عامٌ على «الرأي العام»


في مثل هذا اليوم من العام الماضي صدرت «الرأي العام» جديدة متجددة. ومنذ ذلك الحين وهي تسعى إلى تلبية طموحات القارئ الكويتي والعربي في الحصول على جريدة حرة، تحترم القارئ، وتعلي شأن المهنة، وتهدف إلى التطوير.
لن نمدح أنفسنا، ولا نتوهم أننا وصلنا إلى كل ما نريد، لكننا نفتخر حتماً بما حققناه، وأوله تقدير القارئ لنا، واعتقاده الأكيد بمصداقيتنا وحرصنا على التعامل معه بكل جدية ومهنية تاركين الأخبار تتحدث عن نفسها، والآراء تعبر عن أصحابها. وفي مسيرة العام عثرات وهفوات هي من طبيعة العمل اليومي ونسعى إلى تداركها، لكن نحمد الله أن ليس هناك خطايا ولا سقطات، وفي أي حال نتوخى تفهم القارئ.
وإذا كان لا بد من جردة لما حققناه فإننا نقول، وبثقة تامة واستناداً إلى دراسات مختصين بأننا لسنا بعد أول جريدة في التوزيع، ولا أول جريدة في الاعلان، لكننا الجريدة الأحدث صدوراً والأكثف حضوراً والأسرع انتشاراً ونمواً والأكثر شباباً وحيوية. ولأن الصحافة ليست تمريناً شفوياً بل فعل خطي فإن احداً لا يستطيع ادعاء ما ليس فيه. فـ «الرأي العام» في الأشهر الاثني عشر الماضية صارت متداولة على نطاق واسع بين الكويتيين والعرب، وباتت خبزا يومياً لعائلات كثيرة، وضرورة لأصحاب القرار والمختصين والاقتصاديين والرياضيين وسائر فئات القراء. وهي، ببساطة تدعمها الوقائع والملفات، كانت أكثر جريدة عربية، وليس كويتية فقط، نقلت عنها وكالات الأنباء العالمية السبق الصحافي والأخبار.
وأكثر ما نعتز به أن «الرأي العام» أعادت الحضور الكويتي الإعلامي إلى الساحة العربية بعدما تقلص هذا الحضور بسبب الغزو ومفاعيله، مثلما نفتخر بأن تنقل صحف عالمية عريقة مثل «هيرالد تريبيون» و«صنداي تايمز» أخباراً عنا. هذا كي لا نذكر الكم الكبير من الأخبار والعديد من الافتتاحيات التي نقلتها كاملة صحف خليجية وعربية بل وكالات الأنباء الدولية.
وإذا كنا نذكر بعض ما حققناه فلأننا نعتقد بضرورة ان تظهر هذه الحقيقة للقارئ العادي، صديقنا الدائم، ولا تبقى حكراً على الصحافيين والمختصين. فنحن جريدة لعموم الناس، نعبِّر عن همومهم، ونتشارك معهم في قضايانا وقضاياهم، وقضيتنا الأساس أن نقدم جريدة محترمة وذات مستوى، تتميز بالمادة الصحافية، وبالشكل، وبالموقف السياسي الصادق والجريء.
صحيح ان «الرأي العام» محايدة في الأخبار، لا تؤدلجها، ولا تطوعها لأهداف تبشيرية، لكنها صاحبة موقف جديد ومتماسك وصلب. والموقف لا يعني الانحياز إلى طرف أو أطراف، بل هو ثوابت سياسية وفكرية تؤكد عليها الجريدة دائماً في افتتاحياتها. فهي مع الكويت وطناً يجب العمل على اعلاء شأنه وتطوير بنيانه وتثبيت كيانه في وجه الطامعين والأعداء، وهي مع الوحدة الوطنية، تعبر عن نفسها في ظل ديموقراطية وحريات سياسية تستظل بالشرعية وبصاحب السمو أمير البلاد رمز هذه الشرعية.
وإذا كانت «الرأي العام» محايدة شعارها الأمانة في نقل أحداث ديرتنا وحسناتها وسيئاتها، فإن «الرأي العام» ليست محايدة حين يتطلب الأمر موقفاً ضد الفساد والهدر وإضاعة الفرص والجمود والتأرجح والتردد، أو حين يتطلب الأمر التصدي لشوائب في مجتمعنا من انحلال وادمان ونزعات عنصرية، أو تعديات على حقوق الإنسان مهما كانت قليلة.
أما خليجياً، فـ «الرأي العام» دعت طوال العام المنصرم إلى أرفع مستوى من التنسيق بين دول مجلس التعاون في كل الميادين والى احترام الخصوصيات وحل المنازعات بأرقى الطرق وأكثرها تفهماً وتفاهماً، وتعتقد صادقة بأن مسيرة مجلس التعاون تحتاج إلى دفع وتفعيل وان لا بديل من التكتل الخليجي الذي يعطي قوة ومناعة لسائر الدول الخليجية وكياناتها.
وفي ما يخص الموقف العربي العام فإن «الرأي العام» أكدت وقوفها مع الحق العربي ومع السلام العادل والشامل، وترى أن القدس يجب أن تبقى قضية أولى للمسلمين والعرب والعالم لمنع تهويدها والحؤول دون فرض الأمر الواقع عليها. كذلك تؤكد الجريدة من دون لبس أنها مع الكفاح العربي العادل لتحرير أي أراض محتلة محترمة قرارات كل دولة عربية وتوجهاتها. وهي في الوقت نفسه ترفع الصوت عالياً ضد كل أشكال الإرهاب وأي سلوك يتناقض مع الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
هذه هي «الرأي العام» لمن لا يزال يسأل عن موقفنا، وهذا دستورنا ورائدنا في العمل الصحافي. وتشجعنا هذه المواقف على افساح المجال واسعاً لكتابنا من كل الاتجاهات للتعبير عن آرائهم وعن آراء شرائح من مجتمعنا تشاركهم أفكارهم. لذا تظهر في الجريدة آراء متناقضة وسجالات على قضايا سياسية وطنية وعربية ودولية، وعلى قضايا اجتماعية وثقافية محلية وعالمية، تثري النقاش وتساهم في تسليط الضوء على المسائل المطروحة. و«الرأي العام»، بعد عام على ولادتها الجديدة، تتطلع إلى المستقبل وتخطط لتطوير في مختلف المجالات ولاستمرار السعي الى السبق الصحافي والتغطية الرصينة والمادة السلسة لتصل إلى كل فئات القراء كباراً وصغاراً وخصوصاً إلى الشبيبة الكويتية كونها حاضرنا الحيوي وذخر مستقبلنا.
وتعاهد «الرأي العام» القارئ على متابعة خطها، فتعبر عن همومه وآرائه وتطلعاته، وتعاهد الكويتيين جميعاً على أن تبقى عنصراً مساهماً في تحقيق اللحمة الوطنية وفي التعبير عن الهم الوطني العام لتحصين بلدنا وتعزيز كياننا وتحقيق عزتنا وتطوير ديموقراطيتنا.
رئيس التحرير