مؤتمر الدوحة... مصلحة الكويت أولاً

تصغير
تكبير
لعل أهم ما يجب على الدول العربية الخروج به من تجربة مؤتمر الدوحة هو ضرورة إبقاء الخلاف على المشاركة محصوراً في موضوع المؤتمر وتحت سقف التضامن العام الذي تشكلت خطوطه العريضة في مؤتمر القمة العربية الأخير الذي انعقد في القاهرة. لكن الأماني شيء والتطبيق شيء آخر. فما حصل في الأيام الأخيرة من تصريحات حادة وردود مقابلة ذكر بالجدالات السابقة والمحاور العربية التي لم تجلب للعرب سوى الخسائر على وقع التظاهرات ورنين الشعارات الفارغة. وربما حان الوقت كي يدرك العرب حكومات و«جماهير» أن العالم يسير وفق سياسات المصالح خصوصاً بعد انتهاء الحرب الباردة وفي ظل التوازنات الدولية الجديدة. والكويت أدرى من غيرها وأكثر وعياً لمتطلبات هذه التوازنات وتلك المصالح، وهي كانت، قبل الحق الواضح والمشروع، منطلق تحرير الكويت من براثن الغزاة دعاة الضم والتذويب. كلام كثير عن مؤتمر الدوحة تتداخل فيه المواقف والأهداف. تضامن عربي. نعم. رفض لسياسة نتنياهو المدمرة لعملية السلام. نعم وبكل تأكيد. مطالبة بتحقيق تقدم في المفاوضات أو اختراق يبرر المشاركة في مؤتمر تشارك فيه إسرائيل. نعم وألف نعم. لكن يجب أن لا يغيب عن بالنا أن الكويت حالياً صاحبة قضية لا تقل أهمية عن قضية الشرق الأوسط. هي قضية وجود الكويت وأمن الكويت ومستقبل أبناء الكويت. وفي ضوء ذلك لا يمكن أن تتحرك سياسة الكويت إلا على أساس مصلحة قضيتها أولاً وآخراً. من هنا فإن قرار الكويت المشاركة في مؤتمر الدوحة يفترض أن ينطلق من جوهر مصلحتها، وهي غير منفصلة واقعياً عن المصالح الدولية في منطقة الخليج ولا عن التزامات كويت ما بعد التحرير. لا تلغي مشاركة الكويت في مؤتمر الدوحة سعيها الدائم إلى التضامن العربي. وهي لم تقصِّر يوماً في دعم كل ما يحقق التضامن بين أفراد الأسرة العربية. وتتفهم موقف دمشق الرافض منذ البداية مؤتمر الدوحة، فهو امتداد لموقف سورية من المفاوضات المتعددة التي انبثقت من مؤتمر مدريد. غير أن ذلك لا ينفي أن لكل دولة عربية الحق في أن تقرر المشاركة أو عدم المشاركة انطلاقاً من مصالحها وظروفها. في المقابل تتفهم الكويت موقف الدوحة التي تفي بالتزام دولي قطعته على نفسها. إذ لا يمكن أن يطلب من قطر أن تلغي مؤتمراً دولياً لأن نتنياهو يخرّب عملية السلام، بينما يعترف الفلسطينيون، أصحاب القضية، بإسرائيل، ويفاوضون رئيس حكومتها، وفي حين تقيم مصر علاقات ديبلوماسية وسياحية مع دولة إسرائيل وتتحدث إلى نتنياهو رغم ملاحظاتها عليه ورغم أن الشعب المصري غير راضٍ عن اتفاقات كمب ديفيد. كل ذلك يتم في وقت تكرر الدول العربية المعنية بمفاوضات السلام، وبشكل يومي، تمسكها بالعملية السلمية وعدم تخليها عنها. تفرض الحقيقة أن يُقال كلام قد لا يسر كثيرين. لكنه الواقع الذي فرضه الغزو الغاشم للكويت. بل ربما كشفه هذا الغزو والمواقف العربية المتنوعة منه. وهو أنه لا يمكن توحيد العالم العربي حول قضية مركزية واحدة مهما كانت مواصفاتها الأخلاقية والحقوقية. فالأولوية للمصالح والأولوية لقرارات السيادة الوطنية. ومصلحة الكويت العليا أولاً وأخيراً يجب أن تكون وراء القرار إزاء قمة الدوحة. وهو قرار لا يمكن أن ينتقص منه مشكك جاحد أو غافل متعامٍ أو مزايد متحامل. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي