حكومة جديدة... بدل حوار الطرشان!

تصغير
تكبير
تشبه الأجواء السياسية السائدة اليوم، في جوانب عدة، تلك الأجواء التي سبقت حل المجلس عام 6891، لكن الزمن تغير، والكويت بعد كارثة الغزو واهتمام الغرب بها، صارت تحت المجهر، وباتت ديموقراطيتها موضع اختبار وتقويم مستمرين. ولم يعد مفيداً الحديث عن خصوصية تسمح بجراحات جذرية لما يعتقده البعض مكمن الداء. لا اكتشاف في القول أن البلاد تعاني من حوار طرشان بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء. فما يفرق أكثر مما يجمع، وتوقع الإنجازات حلم تبخر في حمى المزايدات والاستجوابات. وكأن هموم المواطن الرئيسية أقل أهمية من البلاغة والمنبرية واللغو. أو كأن تصفية الحسابات أهم من حسابات مصالح الناس ومستقبل الأجيال. لن ندخل في جدل تقاذف المسؤولية بين السلطتين ولن يفيدنا وضع الملح على الجرح. فالطرفان مثخنان من الطعن والطعن المضاد، وفي تجاذبهما ضرر أكيد لمصالح الناس وخيبة من الذين تعلقت الآمال على وعودهم بخدمة المجتمع وأبناء المجتمع. كيف نخرج من ذلك؟ بل كيف نخرج من نفق زج المزايدون وأصحاب المصالح الفئوية البلد فيه؟ لنكن واقعيين، إن الرغبة في الحل الجذري، أي في حل مجلس الأمة لانتخاب مجلس بديل يضخ دماً جديداً في الحياة السياسية، هي رغبة لا تشجع الظروف الموضوعية على تحقيقها، فالحل الدستوري للمجلس لن يحدث الصدمة المطلوبة وإعادة الانتخابات بعد شهرين فترة غير كافية لتغيير المعطيات والولاءات. لذا فلنتوقع أن نكحل عيوننا بغالبية الوجوه النيابية الحالية، تدخل المجلس الجديد بأبهة وتحدٍ، من دون أن ننسى أن المجلس الحالي يعتبر من أسهل المجالس في تاريخ الكويت وأن مبادرة سياسية معقولة قد تعيد التعاون بينه وبين الحكومة وتذلل العراقيل. بصراحة ووضوح، المطلوب تشكيل حكومة جديدة لأسباب نوجزها بثلاثة: 1 ـ إن البلاد في ظل الظروف التي تمر بها لا تحتمل خضات وتجارب غير مضمونة النتائج، والمطلوب خروج من المأزق وخروج فوري يعيد التعاون إلى المؤسسات ويطمئن المواطن إلى مصالحه. 2 ـ إن الحكومة الحالية تعاني مشكلة داخلية وتملك نقاط ضعف أكثر مما تملك من عناصر القوة، وتطغى التناقضات فيها على علاقات التضامن والانسجام. 3 ـ إن تشكيل حكومة جديدة هو أسرع الحلول وأقلها تكلفة سياسية. لسنا هنا في مجال تفصيل أسباب وصول الحكومة إلى هذه الحال، لكننا لا ننسى ما اتبعته من أساليب واتفاقات وأحلاف للإبقاء مثلاً على الوزير الروضان وعدم السماح بطرح الثقة به مطلع الصيف الماضي أثر تراكم أخطائه التي تعرفها الحكومة أكثر من غيرها، ولا ننسى أن غياب الشيخ سعد (الاضطراري) في تلك الفترة افقد الحكومة جزءاً من حضورها القوي أمام الشارع والمجلس. ولا نذيع سراً لو قلنا إن بعض الوزراء قدم مصالحه وولاءاته السياسية والحزبية على الولاء للحكومة وعلى التضامن الوزاري، فنتج من ذلك عدم تجانس بين الأعضاء، بل خرجت الخلافات إلى العلن مما سهل على المجلس فرص الانقضاض وأفقد الوزارة القدرة على التعاضد الذي هو شرط العلاقة السليمة مع المجلس ومفتاحها، وما ذكرناه أكثر من كاف ليدفع إلى تغيير يمكن أن يكون في متناول أيدينا من دون إدخال البلاد في مغامرة مجهولة. حكومة جديدة. نعم نحن في حاجة إلى حكومة جديدة، حكومة شابة أعضاؤها مثقفون واختصاصيون، ومندفعون إلى حوار ايجابي مع السلطة التشريعية. حكومة لا تحكم سلوك أعضائها عداوات المصالح ولا حسابات الانتخابات ولا عنجهية الأوهام. فبعد التجربة المريرة سيكون أمل الناس معقوداً على وزراء يقدمون مصلحة البلاد على مصلحة الحزب أو الطائفة أو القبيلة ويعملون للكويت بغض النظر عن انتماءات بدل أن تكون مصدر غنى وتنوع، تحولت محركاً لخلافات وتناقضات حان وضع حد لها. رئيس التحرير
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي