الكلام... من الآخر

تصغير
تكبير
عبدالعزيز صرخوه



لا أخفي عليكم أن في مراحلي الدراسية خصوصا في مادة اللغة العربية لم أكن استطيع اكمال اربعة اسطر في الانشاء، لا أعرف لماذا؟!  كان أحد الأساتذة الوافدين يفرض علينا في غالبية حصص الانشاء موضوع الربيع وما يرتبط به من جمل ومصطلحات كالسماء صافية، الجو جميل، النسيم عليل، تتفتح الزهور، لم استطع حفظ هذه الكلمات والجمل البسيطة. فوقتها كنا نقضي عطلة الربيع منتصف السنة الدراسية بالبر، فنقوم بجمع القلمان والخبيز وصيد اليرابيع. ونيشان مخيمنا أطول عامود يحمل علم الكويت. كما كنت أقضي عطلة الربيع أنا وأصدقائي بالفريج نتجمع تحت إحدى الأشجار الكبيرة كل واحد منا يحمل النباطة لاصابة الطيور، وغالبا ما تتساقط معظم أوراق الشجر، من دون اصابة أي من الطيور. وكان وقت هذه الأيام يتزامن مع وصول منتخب الكويت لكأس العالم والمرعب جاسم يعقوب، وابداعات تلفزيون الكويت في الاوبريتات والمسلسلات والمخرج حمدي فريد والمسرحيات الحلوة الهادفة وفنانينا الكبار عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وغانم الصالح وحياة الفهد وسعاد عبدالله وعلي المفيدي، ومنهم فنانون مبدعون رحلوا كخالد النفيسي وعبدالعزيز النمش ومريم الغضبان وعائشة ابراهيم. وكذلك الأغاني ذات الألحان والكلمات الجميلة، وحفلات وزارة التربية الوطنية التي طالما ارتبطت بالفنان الاستاذ عبدالعزيز المفرج والفنانة سناء الخراز والملحن الكبير غنام الديكان... أمور الحياة بسيطة وقبل هذه الأيام الحياة أبسط كذلك غير معقدة لا تتوافر فيها التكنولوجيا الموجودة حاليا. فالتكنولوجيا لدينا البنكه (المروحة) ولاحقا الكنديشن (المكيف)... هواء بارد وما تحلو النومة إلا على ونته.

اعطيكم الكلام من الآخر...

لا أعرف لماذا يفرض علينا المدرس موضوع الربيع ومصطلحاته وجمله وكأننا في احدى الدول الاوروبية، فكرت كثيرا لعله كان يحاول ان يفرض علينا الخيال الذي يريده في الانشاء، او ربما يحاول ان يطلق العنان لخيالنا بدءا بموضوع الربيع. ولكني أدركت لاحقا ان خيالنا يكمن في وصف واقعنا البسيط المليء بالفخر والتفاؤل والطموح نحو الابداع لما كنا نحققه من انجازات في مختلف المجالات. والآن ما زال خيالنا الانشائي هو نفسه بكلمات سطرتها لأعوام مرت، ولكن هذا الخيال ليس هو واقعنا كما كان، انما هو محاولة استعادة لبريق لؤلؤة بل دانة الخليج... الكويت... والله زمن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي