محاولة اغتيال... مجموعة قيم


أخطر ما يمكن أن يحصل في الكويت أن يتم الاحتكام إلى السلاح لفض نزاع أو لمعارضة رأي أو لتصفية حسابات سياسية أو لافتعال أجواء مريبة.
ومهما كانت الأسباب فإن محاولة الاغتيال التي تعرض لها النائب عبدالله النيباري أمس هي محاولة دنيئة وحقيرة يجب أن تدان من كل القوى السياسية في الكويت ومن جمهور المواطنين. فلا شيء يبرر القتل ولا شيء يبرر توريط البلاد في أسلوب غريب عن عاداتها وغريب عن تراثها ومناف لكل القيم الدينية والدنيوية. ومطلقو النار، المجرمون، هم معكرو المياه أو صائدون في الماء العكر، وهم ـ حتى ولو كانوا قطاع طرق ـ اعداء للوطن ولأبناء الوطن، همجيون في الفكر، حقيرون في السلوك.
لا تحتمل الكويت أعمال عنف كهذه، فهي لا تزال تحاول ازالة آثار العدوان والغزو الغاشم، ولا تزال تمر في مرحلة دقيقة وخطرة من تاريخها، تبحث فيها عن أمن حدودها وثبات كيانها وضمان استقرار الدولة. فلا ينقصها همٌ خطير يضاف إلى همومها فيلقي بظلال الشك على أمنها الداخلي ليربك عملية الشفاء من جروح الاحتلال، وليعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويضعف ايمان الكويتيين وغير الكويتيين في رسوخ الأمن واستقرار الاقتصاد وقدرة السلطات على ضبط أصحاب النيات السود وضمان الحريات العامة.
محاولة اغتيال النيباري أمس هي في الحقيقة محاولة لاغتيال حرية الرأي وحرية التعبير عن هذا الرأي، وطعنة في صميم الحياة السياسية في الكويت المبنية على تقليد التسامح والمقننة باللعبة البرلمانية الديموقراطية.
لا أحد يريد استباق التحقيق. لكن معاني المحاولة واضحــــة. فالرجـــل نائب يمثل الأمة وصاحب موقف يحترم على مواقفه مهـــما كانت الاختلافات، وصاحب جرأة في الطرح تحتاجها الكويت، لأن الكويت تحتاج إلى الضوء ولا تريد البقاء أسيــرة الغـــرف المعتمة تمارس فيها أنواع الرياء والتجاوزات.
من هنا جاء اطلاق النار على النيباري وكأنه موجه إلى الأمة، وإلى مجموعة القيم التي توافقت عليها الأمة، وكأن الرصاص أطلق على حق كل فرد في الحرية والتعبير والدفاع عن رأيه والدعوة إلى تعميق الديموقراطية. وهو رصاص انذار، علَّ القابعين في الاسترخاء يسمعون الأزيز والدوي بعدما صُمت آذانهم عن أجراس الانذار.
رئيس التحرير