بـــرلمـــان قــطــــر تبعونا و... سبقونــا

تصغير
تكبير
مبروك لقطر، بل مبروك للخليج ولكل شعوبه، دولة جديدة فتية تأخذ قراراً خطيراً وأساسياً، قرار انشاء مجلس منتخب يكرس مشاركة الشعب القطري، ويفتح الباب امام مفهوم جديد للممارسة السياسية في المنطقة. لم يكن مفاجئاً اعلان الشيخ حمد بن خليفة تشكيل لجنة لوضع دستور دائم لقطر من أولى مهماته التحضير لبرلمان مُنتخب، فكل ما يحصل في الدوحة يدخل في باب الاختلاف والتمايز، ولو اندرج أحياناً في إطار المفارقات، فالحكم قوي ورحيم، والصحافة حُرة وحارَّة، والديبلوماسية واقعية واقتحامية، لاشيء يشبه نموذجاً ثابتاً، والخليط هو نموذج قطري فريد في الوقت الراهن، وفي هذا الجمع بين الماء والنار تجربة ومخاض، أول الغيث فيه إنجاز كبير يستحق التقدير والثناء. منذ انتخابات المجلس البلدي في قطر، بدا أن شيئاً جديداً ومختلفاً يحدث في هذا البلد، لا يُختصر بفضائية مثيرة، ولا بمؤتمر دولي يتسبب بانقسامات، وتأكد بالأمس أنه توجه ثابت لإرساء قاعدة للديموقراطية، تقوم على الانتخاب الحر المكفول من دستور دائم وثابت، ينقل البلاد إلى المستقبل وينسجم مع متطلبات العصر والتطور، والخطوة القطرية نقطة تفاؤل بيضاء في وسط بحر التشاؤم المهيمن على الأمة العربية بسبب تجاربها مع حكم الديكتاتوريات او الديموقراطيات المزيفة، ولا شك ان قرار إنشاء برلمان مُنتخب وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية سينعكس إيجاباً على قطر، وهو سيؤدي الى مزيد من الاستقرار والازدهار الاقتصادي المعبر عن نمو البلد والجاذب للاستثمارات، وهو بالتالي سينعكس على مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية، ويضع الإنسان القطري أمام تحديات جديدة يفرضها الفضاء الجديد ومسؤولية الاختيار وأهمية المشاركة. قطر أمام واقع جديد، وقرار إنشاء دستور دائم خطوة تاريخية ستسجل في سجل الشعوب الخليجية جمعاء، لكن من حقنا نحن في الكويت بعد عقود من التجربة البرلمانية ان ننبه ونحذر من باب الحرص والأخوة، فبمقدار ما نحن فخورون بتجربتنا بمقدار ما نخشى ان يتم اخذ الجانب المظلم منها، فتجربة الكويت مثالية في الخليج وربما في العالم العربي كله من حيث احترام الدستور ونزاهة الانتخابات وانعدام التزوير، لكن في هذه التجربة اخطاء نتمنى ان يتلافاها اخواننا في قطر مستقبلاً، وأبرزها الشد والتجاذب المستمران بين المجلس والحكومة بما يتجاوز الحدود المتعارف عليها وأصول اللعبة الديموقراطية البرلمانية الى شخصانية ونفعية وانتهازية ضيَّعت كثيراً على الكويت ويخشى الكويتيون ان تضيِّع الكويت. في الحقيقة لم نستغرب نحن في الكويت قرار الشيخ حمد، بل كنا نتوقع ان يعلن في وقت من الأوقات، لكن الأخوة في قطر يخبئون دائماً مفاجآت، ظننا أنهم سيتبعوننا في الترشيح والانتخاب، فسبقونا إلى إدخال حق المرأة في أن تدلي بصوتها وتصير ممثلة عن الأمة، ولعل في هذا السبق الخليجي قدوة لنا، تثير إعجابنا وتحضنا على التخفيف من غلواء التباهي بتجربتنا الديموقراطية إذ لا تزال تتطلب الكثير، ونحن وقطر يد واحدة على طريق تطوير تجاربنا وأنظمتنا وتحقيق طموحات شعبنا، فمبروك لنا جميعاً ومبروك لقطر. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي