عباءة المواقف الكبيرة

تصغير
تكبير
من الصعب جداً كتابة تاريخ البحرين الحديث بعيداً من سيرة باني نهضتها أميرها الفقيد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي وضع بصماته على كل ركن من أركان التنمية البشرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فاستحق عن جدارة لقب راعي الحداثة. كان الفقيد ركيزة أساسية في البيت الخليجي فخاض مرحلة الاستقلال بالعزيمة نفسها التي خاض بها معركة التوحد الخليجي والتواصل بين الشعوب والقادة، وأثمرت رؤيته العقلانية نموذجاً مستقراً للحكم وللعلاقات مع المحيط. أدرك الأمير الشيخ عيسى ان الاستقلال عملية سياسية وشعبية وتنموية، فعمل على بناء دولة حديثة رغم شح الموارد وقلة الامكانات، وأضحت البحرين على مشارف القرن الواحد والعشرين مركزاً مصرفياً دولياً ونقطة تقاطع للاستثمارات العالمية. المتسامح، العادل، الوالد، المتواضع، الملتصق بهموم ديرته وشعبه وهموم الخليج والعرب والمسلمين... صفات نادرة في عباءة حاكم يعرف البحرينيين فرداً فرداً، ويعرفه البحرينيون على اختلاف مشاربهم، فكأنهم إن دخلوا مجلسه دخلوا مجلسهم، وإن صافحوه صافحوا كبير أسرتهم. ما ناصر مظلوماً إلاّ ونصره، وما رأى باطلاً إلاّ وحاربه. بحر من التسامح يواجه بالحكمة كل خلاف أو تعارض. وينحو إلى العدل في مقاربته الأزمات الطارئة فيرى فيه الموالي والمعارض ضمانة لحركته وحريته واستقراره. أوصى البحرينيين خيراً وحباً وشهامة بإخوانهم في دول مجلس التعاون، وترجمت وصيته تضامناً آسراً وصموداً رائعاً عندما غزا العراق الكويت، فكانت البحرين هي الكويت الثانية وكانت الكويت هي البحرين الثانية ولن ينسى الكويتيون موقف الفقيد الغالي المنحاز بالمطلق للحق والأرض والحرية والكرامة. رعتك عناية الله يا أبا حمد، وإلى جنات الخلد بابتسامتك وطيبتك وطلّتك ووجهك السموح، فالتواريخ الكبيرة لا يكتبها إلاّ الرجال الكبار. كبيراً كنت، كبيراً ترحل، كبيراً تبقى... رئىس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي