حذارِ الهلع والضجيج


ربما يكون من الصعب مطالبة الناس بالتروي وعدم التهافت على الجمعيات، لكن يجب أن يكون من اليسير دعوتـــهم الى الكف عن الهلع وأحاديث الحرب «الواقعة حتما» والغازات التي «لا تبقي ولا تذر» فالفرق كبير بين احتراز واجب ورعب غير مبرر.
لا نقول ان الضربة العسكرية الأميركية ـ البريطانية مستبعدة بل هي احتمال ليس راجحا حتى الآن، والأولوية للحل الديبلوماسي. وإن كــنـــا لا ننــسى ان النظام العراقي أقدم سابقا على الغزو والأعمال العدوانية بحق شعبنا وشعبه على السواء، وان مقاييس التحليل العلمي والعقلاني تسقط حين يتعــلق الأمر برأس هذا النظام وطـــريقة تفــكيره وما تؤدي اليه.
من هنا الاحتياط ضروري، ومن هنا أيضا فإن وجوب استمرار الحياة الطبيعية حاجة ماسة للحؤول دون هلع يشل الدولة والمؤسسات وينعكس توتـــرات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو هدف سعى اليه النظام العراقي وسيكون سعيدا لو تحقق على أيدينا وبمساهمتنا من دون قصد.
ولأن لا أحد يدري كم ستطول الأزمة، فإن الحد الأدنى من الحذر هو المطلوب. فالحكومة حين تنبه الى احتمالات الخطر تقوم بواجبها ولكن زيادة وتيرة التنبيه تحمل سلبيات تضاف الى عرقلــة سير الحياة العامة، ولعل أبرزها اظهار الكويـــت وكأنها رأس الحربة في الصراع بين الأمم المتحدة والعراق أو الادعاء بأنها المحرض على توجيه الضربة العسكرية، في حين ان الواقع ليس كذلك. فالكويت لا تدفـع في اتجاه الحل العسكري وتلتزم الشرعية الدولية وتعتبر ان المجتمع الدولي معني أولا وأخيرا بالأزمة، فضلا عن حسابات الدول الكبرى.
وفي هذا الاطار أيضا يجب أن تتعاطى الكويت مع الموضوع بأقل قدر من الضجيج، فالعالم العربي يضج بالمنددين بسياسة الكيل بـمكـيالين وبالعازفين على نغـم «تجويع» أطفال العراق والداعين الى رفع الحصار والذين لا يرون كرامة الأمة إلا بكرامة صدام.
فلنـنتـبه الى كل الاحتمالات، لكـــن حذار الهلع، وحذار تصــدر واجـــهة الأحداث.
رئيس التحرير