي يومياً بأشخاص في ريعان الصبا أو بأعزاء يعتبر فقدهم خسارة جسيمة لأهلهم وأبنائهم ولمجتمعهم. صحيح ان لا رد لقدر مكتوب. لكن الصحيح ايضاً ان واجب الإنسان الاحتراز وإعمال العقل للمحافظة على نعمة الحياة التي وهبنا إياها الله. من دون لف ودوران نقول ان المسؤولية الأولى ملقاة على كاهل وزارة الداخلية المسؤولة مباشرة عن موضوع المرور. وبكل وضوح، فإن في يد الوزارة ما يجعلها، لو أرادت، قادرة على خفض نسبة الحوادث وتجنيب عائلات كثيرة اللوعة والحزن. وفي الوقائع، فإن مفارقات الوضع المروري عندنا مثيرة للاستغراب. إذ لدينا واحدة من أحدث شبكات الطرق في العالم وطبيعة جغرافية مفيدة في هذا المجال. فلا جبال ولا وديان ولا منعطفات خطرة. أما السيارات فهي الأحدث في العالم من حيث متوسط أعمارها. كذلك الدوريات وسيارات الشرطة فإنها تجوب الشوارع بكثافة لافتة. ورغم ذلك نجد لدينا أعلى نسبة وفيات في العالم في حوادث المرور قياساً على عدد السكان وأعلى معدلات حوادث. أليس في ذلك ما يدفع الى السؤال عن الأسباب وعن الوسائل للمعالجة؟ لا شك أن هناك مشكلة في القانون يجب على النواب الكرام الالتفات إليها. فالحد الأقصى لعقوبة من تسبب بالقتل في حادث مرور هو ثلاث سنوات من السجن مع ان بعض الحوادث ليس قضاء وقدراً بل ناجم عن تهور ورعونة واستخفاف مقصود بقوانين المرور وتجاوز الإشارات الحمر والسرعة القصوى وتأثير الخمر. وفي هذا السلوك احتقار للقانون وتطبيقه من جهة وغياب للثقافة المدنية من جهة أخرى. وفي الحالتين تقع مسؤولية التشدد والرقابة والتوعية على وزارة الداخلية. لا أحد ينكر أن الوزارة تقوم بواجبها بكفاءة في النواحي الأمنية وخصوصاً في مكافحة الجريمة. لكنها بصراحة لم تؤد دورها في ما يتعلق بحياة المواطنين ودمائهم المعرضة للسفك يومياً على الطرقات. ولا يطلب المواطنون من طاقم الداخلية إذا كان لا يستطيع ضمان حياتهم من حوادث المرور وتعديات المخالفين إلا ان يستقيل ويفسح في المجال لطاقم جديد يتولى مهمة التوعية وتطبيق قوانين المرور من خلال الحزم من جهة، واستحداث خطة جديدة وخلاقة من جهة أخرى. لقد مللنا مناشدة وزارة الداخلية والمسؤولين معالجة قضية المرور والحوادث القاتلة ومللنا أسابيع المرور والصور على صفحات الجرائد وسئمنا المجاملة وتعليق الأنواط وحان الوقت للعمل الجدي. ولعل سخرية القدر تجعلنا نسأل بجدية: نحن الذين وقعنا اتفاقات أمنية مع الدول الكبرى لحماية حدودنا، لماذا لا نوقع اتفاقاً مرورياً مع دولة متحضرة من أجل حماية أرواح أبنائنا على الطرقات؟ لعل في هذا التساؤل ما يدفع الى العمل أو إلى ترك الآخرين يعملون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي