خطوة أخرى إلى الأمام


موافقة قادة دول مجلس التعاون على اقتراح سمو أمير البلاد إنشاء مجلس استشاري من مواطني دول المجلس تستجيب حاجة خليجية عامة وتأتي في مرحلة تاريخية تفرض مزيداً من التعاون والتنسيق بين المجالس الإقليمية لمواجهة تحديات العلاقات الاقتصادية الدولية من جهة ومتطلبات الأمن الاجتماعي والسياسي لدول المنطقة من جهة أخرى.
ويفرح كل مواطن خليجي حين يرى أواصر العلاقات بين الاخوة الخليجيين تتمتن، وحين يشاهد بأم عينه كيف ان مجلس التعاون الذي كان حلماً صار حقيقة واضحة ومؤسسة تتطور ولو شابتها بين الحين والآخر عوامل وَهَن أو جابهتها عوائق.
ولعل من أكثر ما يدفع إلى التفاؤل بالخطوة التي اقترحها سمو الأمير في قمة الدوحة العام الماضي هو أن التجارب الشوروية في مختلف دول المجلس آخذة طرقها الطبيعية، مراعية خصوصية كل دولة ونسق العلاقات السياسية والاجتماعية السائدة فيها. وهي تجارب وإن كانت طرية العود في بعض هذه الدول فإنما هي دليل إلى حيوية بدأت تأخذ أشكالاً قابلة للنمو وصارت تتفاعل مع متطلبات العصر والتطور بهدوء يضمن الانتقال إلى أشكال أكثر حداثة من دون ضجيج ولا أضرار ولا معاناة لا داعي لها.
أثبتت تجربة مجلس التعاون الذي أنشئ في العام 1891 أنها تجربة ناجحة ولو أن محصولها يبقى أقل من طموحات المواطن الخليجي. فهي ضمنت تعاوناً اقتصادياً جيداً، وحداً مقبولاً من التقارب في السياسات الاقتصادية. كما أنها أثبتت فعاليتها على المستويين السياسي والأمني خصوصاً في الملمات. وتجربة غزو الكويت دليل إلى طريقة التضامن الأخوي حين تحصل كارثة أو تمر دولة من دول المجلس بأزمة عصيبة.
لذا بات من الطبيعي تطوير هذه التجربة ورفدها بهياكل تضمن تقدمها وتؤمن حسن سير عملها. ولا يضر المجلس الجديد في شيء أن يكون دوره استشارياً. فالممثلون الثلاثون للدول الست سيتمتعون من غير شك بالكفاءة والحكمة. وسيتمتعون تالياً بسلطة معنوية تؤهلهم لإبداء المشورة والرأي من دون مواربة لمصلحة دول المجلس مجتمعة ولمصلحة كل أهل الخليج.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من الإشارة إلى أن سمو الأمير كان أيضاً صاحب فكرة إنشاء مجلس التعاون نفسه. وهو اقترحها في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في عمَّان في 52/11/0891. وكتبت بمذكرة عرضها على خادم الحرمين الشريفين الذي كان ولياً للعهد يمثل السعودية في المؤتمر ثم وزعت على باقي زعماء الخليج الحاضرين. وهي تحققت بعد عام بفضل جهود جميع هؤلاء الزعماء.
فتحية لكل من ساهم في إنشاء هذا المجلس وتحية لمن يساهم في تطويره. وسيبقى الخليج بإذن الله واحة للبناء بين سائر أهله ومثالاً في الأمة العربية يحتذى في الاعتدال وفي السهر على مصالح شعوبه.
رئيس التحرير