ثورات ثلاث... أو تواطؤ


على رغم ان الحذر واجب، يستطيع المواطن الكويتي أن يأمل في أن يكون غزو الكويت وتحريرها آخر حروب المنطقة وآخر سلوك عدواني يمارس من دولة على دولة في الخليج في ظل النظام الدولي الجديد.
وثبات الأوضاع الحالية واستبعاد حصول تطورات دراماتيكية يُفترض أن يُخرج الكويتيين سلطة وشعبا من حال التوجس والريبة والشك في المستقبل، الى حال العمل الجاد والايجابي لدخول القرن الواحد والعشرين. وهو دخول شعاره تمتين الاقتصاد ووضعه في موقع التنافس. ولأن لا اقتصاد ولا تنافس من دون تمتين الجبهة الداخلية وتحصينها، ومن دون رؤية عميقة لمستقبل البلاد وأجيالها، لا مبالغة في القول ان الكويت تحتاج الى ثلاث ثورات رئيسية:
> ثورة في العمل الديموقراطي تجعل من المؤسسة الأساس، وهي مجلس الأمة، مكانا حقيقيا لتمثيل الناس وتحقيق مصالح الكويت، بالتفاعل مع كل القوى الحية في المجتمع. وشرط تقدم هذه المؤسسة ان يضع كل نائب مصلحة الكويت فوق كل المصالح، وخصوصا فوق مصلحة الفئة الصغيرة التي يمثل أو المذهب الذي يعتنق، والأمل معقود حاليا على عدم تحول النائب «مراسلا» لدائرته في المجلس، لا بل في صحيفة «الدستور» الوليدة، فيتعالى عن الاستعراض وتفاهة الكسب الجماهيري الرخيص.
ولا بد أن ترافق ثورة العمل الديموقراطي المجلسي، ثورة في أسلوب العمل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تضمن التعاون المثمر بديلا من التجاذب وتعارض المصالح والنوازع.
> ثورة في نظام التعليم، لأنه من دون اللحاق بركب التطور في هذا الميدان، عودة الى الوراء وقصور عن مجاراة العصر. ولأن الاستثمار في التعليم أهم من أي استثمار وأي محافظ استثمارية. فلا رخاء ولا تقدم ولا ازدهار من دون رفع الكفاءات والمهارات لدى الناشئة، مترافقا مع وجوب ان نعزز لدى أبنائنا قيم وطننا ومجتمعنا المستمدة من ديننا وتراثنا.
> ثورة في النظام الاقتصادي، ليتحول اقتصادنا اقتصاداً عصرياً، لا تغطي عجزه وجموده أساليب بائدة في توزيع الريع، ولا سياسة توظيف ترسخ البطالة وترهق كاهل الدولة. وهنا لا بد أن يلعب القطاع الخاص الدور الأساسي في الاقتصاد المنتج، فلا تكون البورصة مثلا العامل الوحيد فيه بل أحد مؤشرات النجاح أو الفشل. ولا شك ان الخصخصة الشاملة مدخل صحيح الى هذا التغيير وهذه الثورة.
تلك هي عناوين عريضة لتغييرات باتت أكثر من ضرورية، وصار التلكؤ عنها وعن السعي اليها نوعا من التواطؤ على هذا الشعب وعلى هذا البلد وعلى مستقبل أجياله.وسيجعلنا حتما عدم التفكير في البدء بها في موضع التلقي السلبي بدل الفعل الايجابي، وفي موقع رد الفعل بدل الفعل والفعالية. وفي موقع التراجع بدل التقدم ومواكبة العصر. فيصير حظر الحفلات أهم من محاربة الهدر وتصير عروض الأزياء أخطر من خطر صدام، وتصير اهتماماتنا أصغر من همومنا. فهل يسمع من يعنيهم الكلام؟ وهل يقرأون؟ وهل يفهمون إذا قرأوا؟
رئيس التحرير