محطات التزود بالوقود وخطر الإخلاء!


لقد قمت سابقاً بنشر موضوعين الأول كان عن أهمية إجراءات مكافحة الحريق بالمستشفيات ومدى أهمية التركيز على طرق وأساليب الإخلاء وفق المنظور العلمي، وكان الموضوع الثاني يتحدث عن الخطر المحدق بالمصلين أثناء تواجدهم بالمساجد والانتباه إلى وضع المساجد حالياً لأنها تشكل خطورة كبيرة على المصلين.
الآن وفي هذا التقرير سوف أتحدث عن الوضع القائم لمحطات التزود بالوقود والمنتشرة في أرجاء البلد كلها، والتي تم بناؤها وتشييدها من قبل مؤسسة البترول الوطنية، والتي قامت بوضع أفضل الخطط والمقاييس العالمية في عملية التصميم حتى تجعل محطات الوقود ذات مواصفات قياسية للأمن والسلامة ومقاومة الحريق. ولكن هناك أمراً واحداً رأيت أنه من واجبي كمواطن ومهندس مختص في مجال المكافحة والوقاية من الحريق أن أتطرق إليه وأوضحه وهو عن العيوب الموجودة حالياً في محطات الوقود، والتي تعيق عملية الإخلاء الكلي للمحطة عند حدوث حريق ما، لاسمح الله، والطلب من المتواجدين الإخلاء.
الكل منا يعرف الشكل الهندسي لمحطة الوقود، وذلك من خلال تصوره لها نتيجة اعتياده على التردد للتزود بالوقود منها، حيث إن محطة الوقود تتكون من السور الخارجي ومدخل واحد وتتفرع داخلياً إلى أرصفة عدة للوقوف منها ما تتكون من ثلاثة أرصفة، ومنها أكثر من ذلك وتنتهي بمخرج واحد يتسع لخروج سيارة واحدة فقط وتمر من أمام كابينة الكاشير.
إن من أهم متطلبات العمل في مجال هندسة الحريق وضع سيناريو وتصور لحالة المبنى، ويكون هذا السيناريو في أسوأ حالة، ومن ثم يقوم بالتحليل والدراسة من جميع الجوانب. ومن أهم هذه الجوانب هو الإخلاء الذي يؤدي إلى تقليل الخسائر مع المحافظة على أرواح الناس قدر المستطاع.
والآن هناك تساؤل مهم وهو: ماذا لو حدث حريق في محطة الوقود وكان هذا الحريق نتيجة تماس كهربائي في إحدى السيارات أو نتيجة استعمال أحد الزبائن للهاتف الجوال أثناء التزود بالوقود أو عدم اللامبالاة في التدخين داخل المحطة، أو أي سبب آخر يؤدي إلى الحريق. كيف سيكون الحال لباقي الزبائن في المحطة؟ كيف سيكون خروج الناس جميعاً والنجاة بأرواحهم وممتلكاتهم من مخرج واحد فقط يتسع لسيارة واحدة فقط؟
لتصحيح الأوضاع ولجعل المحطة آمنة ليس فقط في تصميم بناء الخزانات ولكن تكون آمنة في عملية الإخلاء أيضاً، هو القيام بجعل المحطة منطقة مفتوحة من جميع الجوانب، ما يسهل في عملية الإخلاء ويكون الإخلاء من جهات عدة وليس مقصوراً على اتجاه واحد فقط كما هي الحال الآن. ولتنظيم العمل بالمحطة تزود هذه الجوانب المفتوحة بالبوابات الشوكية، والتي تثبت على مستوى سطح الأرض، والتي تعيق الدخول من الخارج وتسهل بالخروج من الداخل وهذه البوابات معروفة عند المختصين بالأمن. وكذلك تزويد مضخات الوقود بنظام المرشات الأتوماتيكية ويتم وضع هذه المرشات في أعلى المضخات، كما هو معمول به في بعض الدول الخليجية.
وللحد من عملية الهروب من دفع قيمة الوقود يتم تزويد المحطة بالكاميرات التي يتم تركيزها على السيارة أثناء التزود بالوقود. هذا ما أردت توضيح والتركيز عليه. والأمر يعود إلى المسؤولين عن هذه المحطات باتخاذ هذا الإجراء من عدمه. إن من واجبي ذكر أماكن الخطورة والتنبيه عليها للفائدة العامة فقط لا غير.
إن غالبية دول العالم تقوم بالتركيز على متطلبات الأمن والسلامة ومكافحة الحرائق، وذلك للحد من كمية الخسائر المادية والبشرية وجعل المباني والممتلكات العامة والخاصة في أعلى درجات المتانة بتطبيق المواصفات والمقاييس العالمية، بل إن بعض الدول ومنها المملكة المتحدة قامت بوضع مقاييس للجودة للحد من خطر الحريق، وذلك للمساعدة والمساهمة في تقليل نسبة التلوث البيئي.
مهندس مكافحة ووقاية من الحريق