حقوق المرأة... وأخواتها؟

تصغير
تكبير
تستيقظ الكويت اليوم على مشروع جديد تقدمه الحكومة لإعطاء المرأة حقها في التشريع والانتخاب، مشروع لم يكن من باب المصادفة صدوره في اليوم نفسه لصدور المرسوم الأميري قبل خمس سنوات، وكأن الحكومة تريد أن تؤكد مجدداً أن خطوتها لم تكن بضغط خارجي والدليل أن صاحب السمو طرح الأمر قبل الحرب الأميركية على الإرهاب وقبل «هراوة الاصلاح» الدولية. ولم يكن أيضاً من باب المصادفة أن المشروع أعلن بعد كلمة رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد في ندوة «المنطقة والمستقبل» التي حدد فيها أن إصلاح الداخل الواضح والمعروف والمنسجم مع قيمنا أفضل من إصلاح الخارج مهما خلصت نياته أو ساءت. ولم يكن أيضا من باب المصادفة أن المشروع اعلن في مطار الكويت وقبل توجه الشيخ صباح إلى جدة للمشاركة في القمة التشاورية لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو المجلس الذي يخوض مجددا تحدي البقاء والتضامن والاصلاح والتقدم... والحفاظ على مقعد في النظام الدولي. ولكن - والتجارب علمتنا اللجوء دائما إلى الـ «لكن» - لا بد من جملة نقاط نظام يسمح تبلورها بفتح الطريق أمام تفاؤلنا أو... تشاؤمنا. فمن نافل القول الخوض في تقدمية ورجعية أو أحقية وعدم أحقية هذه الخطوة، فهي استحقاق بدهي سبقتنا إليه دول كثيرة (كنا سبقناها في كل شيء) وطبقتها مجتمعات إسلامية في سعيها المستمر إلى التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والإسلام من أكثر الأديان تكريماً للمرأة، بل لنقل إنه شكل ثورة حقيقية بالنسبة إلى حقوقها ارتقت بها إلى مصافات إنسانية متقدمة، وإشراكها في العملية السياسية تحريك لجزء أساسي من المجتمع وتفعيل لدورها الإنساني وعطائها في كل مناحي الحياة. لذلك نأمل أن يأخذ معارضو الخطوة (مع الاحترام الكامل لهم ومن دون الانتقاص من آرائهم) هذه الافادة المجتمعية في عين الاعتبار فلا يتمترسون خلف اجتهاد واحد أو يعتبرون المشروع بندا خلافيا في مسيرة السجال مع الحكومة، وحبذا لو تعاملوا معه بنظرة مستقبلية في قاعدة الاستفادة المثلى من الطاقات والقدرات. وعلى الضفة الحكومية، نأمل أن يكون المشروع خطوة في رحلة إصلاح حقيقية، لا مناورة في سجال على دوائر الانتخابات وضوابط الحفلات، أو ورقة في لعبة الشد والجذب مع هذه الكتلة أو تلك. بمعنى آخر، لا نريد المشروع «تحويلة سياسية» على قاعدة «اعطيك وآخذ»، فقد آن الأوان لتخرج مواضيع التنمية من سوق البورصة السياسية المرحلية. مشروع الحقوق السياسية للمرأة (أو غيره) لن يستقيم تنفيذه ويحقق غاياته إذا لم يكن جزءاً من دائرة أوسع تشمل الارتقاء بالحياة السياسية شيئاً فشيئاً في اتجاه بناء أسس ثابتة لمجتمع مدني حقيقي تظلله الحريات وتصونه المؤسسات ويفسح في المجال لقيام أحزاب وطنية لا طائفية ولا قبائلية ولا عرقية، أحزاب بقانون عصري يضمن ان يكون ولاؤها للكويت والكويتيين وتنميتهم ومستقبلهم... بمعنى آخر نريد هذه المشاريع خطوة أولى على طريق بناء إمارة دستورية. ما حصل بالأمس اختبار جديد لكل القوى الكويتية للتقدم خطوة أخرى في اتجاه التنمية والحريات والديموقراطية، وعلى رأس هذه القوى الحكومية التي تواجه امتحانا جديدا على مستوى القرار... فهل تنجح؟ جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي