هل يُعقل أنها صعبة؟


من منطلق رأي معرض للخطأ والصواب، هل يُعقل أن عملية الاصلاح صعبة إلى هذه الدرجة؟ هل يُعقل أن إدارة تملك قدرة مالية عالية جداً مقارنة بحجم مساحة الكويت وتعداد سكانها تواجه صعوبات في تجديد البنية التحتية للدولة؟ وهل يُعقل أن حكومة مثل حكومة الكويت لا تعاني من تيارات معارضة مؤثرة أو عنيفة ضدها غير قادرة في السير خطوة واحدة على الأقل إلى الأمام؟... أسئلة كثيرة لا يقبلها المنطق؟ وعلينا البحث عن أسباب المأزق الحالي في ضعف الإدارة الفنية للدولة أو بمعنى أصح افتقاد السلطة التنفيذية للمهارات اللازمة في أصول الادارة.
وهنا أعني أصول الإدارة بمعناها العلمي، والتي تحتوي على الخطوات اللازمة في التخطيط برسم خطة تناسب الواقع المحلي والعالمي من جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
لا يمكن لأي إدارة سواء لشركة أو لدولة أن تسير من دون خطة أو تسير على تخطيط قديم من دون تجديد، ولا يمكن التجديد من دون مبادرات، وهنا أريد أي مسؤول أو سياسي أو محلل يقول لي ويفيدني بخطة الحكومة الحالية، على الأقل الخطوط العريضة للقضايا التي تتبناها الحكومة!
ومن نظرتنا للواقع السياسي الحالي سواء في النظر إليه من بعيد أو التعمق به لا نجد الاتفاق بين الأطراف أو التعاون المطلوب في تفعيل دور السلطة التنفيذية، فنجد هناك هرجا ومرجا عن الصراعات داخل التنظيم السياسي في الهرم الحكومي! وأن هناك اتهامات ضد أطراف من داخل الحكومة أو ترتبط بها طغت مصالحها السياسية أو التجارية فوق أهداف الحكومة نفسها، واتهامات بعداوات وتناحر بعيد عن الأخلاقيات الديموقراطية بين القوى السياسية من داخل الحكومة، نرجو أن تكون هناك شفافية أكثر ونرجو أن يكون هناك توضيح يقربنا من الحلول المفيدة.
وفوق ذلك نجد التجاوزات غير الدستورية من قبل بعض أعضاء الأمة ضد أمور تنفيذية بحتة قد تدمر المنظومة السياسية التي يهدف اليها الدستور الكويتي، بمعنى ان دور مجلس الأمة تشريعي رقابي، ونجد في الوقت نفسه ان بعض أعضاء مجلس الأمة يطالب بتجاوز القانون، ويقلب مبدأ المساواة والعدالة، ويضعف بعض هؤلاء أداء الحكومة.
من أجل مصالح شخصية بحتة سواء كانت انتخابية أو تجارية، ومن الجانب الآخر الحكومة تتعاون مع هؤلاء في التخريب وارساء مبدأ أن الفساد الاداري مقبول وواقع لا أحد يستطيع تغييره، طبعا نعلم جيداً ان هناك تبادل مصالح بين هؤلاء والمصالح السياسية للحكومة واستقرارها، لكن ماذا قدمت هذه الصفقات غير النزيهة للعمل الوطني وإلى ماذا أدت؟... وهناك ممارسات كثيرة ومؤلمة تدل على ذلك، وواضحة لا تحتاج إلى دليل أو برهان، وأمام الملأ من دون استحياء، تدخل أعضاء الأمة في التعيينات في الوزارات، حتى تدخلهم في التعيينات والتنقلات في المؤسسات الأمنية، حيث نسمع أن عضواً أدخل فلانا في احدى الكليات، ويتم كتابة ذلك على لوحة إعلانية على الشارع العام في المنطقة يشكر فيها ذلك العضو الذي كسر مبدأ العدالة وكأنه يقول «أنا فوق القانون»، والتدخل في أمور طبية بحتة وتشخيص الناس وتفضيلهم على بعضهم البعض، وأيضاً يتم وضع إعلان صريح في الشوارع والصحف بتأكيد أن عضو مجلس الامة أرسل فلانا إلى العلاج في الخارج، وكأن الحال يقول «انظروا كيف يتم التحايل على الدستور»!... هذا قليل مما نشاهده، ولكن ماذا عما لا نشاهده ونسمع عنه، الصفقات التجارية وارتباط مصالح تجارية خارج الحكومة مع أطراف داخل الحكومة، ومصالح تجارية داخل مجلس الأمة وخارج المجلس...
بعد هذا كله نستطيع أن نستشف من ذلك أن هناك مصالح شخصية تعرقل عملية الاصلاح، وايضا لا نستطيع اغفال المصالح الحزبية وان كانت أقل بكثير من المصالح الشخصية، وعليه وان كانت رؤيتي معرضة للخطأ فلا توجد هناك صعوبة في ترتيب قانون واضح ضد المصالح الشخصية لأعضاء الحكومة والمجلس على حد سواء، وتكون هذه أجندة الحكومة في اتخاذ خطوة جريئة في عملية الاصلاح، وستجد الحكومة تأييدا شعبيا يضمن لها تنفيذ مشاريعها بكل سهولة وسلاسة، فهل يُعقل أنها صعبة؟
المدير التنفيذي لحركة العدالة والتنمية