مجلس الأمة... المسؤولية والسرية

تصغير
تكبير
جلسة المجلس اليوم، عقدت سرية، أم علنية، لا فرق، ليس لأن التسريب عادة ولا لأن الديرة مكشوفة، بل للأسف لأن مضمون النقاشات أقل فعلاً مما يفترض ان يرقى الى مستوى السرية. والسرية هدفها الأساسي حفظ خصوصية الدولة وحماية المواضيع الحساسة من إغراء المزايدات وعبث الكلام الانتخابي الممزوج ببشاعة الادعاءات اللفظية. لا تكفي السرية لاضفاء أهمية على ما يتم تداوله، ولا العلنية عنصر كاف لتحقيق الاتزان والتوازن في الطروحات. إنها في الواقع قضية مستوى النقاش وطريقة تناول المطروح وأسلوب معالجة الموضوع، وهي مسائل لم يبرهن المجلس منذ انتخابه حتى اليوم على قدرة للتعامل معها بالقدر المطلوب وبالتناسب الضروري. قد يعتقد النواب الكرام ان المواطن الكويتي يلتذ بمشاهدتهم ينسجون الكلام ويعلقون على أي شيء ويهاجمون الصحافة والصحافيين ويتحدثون عن مستقبل البلاد وعلاقاتها ويتبادلون المدائح، وربما ظن بعضهم ان خروجه عن الكلام العاقل الحكيم مدعاة فخر لأبناء دائرته واعتزاز وطني، غير ان الواقع ليس كذلك. فالمواطن الكويتي سئم الكلام ويتوقع الأفعال. يتوقع حلولاً على المستوى الاقتصادي ومعالجات جادة على المستوى الأمني وتدخلاً حاسماً لإجتثاث ظواهر الفساد والافساد والهدر والرشوة وكل ما يجعل البلاد تنزلق في هوة التخلف، مثلما يطلب المواطن أن يرقى بمؤسساته الى مستوى الدول المتحضرة وأن يطمئن الى غده والى من يخطط مستقبله ومستقبل أبنائه بعيداً عن ألاعيب السياسات الصغيرة وأنانيات المنفعة. أكيد ان معالجة بعض القضايا الحساسة على المستوى الوطني تحتاج الى قدر من السرية لاضفاء الجدية على أجواء المعالجات، مثل قضية «البدون» أو أي قضية تتعلق بالأمن الوطني، غير ان الأساس في الموضوع ليس الاحتجاب وراء الأبواب، ولا الهمس بدل الصراخ، بل القناعة المشتركة بين المجلس والحكومة بأن مصلحة البلاد تقتضي التفرغ للأساسيات والتوقف عن هدر الوقت، واتخاذ القرارات الجريئة بدل التلكؤ والتردد. كل ذلك لا يعني جواز ان تتحول الجلسات السرية الى عادة يمارسها المجلس بالتوافق مع الحكومة لئلا تغري بالتواطؤ، فتمر القرارات في غفلة عن الصحافة وأعين الناس. والأكيد ان التصرف بتجرد ومسؤولية يغني الى حد كبير عن الرغبة الجامحة في السرية. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي