كي لا ينهار البيت على من فيه


بالصوت العالي، بالكلام المباشر، بالتحذير الذي يصل فعلا مرحلة الانذار... نتوجه الى من يهمه الامر، اي الى جميع الكويتيين، مسؤولين ومواطنين، بعبارة واحدة: «اوقفوا استخدام الشارع في اللعبة السياسية والا فسينهار البيت على من فيه».
نبالغ؟ طبعا لا نبالغ لأن النار من مستصغر الشرر، ولاننا نريد من الجميع قراءة واقعية وموضوعية للتطورات الخارجية المحيطة ببلدنا واستلهام الدروس والعبر مما حصل في ساحات الآخرين يوم استخدم الشارع لغايات سياسية ضيقة فصار المارد الذي جرف في طريقه البلاد والعباد، بمن فيهم الذين استخدموه واعتقدوا انهم يستطيعون توجيهه كيفما يشاؤون.
ولا نريد ان يفهم من كلامنا اننا ننطلق من موقف سياسي يتعلق بالدوائر او بالقروض او بالمطالب الاخرى التربوية والاجتماعية، فنحن مع كل طرح بناء حتى لو خالف قناعاتنا. ولا نريد ان يفهم من كلامنا اننا ضد التعبير السلمي الحضاري وفق الاصول الديموقراطية والدستورية، فهذه نعمة من نعم الكويت، ولا يجوز ان يفهم من كلامنا اننا ضد مشاركة الناس اصحاب المصلحة الحقيقية في مشاريع النمو وخطط التطور، فهذا حقهم ودورهم وواجبهم... لكننا ضد تجاوز القوانين والاعراف والاصول في اي تحرك، وضد استخدام الشارع وتوجيهه بما يتناسب ومصلحة الموجهين الظرفية، وضد التشجيع على تعميم ظاهرة الخروج الى الشارع لاسباب متفاوتة الاهمية تبدأ مثلا بقانون الانتخاب وتنتهي بالاحتجاج على نظام تعليمي.
ألم يكن بعض النواب الذين حركوا الشارع في جلسة الدوائر الشهيرة هم انفسهم محور الهجوم والشتائم من قبل جمهور «القروض»؟ وألم يكن بعض النواب الذين تعرضوا للهجوم والشتائم من قبل جمهور الدوائر هم انفسهم محور استحسان جمهور «القروض»؟ وألم تصبح الساحة المقابلة للمجلس ساحة للارادة فالقروض فالنظام التعليمي الموحد؟ وغدا من يدري من يحتل الساحة ويعطيها اسما لقضيته!
الاستقرار في الكويت متلازم مع تمسك الجميع بالاصول الدستورية وفي طليعتهم من انتدبه الشعب لتمثيله عبر الانتخاب. والاستقرار في الكويت متلازم مع احترام الناس للقانون وعدم تفريط المسؤولين بهيبته وفي طليعتهم من انتدبته الامة للسهر على تطبيق القانون. وبغير ذلك لن نسلم من لعبة تدميرية تبدأ بالتجمهر السلمي فالتجمهر الغاضب، فالساخط، فالشاتم، فالمحرض، فالمتكتل طائفيا ومذهبيا وقبائليا...
منذ اليوم الاول للعبة استخدام الشارع لاهداف آنية وظرفية، بدأت عملية هدم السد الذي يحمي المجتمع من طوفان الفوضى. ومنذ اللحظة التي بدأت التجمعات تأخذ اشكالا مختلفة واهدافا متباينة، بدأ الخوف يكبر من خروج لعبة الشارع عن السيطرة، ولا نغالي اذا قلنا ان استمرار الوضع على ما هو عليه سيعني انهيار السد... ويومها لا ينفع الندم.
بالصوت العالي، نغالي في التشاؤم والتحذير اليوم حتى لا يحصل ما لا تحمد عقباه غدا... حتى لا يضيع البلد وينهار كيانه السياسي والاجتماعي خصوصا في ظل الحرائق المشتعلة اقليميا لتغيير الخرائط.
وحتى لا يفهمنا الآخرون خطأ ايضا وايضا، نقول اننا ومن موقعنا الاعلامي لا يمكن الا ان ننحاز الى حرية التعبير لكن ما يحصل يتجاوز هذه الحرية الى الفوضى، ولا يمكن ان تستقيم الحريات من دون مسؤولية لان الرجل الحر هو الرجل المسؤول.
ومن موقع المسؤولية نقول ان الحل ليس بحل المجلس لا بشكل دستوري ولا بشكل غير دستوري، فما رأيناه في حشود اليوم والامس وفي حشود الطلاب قبله هو استمرار لحشود «الدوائر» وهو نتاج، بشكل ما، لحل المجلس السابق والظروف التي سبقته ولحقته.
ومن موقع المسؤولية نناشد كل من اعتمد لعبة تحريك الشارع ان يتوقف فورا عن ذلك ويزيد من اهتمامه بشؤون الناس من خلال الآليات الدستورية والقوانين وعبر المؤسسات والقنوات الشرعية. ونناشد من يده مفاتيح تطبيق القوانين ألا يجامل او يتهاون او يتساهل في تطبيقها، وان يعيد اليها هيبتها فلا تجمهر الا بإذن او تصريح، ولا سماح باقتحام المؤسسات عندما يقرر مسؤولوها الاستعانة بالامن. ونناشد المواطنين الذين اثبتوا في الكثير الكثير من الظروف والاوقات الصعبة والمصيرية انهم على مستوى عال من الوعي والوطنية والمسؤولية ان يدركوا ان النظام في الكويت يسمح لهم بكل اساليب التعبير المتحضرة عن مطالبهم، وان الفرق كبير بين التحرك المطلبي لتحقيق هدف سام وبين توجيه التحرك من قبل آخرين قد لا تكون اهدافهم الحقيقية مطابقة لاهداف الناس... ولكم في ما جرى في الاشهر الماضية وما يجري الآن اكثر من دليل.
«اوقفوا استخدام الشارع في اللعبة السياسية والا فسينهار البيت على من فيه». صرخة تحذير من اجل شارع نريده حيويا فاعلا متحركا متحضرا، وصرخة من اجل ان يبقى الشارع وتبقى الكويت، وان يبقى الشارع في... الكويت.
جاسم بودي