حجّاج صدّام ومسؤولية العرب

تصغير
تكبير
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. فالنظام العراقي منذ اجتياح الكويت كرَّس سلوكاً مغايراً لكل ما يمت إلى الحضارة واحترام الحقوق والواجبات بصلة. ونظام صدام، بخرقه قرارات الأمم المتحدة أمس بحجة إرسال حجاج الى بيت الله الحرام، كرر استهتاره بالقوانين الدولية وتنكره لواجباته التي تفرضها قرارات مجلس الأمن المتعلقة بغزو الكويت وتحريرها، وأكد مرة أخرى أنه مستمر في سياسة المراوغة والتحدي وأنه لا يمكن أن يؤمن جانبه. أخيراً استفاق نظام بغداد على الإيمان. فبعد ارتكابه جريمته في حق الكويت أضاف إلى العلم العراقي عبارة «الله أكبر». وفي ظل استمراره في إخفاء بعض ترسانته الكيماوية واستمراره في احتجاز الأسرى وعدم كشف مصير المفقودين من أبنائنا، يتاجر بالدين وبالحجيج، وكأن المسلمين أغبياء لا يعرفون الأهداف أو كأن العالم العربي لا يفقه إلا لغة القوة يمارسها صدام مثلما يمارسها بنيامين نتنياهو. بصراحة تامة نقول: ترفض الكويت رفضاً قاطعاً أن يخرق صدام القرارات الدولية مهما كانت الحجة ومهما كانت المبررات. وتناشد الكويت العالم الذي وقف مع حقها أن يمنع تكرار هذه المحاولات. والكويت في الوقت نفسه تتفهم موقف الأشقاء السعوديين من المسألة وتدرك أنهم لا يستطيعون منع طائرة تحمل حجاجاً من الهبوط في مطاراتهم. لكنها تتمنى أن تكون الطائرة التي انطلقت أمس من مطار بغداد آخر رحلة حتى تنفذ القرارات الدولية. من يتحمل المسؤولية؟ لدينا في الكويت الشجاعة لنقول إن المسؤولية عربية مشتركة. فبعضها يقع على من يروق لهم صدام والصداميون، وبعضها يتحمله من نسي تجربة الغزو ولم يتعلم من دروسها، وبعضها تتحمله الجامعة العربية لغياب الانسجام في قراراتها. فهي مثلاً لا يمكن أن تكون مع خرق ليبي لقرار الحظر على ليبيا من دون أن تشجع خرقاً عراقياً مماثلاً. والمسرحية نفسها. حجاج يأتون من بلد محاصر، و«مؤمنون» لا وسيلة لديهم للوصول إلى الديار المقدسة إلا الطائرة، وإحراج يمارس على الدولة المضيفة، في انتظار أن يتعود العالم على الانتهاك فيتكرر، وفي انتظار أن تنتصر سياسة التحدي ليس ضد الكويت فقط بل ضد العالم بأسره والقانـون الدولي. من الكويت نداء إلى العرب وجامعتهم أن يقفوا مع الشرعية الدولية من دون مواربة ولا محاباة. فلنكن مع قرارات الأمم المتحدة ومع قرارات مجلس الأمن، ولنرفض أي انتهاك لهذه القرارات في ظل أي حجة، وإلا لا يلومنَّ أحد الكويت حين تعقد اتفاقات أمنية مع مَن يقدر أن يحميها وحين تسعى إلى ضمان وجودها وحرية أهلها بالوجود الأجنبي. والمسألة لا تحتمل اجتهادات. فإما جدية عربية في التطابق مع الرغبة الدولية بلا ألاعيب. وإما أن يعذرنا إخوتنا العرب إن يممنا وجهنا صوب من نطمئن إلى حمايته مهما كلفنا ذلك من ثمن ومهما زايد المزايدون وأصحاب الكلام. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي