لبنــان الحـــاضــر وضمــير العرب الغــائب

تصغير
تكبير
العدوان الاسرائيلي على لبنان ترجمة «نارية» لسياسة الحقد الأسود المتبعة ضد وطن يشكل النقيض الحقيقي للدولة العبرية في مختلف الميادين. فلبنان، في الحرب، روح مقاومة تتصدى للاحتلال وتبقي شعلة الكرامة مضيئة في نفوس ملايين العرب، وفي السلم ثروة حضارية عمادها الديموقراطية والانفتاح الثقافي والاجتماعي والتطور العلمي. وهو في الحالتين، ضرورة عربية، بل إنسانية، تسعى اسرائيل لإلغائها لأنها تكشف القناع الزائف الذي برّر وجودها والدعم الدولي لها. غارات اسرائىل استهدفت البنى التحتية اللبنانية ومحطات الكهرباء، موجهة رسالة واضحة إلى عاصمة النور والإشعاع بيروت بأن المقصود هو مستقبل الوطن ودوره وموقعه السياحي والاقتصادي، وبأن استمرار الخيار المقاوم على الحدود هو التدمير المستمر للاستقرار والاعمار في الداخل... ويدفع اللبنانيون الثمن آلاف المرات، عنهم وعن غيرهم، استشهاداً وصموداً وخسائر مادية واقتصادية، بجباه عالية وقامات تاريخية وشعار «هيهات منا الذّلة». ولكن... ماذا فعلنا كعرب وكخليجيين تحديداً تجاه ما يحدث للبنان؟ بعضنا أصدر بيان تضامن، وبعضنا استنكر، وبعضنا انتظر «إشارة دولية» لتحديد اتجاه التصريحات، وبعضنا سيرسل مساعدات غذائية أو سيتبرع لأسر الضحايا والشهداء. عرب كثيرون سيدعون الى «ضبط النفس» وآخرون الى «تسريع العملية السلمية»... ونسينا أن هذا البلد هو صوتنا وصورتنا، ومرآة تعكس عجز كثيرين ونفاق كثيرين، والنموذج الذي إذا خسرناه نخسر تطلعاتنا إلى تجربة مميزة وفريدة من نوعها. باختصار شديد، المطلوب من العرب، والخليجيين تحديداً، جسر جوي وبري وبحري من المساعدات بمختلف أنواعها لإعادة النور إلى عاصمة النور، وإصلاح ما دمرته الهمجية الاسرائيلية، ومساعدة لبنان واللبنانيين على الصمود وتجاوز أخطر مرحلة في تاريخ الصراع العربي- الاسرائىلي، حتى لا يأتي السلام على حسابه بعدما أتت الحرب على سلامه. والمطلوب أيضاً، تحرك سياسي عربي ينهي حالة اللامبالاة الدولية تجاه ما يحصل، ويضع الدول الكبرى أمام مسؤولياتها خصوصاً الولايات المتحدة راعية عملية السلام... واسرائىل. التحرك العربي الاقتصادي والسياسي يجب أن يكون بلا حساب، لتشعر اسرائىل بأن مساحة لبنان أكبر بكثير من حدود عملياتها وأن عمق لبنان أوسع بكثير من حدوده الجغرافية. هيهات منهم الذّلة، وهيهات منا التقاعس، فكل مساعدات العالم لا تساوي دمعة أم تذرفها على ابنها، زهرة عمرها، ضمته شهيداً في حضنها. لنتحرك الآن، أو فلنصمت إجلالاً لقدسية الشهادة... واحتراماً لما بقي من كرامة تنبض فينا. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي