الحل في الديموقراطية الكاملة

تصغير
تكبير
قبل أي كلام، نشد على يد كل مواطن طالبين اليه الصبر على ما يحصل وتحمل نصيبه من ثمن ندفعه جميعاً نتيجة تضارب المصالح وهيمنة الانفعال وتقديم الشخصي على العام. وليس هذا هجاء لمن تسببوا بالأزمة الأخيرة، ولا تنديداً بأبطال الصراع، بل تعزية للمواطن يطوي الأيام منتظراً خطط التطوير وتحصين البلاد على كل المستويات فيفاجأ بما نعانيه. حان وقت القول ان المشاكل والخلافات التي تواترت خلال السنتين الماضيتين دليل إلى خلل جوهري في النظام السياسي يجعل العلاقة بين السلطتين علاقة تصادم تمنع حصول تعاون سليم تُحل الخلافات تحت سقفه. وأسباب الصدام متنوعة بتنوع الأهواء وليس المواضيع، من استجوابات، إلى مشاريع قوانين مرفوضة وأداء حكومي عاجز، إلى محو الحدود بين صلاحيات كل من السلطتين. كلها أسباب تحوّل الحياة السياسية إلى حلبة لا تنتهي حفلة المصارعة فيها الا بنزف يصيب جميع الأطراف، وأولها الخاسر الأكبر، الوطن والمصلحة العامة. فقرارات الحكومة وتصرفاتها صارت منذ فترة طويلة ردود أفعال. وأعضاء المجلس الكريم يتحركون في معظمهم ضمن دائرة المصالح الشخصية أو الحسابات الانتخابية أو النوازع الفئوية. في حين ان واجب السلطة التنفيذية المبادرة إلى العمل وواجب السلطة التشريعية ممارسة دورها الطبيعي في الرقابة. فلا عجب بعد ذلك أن تتدهور الحياة السياسية ويترنح الاقتصاد بعد ريادة في المنطقة. وتتقلص الخدمات بأنواعها، حتى كاد مصطلح دولة الرفاه يضمحل في وقت نكاد نوقع أنفسنا في فخ التفرد والحصار. لكل ذلك، وبدلاً من التفكير في أي حل للمجلس، لا بد من وقفة شجاعة نعاود من خلالها تقويم تجربتنا الديموقراطية ونرى هل ما كان صالحاً للكويت العام 2691 حين أُرسي الدستور هو الأصلح لكويت نهاية التسعينات وبداية الألفية الثالثة؟ ويجب ألا نخاف من السؤال: هل التجربة الديموقراطية كما مارسناها هي الشكل الأمثل للنظام السياسي؟ وهل نضجت ظروفنا بما فيه الكفاية لنتحمل نتائج التجربة بسلبياتها وايجابياتها ونطالب بالمزيد؟ وهل بذلنا كل جهودنا لانجاح التجربة أم تمسكنا بالقشور بلا ادراك ان العملية الديموقراطية جهد متواصل وبناء مستمر يتطلب أفكاراً جديدة تطور الممارسة؟ قد لا يروق هذا الكلام لبعض المستفيدين من الوضع الحالي. وربما اتُهمنا بالدعوة إلى تقويض الديموقراطية وتحجيمها، لكن ذلك لن يحول دون واجب طرح الأسئلة الجوهرية ومناقشة الأساس مثلما نناقش الأسلوب والتطبيق، خصوصاً ان السياسة ليست حقائق نهائية ولا وصفات جاهزة. لذا بات ضرورياً أن يعاود عقلاء البلد من كل الفئات اللقاءات بعيداً من الضغوط لتقويم الحياة السياسية والتجربة الديموقراطية واقتراح ما يرونه مناسباً لتطويرها وتعميقها وتطبيق المزيد منها بما يتناسب وظروفنا. وهؤلاء يستطيعون طرح الأسئلة وفتح الآفاق على احتمالات التغيير بلا هواجس أو خوف من أضواء دولية أو إقليمية مسلطة علينا. فنظامنا السياسي وديموقراطيتنا هما شأننا وخاصتنا في المقام الأول. ولا بد من وقفة حاسمة خصوصاً حين تتحول الديموقراطية ترفاً يمارسه المترفون أو لعبة يحولها الانتهازيون ألاعيب. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي