قمة ناجحة وتقدير مزدوج


على قدر خوفنا على القمة قبل انعقادها جاء سرورنا بنجاحها وبالتضامن الذي عبرت عنه دول مجلس التعاون مجتمعة في بيانها الختامي إزاء الأخطار التي تهدد أمن الخليج وإزاء التحديات المطروحة على هذه الدول.
وتخرج الكويت بين هذه الدول بتقدير مزدوج، أوله لأنها أقنعت أشقاءها بصواب وجهات نظرها في أمور عدة وخصوصا في ما يتعلق بالشعب العراقي وبالنظام الحاكم في بغداد، فجاء البيان الختامي في هذا الصدد شديداً وحليماً، حاسماً وحانياً. وثانيه وهو أهمه، تقدير وعرفان لشخص سمو الأمير ولقيادته الحكيمة لوفد البلاد من أول خطوة خطاها الى المؤتمر حتى عودته.
ولو أخذنا فقط كيف تعامل سموه مع الصحافة من خلال رؤساء تحرير الصحف الكويتية المرافقين في الوفد الرسمي لعرفنا مدى العلاقة المميزة التي تربط الأمير بشعبه ومدى المكانة التي يكنها لممثلي الرأي العام الكويتي ومدى تعلقه بديموقراطية الكويت الفريدة في الخليج بل في العالم العربي.
ومن هذا الإيمان بالديموقراطية وبالعلاقة المميزة بين سموه والشعب مباشرة وعبر ممثليه المنتخبين أو نُخبه المعبرة عن قطاعاته المختلفة جاء اقتراحه على قمة الدوحة بأن يتم تدعيم مجلس التعاون بممثلين لشعوب المنطقة على أساس ان تختار كل دولة مرشحيها بأسلوبها لتتشكل هيئة هي أشبه بمجلس شورى خليجي يلتئم للتشاور والتباحث في ما يهم مصلحة الخليج وأهله. وهو الاقتراح الذي طالبت بمثله «الرأي العام» في افتتاحيتها السبت الماضي والذي لقي موافقة مبدئية من دول المجلس. ويُشكر سموه على الاقتراح وعلى إصراره على إضفاء مزيد من المشروعية التمثيلية والشعبية على مجلس التعاون، فهو عرض الفكرة في قمة مسقط في العام 9891 لكنها لم تلق التجاوب المطلوب في حينه فعاود الكرّة ونجح. ولا عجب ان تأتي خطوات التطوير من قِبل سمو الأمير، فهو أصلاً كان وراء انشاء مجلس التعاون وأول من بادر الى ارساء أسس هذا التجمع الاقليمي بالتشاور والتعاضد مع سائر القادة الخليجيين.
نجحت الكويت ونجحت القمة بكل المقاييس. وإذا كانت دول المجلس كلها تُشكر على مساهمتها في إنجاح المؤتمر وتجاوزها الغياب المؤسف للبحرين، فإن قطر تُشكر على استضافتها الكريمة للمؤتمر وللوفود وللإعلاميين. ويُشكر أمير قطر على دوره الفاعل في وصول القمة الى القرارات المتوازنة التي صدرت عنها والتي تحفظ مصلحة الجميع وتعمق الوحدة بين دول المجلس تجاه قضاياها الرئيسية. وفي المناسبة تقدير لشجاعة الدولة القطرية التي تجاوزت خطأ انسحابها من قمة مسقط. فبالشجاعة نفسها أمكن تلافي صعاب قمة الدوحة وتأمين النجاح لها.
ليس نجاح القمة نهاية المطاف، فدول المجلس مدعوة الى متابعة قرارات القمة ومتابعة التنسيق في كل المسائل التي يجب التنسيق فيها، ودول المجلس مدعوة للقيام بكل ما من شأنه رأب أي صدع في جدار البيت الخليجي، فكل خليجي يريد هذا البيت صرحاً شامخاً ويريد أهل البيت مؤتلفين متفقين.
رئيس التحرير