تحمل مسؤوليتك ... بروح رياضية

تصغير
تكبير

بهدوء شديد، وحتى لا تختلط الأمور وتحمل اكثر مما تحتمل، وحتى لا يختبئ احد خلف العلاقة بين السلطتين، وتحوير القضية من خطأ ارتكبه الى «مؤامرة نيابية» ضد الحكومة... نرى لزاما علينا التوضيح.
نبدأ من حيث انتهى صاحب السمو الامير، الذي بدا وهو يخاطب السلطة الرابعة امس انه يخاطب كل السلطات من موقع العارف الخابر. قال سموه ان الزحف من سلطة على اخرى يتم من الطرفين (المجلس والحكومة) لا من طرف واحد، وان التعدي على الصلاحيات يتم ايضا من الطرفين، وان هناك تجاوزات دستورية حصلت لكن يتم تصويبها.
كلام صاحب السمو هو المدخل الافضل لمناقشة قضية اساسية. فمجلس الامة بحث قوانين الرياضة، اقرها بموافقة الحكومة، رفعت الى صاحب السمو فوقع مراسيم اصدارها. ووفقا لنظامنا السياسي الديموقراطي فإن هذه القوانين استوفت كل متطلبات الدراسة والاشهار وصارت نافذة - بغض النظر عن رضا بعض الوزراء والنواب والرياضيين عنها - وملزمة لوزير الشؤون الشيخ صباح الخالد للتطبيق بعد اعتمادها من صاحب السمو.
 الوزير، اي وزير، ملزم بتطبيق القوانين، وكونه من ابناء الاسرة فهو ملزم اكثر وعليه ان يكون القدوة والاحرص على التزام القسم. واذا كان يرى وجود مثالب في القانون فهناك آليات دستورية يستطيع من خلالها التعبير عن اعتراضه على ان يطبق القانون اولا ثم يناقش المثالب مع النواب واللجان المختصة.
ما حصل منذ اقرار القوانين الرياضية الجديدة وحتى الآن، هو ان وزير الشؤون عرقل تطبيقها، واعطى سلوكه الاداري في التعاطي مع هذه القضية انطباعا قويا بأنه لا يريد لهذه القوانين ان تطبق وإلا كان فعل ذلك منذ مدة طويلة. نقول هذا ولا نريد ان نغوص في الصدور والنفوس والخلفيات، ولا نريد ان نردد ما يقوله المحيطون بالوزير من ان نيته حسنة ويريد تطبيق القوانين لكن اعتبارات اخرى تحول دون اقدامه، ولا نريد ان نردد ما يقوله معارضو الوزير من ان ضغوطا تمارس عليه من اجل كسب الوقت والوصول الى مرحلة «امر واقع» يتم معها الالتفاف على القوانين، ولا نريد ان نردد ما يقوله بعض النواب والمسؤولين الرياضيين من ان الوزير دخل في حقل ألغام وقضية شائكة غير ملم بإدارتها ما أدى إلى ان يديرها شخص آخر...
تعددت الاسباب والنتيجة واحدة: عدم احترام الوزير للقانون 5/2007 الصادر المصدق عليه من صاحب السمو الامير والمنشور في الجريدة الرسمية في 15 ابريل 2007، وهذا الامر «كبيرة» من وزير... اما اذا كان الوزير شيخا فهو «أم الكبائر».
بهدوء شديد وواقعية اشد، هذا هو جوهر كل القضية ولا داعي لان تستنفر الحكومة كل جهودها اذا طالب النواب باستجواب وزير لم يحترم القانون. لا داعي لان تفتح الخزائن والملفات والوعود والصفقات للحفاظ على الوزير، ولا داعي لتكتل الجهود حول تكتل الكتل والمستقلين لاجراء حسبة «من معنا ومن ضدنا»، ولا داعي لان نسمع من بعض النواب انهم عاتبون على الحكومة لانها اهملتهم في انتخابات اللجان والمشاريع والالتزامات والصفقات، او انهم شامتون بالحكومة للاسباب نفسها، ولا داعي لان يقال ان وزراء بعينهم مستهدفون ولا بد من قرار «يحول دون تمادي النواب» الامر الذي يستدعي ردة فعل قوية من النظام تجاه المؤسسة التشريعية، فهذا الامر يستهلك ما بقي من رصيد للنظام ويدخل البلد في دوامة الشلل مجددا ويعطل العمل وقد يؤدي الى حل المجلس ... فقط  للحفاظ والدفاع عن وزير خالف القانون اساسا واساء الى مركزه والى العمل الحكومي.
الكرة اليوم في ملعب الوزير، وأمامه خياران:
 ان يحكم ضميره فيستقيل مقرا بأن الضغوط عليه لعدم تطبيق القانون اكبر من قدرته على التزامه التطبيق، فيقتدي بالدكتورة معصومة المبارك التي تحملت المسؤولية السياسية عن حريق في مستشفى واستقالت بكل شجاعة مثبتة انها اكبر من المنصب، او يقتدي بوزير شيخ ايضا هو الشيخ علي الجراح الذي اتهمه نواب بارتكاب ما اسموه «خطأ سياسيا» (وليس مخالفة قانونية) فقدم استقالته رافضا ان يحمل منصبه مسؤولية معركة سياسية.
الخيار الثاني هو ان يعمد الشيخ صباح الخالد فورا الى تطبيق القانون والانضمام الى الورشة الاصلاحية الكبيرة للرياضة الكويتية، بدل ان يسجل تاريخيا ان الحكومة والنظام اجتمعا للدفاع عن وزير مخالف للقانون وادخلا البلاد في احتقان سياسي ومعركة خاسرة لا نعتقد انه يستطيع تحمل تكاليفها السياسية.
ونعتقد ان الوزير سيتحمل، وبكل روح رياضية، مسؤوليته في اتخاذ  الخيار المناسب الذي يحافظ على القانون وصورة الاسرة والحكومة والعلاقة بين السلطتين.
جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي