اكتمال التعاون... والنصاب


حان الوقت من دون أدنى شك لتوضع مسألة حضور البحرين القمة الخليجية على نار حامية في اتجاه إقناعها بالمشاركة الكاملة.
فجهود الدول الخليجية كلها التي توجت بزيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمنامة لا يمكن ان تواجهها البحرين بالصدود، ولا يمكن إلا ان تلقى آذانا صاغية من المسؤولين في هذه الدولة.
وليس في حضور البحرين القمة الخليجية غض نظر عن ملف الخلاف مع دولة قطر، أو محاولة للقفز فوق هذا الخلاف. لكن الحضور في حال حصوله يعبر عن قدرة على فصل القضايا الثانوية عن القضايا الأساسية أو فصل المهم عن الأهم والتعامل مع كل قضية على حدة، فلا تنعكس كل قضية مهما كبرت على ثوابت العلاقات ولا على مصلحة البلدين العليا.
وبغض النظر عن مسائل الخلاف العالقة بين قطر والبحرين والتي لا يستحيل حلها، فإن المصلحة البحرينية ومصلحة مجلس التعاون الخليجي تقتضيان ان تتعامل المنامة بروح أكثر إيجابية مع الوساطات، وان تستوعب ان المشاكل مهما كبرت مع الدوحة فإنها تبقى مشاكل بين أشقاء لا يجوز تعقيدها، وممنوع تصعيدها، ولا مفر من حلها والوصول بها الى نهاية سعيدة كونها محكومة أولا وأخيرا بالوفاق والاتفاق.
وللبحرين وقطر على السواء مصلحة أكيدة في حل الخلافات بينهما، ليس لأسباب عاطفية فقط، بل لأسباب موضوعية تفترض اللحمة بين سائر دول مجلس التعاون وتفترض ان تتمتن العلاقات بطريقة تحول دون اختراقها.
فغير خافٍ على أحد ان محاولات التخريب التي جرت في البحرين يمكن ان تحركها أيادي السوء في أي وقت على رغم متانة الوضع الداخلي البحريني، وقدرة أجهزة الأمن على ضرب هذه المحاولات، وإفشال مخططات الفتنة. ولا ضرورة للتذكير بأن البحرين وقطر وسائر دول مجلس التعاون لاتزال في مرحلة النقاهة من آثار الغزو العراقي، ولاتزال عرضة لمثل أعمال التخريب والارهاب التي ضربت في الرياض والخبر، مثلما لاتزال تعاني تعديات على سيادتها ومطامع فيها، والجزر الإماراتية الثلاث المحتلة أبلغ دليل على ذلك. ومثلما يستدعي الوضع الاقتصادي في البحرين مزيدا من التنشيط والدعم لمواكبة حاجات المجتمع البحريني والشباب المتطلع الى فرص العمل، فإن وضع قطر الواعد يستطيع ان يشكل دعما لأشقائه في إطار التعاضد ضمن مجلس التعاون.
وباختصار، فإن حل الخلاف البحريني ـ القطري مطلب داخلي وخليجي عام يستدعي تضافر الجهود للوصول اليه من أجل مصلحة البلدين ومصلحة دول مجلس التعاون. وأول خطوة الى حل الخلاف هي الامتناع عن مراكمة الخلافات. وبالتالي فإن أقرب الطرق اقتناع البحرين بضرورة حضورها القمة الخليجية حضورا فاعلا، الأمر الذي يمهد لحل الخلافات الحدودية بروح ودية وأخوية.
لا جدل في ان القمة الخليجية تنعقد في وقت نحن في حاجة الى جميع جهود قادة مجلس التعاون للتركيز على الوضع الإقليمي، خصوصا في العراق وشماله، وعلى مستقبل المنطقة وما يخطط لها، وعلى التعاون من أجل التنمية، ومن المؤسف ان تبقى قضية حضور البحرين عالقة وان يضيع الوقت في زيارات هدفها الأساسي تأمين اكتمال النصاب بدل اكتمال التعاون.
رئيس التحرير