ملف / الحلقة الخامسة عشرة / كرسي الرئاسة اللبنانية... حلم في لحظة يقظة

تصغير
تكبير

|   بيروت - «الراي»   |


معشوقة منذ العِمادة والولاء لمار مارون، لا يصل إليها إلا من أوتي الحظ وساقته الأقدار بعد طول مخاض تنشغل فيه الدنيا ويؤرق فيه الوطن، كأنها كنز مرصود لا يُفتح إلا على وجوه محددة تستيقظ في قصر بعبدا بعد ليل طويل أتعبه الأرق، وربما الكوابيس، لكن الصبح المنبلج بالتأكيد لن يكون بعد حلم جميل في ليلة صيف، والتاريخ خير شاهد، إنها كرسي رئاسة الجمهورية اللبنانية.

الأسئلة عن أهمية الرئاسة الأولى في بلد صغير كلبنان قد تكون الإجابات عنها بدهية لدى من يعرف الملابسات المحلية والإقليمية والدولية المرافقة لانتخاب سيد القصر، طالما أن استقلال لبنان عام 1943 تم بتدخل بريطاني عقب سجن الانتداب الفرنسي لرجالات الاستقلال الذين كان من ضمنهم الرئيس بشارة الخوري. لكن السؤال الأساس هو لماذا تكتسي رئاسة الجمهورية أهمية قصوى الآن؟ هنا لا بد من استحضار جملة من الأمور المرافقة لها، وهي أنها الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الانسحاب السوري الذي تم في العام 2005 عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، كما أنها الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في مايو 2000، فضلاً عن الاستحقاقات الأخرى المترتبة على لبنان أبرزها القراران الصادران عن مجلس الأمن الدولي 1559، و1701، واستكمال إجراءات المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الحريري، والإصلاحين السياسي والاقتصادي.

أما بيت القصيد في القضية كلها فهو وصول رئيس جديد إلى قصر بعبدا يوم 22 نوفمبر المقبل، ذلك أن فريقاً من اللبنانيين يتمسك بمبدأ الديموقراطية التوافقية، ما يعني أن وجود «فيتو» على مرشح معين من أي فريق مؤثر على الساحة المحلية سيعيق انتخابه حتى لو كانت لديه الأكثرية في المجلس النيابي، وهذا ما يجعل من النظام السياسي اللبناني الطائفي غريب الأطوار، ففي هذا البلد الصغير هناك من يحرق بيتاً من أجل إشعال سيجارة، على حد وصف أحد القناصل الفرنسيين للبنانيين في مطلع القرن العشرين.

وفي خضم خلافات اللبنانيين على الرئيس المقبل غالباً ما تأتي «كلمة السر» من اللاعبين الإقليميين والدوليين على الساحة، فينتخب غالبية أعضاء المجلس النيابي المرشح المطلوب لمدة ستة أعوام يستهلها الرئيس بخطاب القسم ليترك القصر في ما بعد كارهاً أو راغباً أو مقتولاً، وليخلّف عهداً يذكره التاريخ ويختلف عليه اللبنانيون. ورغم الحديث عن الغالبية إلا أن خرقاً وحيداً حدث في 23 سبتمبر 1970 عندما انتخب النواب رئيس الجمهورية، الخامس، سليمان فرنجية بفارق صوت وحيد عن منافسه إلياس سركيس في وقت خفتت فيه حدة التدخلات الإقليمية والدولية في لبنان.

ومع انشغال اللبنانيين حالياً ليلاً ونهاراً بانتخابات رئيس الجمهورية وبدء الترشيحات تفتح «الراي»، على حلقات، ملف العهود الرئاسية والمرشحين حالياً إلى الكرسي الأول.




عهد  /  عون رئيس حكومة عسكرية في غياب رئيس للجمهورية

|   بيروت - من أحمد الموسوي   |


في 23 سبتمبر 1988 ترك الرئيس امين الجميل قصر بعبدا من دون رئيس. مجلس النواب لم يكن أفلح على مدى الأسابيع الماضية في الاجتماع لانتخاب خلف له، والمحاولة الوحيدة التي حصلت باءت بالفشل بعدما تمكنت «القوات اللبنانية»، من خلال قطع الطرق واحتجاز عدد من النواب في منازلهم، من تعطيل النصاب القانوني لجلسة الانتخاب ولمنع إعادة انتخاب الرئيس السابق سليمان فرنــــجية رئـــــيساً للبلاد.

تلك المحاولة الانتخابية تلتها اتصالات وتحركات داخلية وخارجية لتأمين انتخاب رئيس جديد يعجز اللبنانيون عن التوافق في شأنه، وفي 18 سبتمبر، وصل مبعوث الإدارة الاميركية ريتشارد مورفي إلى دمشق للمساهمة من هناك في حل الأزمة، وبعد اجتماع مطول مع الرئيس حافظ الأسد تم الاتفاق على ترشيح أو ترئيس النائب مخايل الضاهر، وسرعان ما أبلغ اللبنانيون بهذا الاتفاق الذي عُرف باسم اتفاق «مورفي ـ الأسد» واقترن بالعبارة الشهيرة التي اطلقها مورفي حينها: «ضاهر أو الفوضى». هذا الاتفاق لم يلقَ قبولاً عند معظم القيادات المسيحية الفاعلة على الأرض. وفي حين رفض هؤلاء أن يفرض اسم الرئيس عليهم بدوا وكأنهم يقبلون من جهة أخرى بالفوضى حسب المعادلة التي أرساها اتفاق «مورفي ـ الأسد». فكانت الفوضى لسنتين مقبلتين.


الفوضى

في 21 سبتمبر، اي بعد ثلاثة أيام من اتفاق «مورفي - الأسد»، زار الرئيس أمين الجميل دمشق والتقى الرئيس الأسد. كانت تلك القمة الثالثة عشرة على مدى ست سنوات، وكانت آخر القمم بينهما، وكانت فاشلة، إذ لم تستطع تأمين المناخ القابل لتطبيق ذلك الاتفاق وتسويق انتخاب الضاهر، هذه المحاولة الجديدة والأخيرة لتجنب الفراغ الدستوري في سدة الرئاسة اصطدمت برفضٍ من الذين يُمسكون بزمام الأمر على الأرض: قائد الجيش العماد ميشال عون، وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، اللذين فرضا على بكركي وسائر القوى المسيحية الالتحاق بموقفهما الرافض لاتفاق «مورفي - الأسد».

جوزف أبو خليل، الذي كان ومازال من المقربين من الرئيس أمين الجميل، يقول عن تلك المرحلة: «حاول الرئيس أمين المستحيل لتأمين حصول الانتخابات الرئاسية، وحصل حينها تقارب سوري ـ أميركي نتج عنه اتفاق على مخايل الضاهر، والا الفراغ والفوضى. فلم يقبل الأطراف المسيحيون بذلك واعتبروا أن الأميركيين مع السوريين يفرضون عليهم فرضاً اسم الرئيس، وأذكر أن البطريرك صفير قال رداً على مقولة (الضاهر او الفوضى): أيام الأتراك لم نُحكم بهذه الطريقة».

ويضيف أبو خليل: «يومها كان الأميركيون يحاولون فتح خطوط مع النظام السوري، في إطار مشاريع الحلول المطروحة لأزمة الشرق الاوسط، فلم يقفوا بوجه الإرادة السورية في لبنان التي كانت ترغب بمجيء الضاهر رئيساً، بل على العكس حاولوا تسهيل تحقيق الرغبة السورية، ومما قاله لنا وزير الخارجية جورج شولتز: فتحنا خطوطاً مع الأسد وبدأنا مباحثات في شأن أزمة الشرق الأوسط وعليكم أن تقبلوا بهذا الامر. إذاً خيار مخايل الضاهر بقي خياراً جدياً ووحيداً حتى آخر لحظة».

وهل قبل به الرئيس الجميل؟ يجيب أبو خليل: «في آخر لحظة مشى بهذا الخيار لأنه لم يعد من خيار آخر إلا حصول الفراغ الدستوري، فاتصل برئيس مجلس النواب حسين الحسيني عبر غسان تويني، واتفقا على أن يذهب الرئيس أمين الجميل إلى الشام لإجراء مشاورات مع الأسد وللتفاهم على آلية لإعلان ترشيح الضاهر كخيار لا بديل منه، وكان أيضاً اتفاق على أن يذهب الضاهر إلى الشام وكذلك الرئيسان الحص والحسيني ومن هناك يأتون جميعاً إلى بكركي حيث يكون النواب المسيحيون مجتمعين، هذا الإخراج لم ينجح، لأنه خلال الاجتماع بين الجميل والأسد دخل احدهم وسلّم الرئيس السوري ورقة فقرأها وقال للرئيس الجميل: لا ضرورة لإكمال الاجتماع فعون وجعجع اجتمعا وأعلنا رفضهما، ولذلك من الصعب أن يلقى ترشيح الضاهر قبولاً من بعد، وبالتأكيد إذا عاد معكم الآن إلى بيروت سيقتلونه».

ويضيف أبو خليل: «عند هذا الحد انتهت محاولة ترشيح ضاهر، وانتهى الاجتماع فعاد الجميل إلى لبنان وبقي الضاهر في دمشق، وبعد إحباط هذا الحل ولما حان موعد الاستحقاق الرئاسي ولم يتم التوافق على مرشح لم يجد الجميل أمامه في ليل آخر يوم من ولايته إلا أن يكلف المجلس العسكري تحمل مسؤولية تسلم الشرعية حتى لا يكون فراغ كامل، وهكذا في الليل نفسه أصدر مرسوم تأليف الحكومة الموقتة المؤلفة من المجلس العسكري، وهو لم يكلف عون رئاسة الحكومة، ولكن حسب القانون فإن رئيس المجلس هذا هو قائد الجيش الذي كان يومها ميشال عون».


حكومتان

في مايو 1987 اغتيل رئيس الحكومة رشيد كرامي بعبوة ناسفة زُرعت خلف مقعده الذي جلس عليه في طائرة الهليكوبتر أثناء انتقاله من الشمال إلى بيروت، وإثر وفاته تم تكليف الرئيس سليم الحص رئاسة الحكومة خلفاً له. وحين كلف الرئيس الجميل عون بترؤس حكومة انتقالية رفضها الجانب الإسلامي فوقع الانقسام الكبير في البلاد، إذ تمسك المسلمون بحكومة الحص باعتبارها الحكومة الشرعية، في حين كانت حكومة العماد عون في نظر فريق كبير من المسيحيين هي الحكومة الدستورية، فأصبح في البلد حكومــــتان وتلا ذلك انقسام عمودي في معظم مؤسسات الدولة وخصوصاً الأجهزة الأمنية فأصبح لكل مؤسسة رأسان، كل رأس يتبع إحدى الحكومتين.

لم يكن رفــــض كــــل من عون وســـــمير جعــــجع اتفاق مورفي ـ الأسد بترشيح مخايل الضاهر رفضاً لسيــــاسة فرض الرئيس من الخارج فحســــب، بل إن الرجلين الأقــــوى على الســــاحة المسيحية حينها، إذ الأول يمسك بقيادة الجـــــيش، والـــــثاني بميلــــيشيا «القوات» التي كانت تــــضاهي بقــــوتها قوة الجيش عدة وعــــتاداً وعــــــــديــــداً، كانت لهما حسابات أخرى، إذ كل منهما كانت عيــنيه على الرئاســـة الأولى، وسرعان ما وقع بين الطرفيـــــن أول صراع عسكري دام في 14 فبراير 1989 والهدف الحـــســم في مسألة «الأمر لمن» على الساحة المسيحية.


حلم الرئاسة

في تلك الأثناء كان العماد عون قد تابع اتصالات سابقة في دمشق، وأرسل إليها عبر موفدين بأن تشكيل الحكومة العسكرية برئاسته ليس موجهاً ضد سورية، وقد كان عون يأمل بأن تترجم سورية عملياً بعض الإشارات التي صدرت منها من قبل عن عدم ممانعتها بانتخابه رئيساً للجمهورية، وتلك حكاية أخرى من حكايات الأزمة اللبنانية بكل تعقيداتها المحلية وتداخلاتها الإقليمية والدولية.

وعن ذلك تحدث لـ «الراي» رياض رعد وكان أحد أبرز الذين عملوا على خط عون - الأسد لإنجاح سعي الأول بأن يكون هو الرئيس القادم «بحكم الضرورة» قبل أي اعتبار آخر.

يقول رعد: «تسمية أمين الجميل لعون لرئاسة حكومة انتقالية كانت مفاجئة ومفاجأة، لم يكن أحد يتوقعها، لأن الجميع كانوا في صورة وأجواء أخرى، منها أن الجميل يريد تشكيل حكومة جديدة برئاسة المرحوم النائب بيار حلو، وأن النواب المسيحيين وبكركي كانوا يطالبون بإدخال عون وزيراً فيها أو توسيع حكومة الرئيس الحص وتعيين عون وزيراً للدفاع، إضافة إلى اقتراحات أخرى عدة. ولكن فجأة حصلت تسمية عون رئيساً لحكومة جديدة، رغم أن من المعروف حينها ألا علاقة طيبة تربط الجميل بعون».

•  في ما بعد هل اتضح السبب؟

- من التفسيرات التي أعطيت حينها أن الأميركيين كانوا يرغبون بذلك ويريدون أن يُمسك بزمام الأمور قائد الجيش في ظل الأوضاع الأمنية المضطربة، وهذا تلاقى مع رغبة للجميل نفسه بأن يتسلم الأمر عون ليس حباً به، ولكن لأنه كان يعتبر أن مشكلته الفعلية كزعيم لحزب «الكتائب» ويريد بعد انتهاء ولايته العودة إلى رئاسته، هي مع «القوات اللبنانية» ورئيسها سمير جعجع الطامح والطامع حينها بوضع اليد على حزب «الكتائب» أيضاً.

•  أراد وضع عون بوجه جعجع؟

- أعتقد ذلك، لأنه رأى أنهما «ديكان» في المنطقة المسيحية وسيتصارعان، الأول زعيم ميليشيا والثاني قائد جيش، وفي ظنه أنه سيكون مستفيداً من هكذا صراع لتثبيت مرجعية مسيحية أو الحفاظ على وضعية معينة له على رأس حزب «الكتائب». وقد صحّت توقعاته بالخوف من جعجع لأنه بعد انتهاء ولايته أرسل إليه جعجع تهديداً أمنياً بضرورة مغادرة لبنان.

•  ماذا كان مـــوقف الأميركيين؟

- حين جاء مورفي وقال مخايل ضاهر أو الفوضى كان الأميركيون يعرفون صعوبة وصول الضاهر إلى الرئاسة وبالتالي لن تكون هناك إلا الفوضى وهذا ما أرادوه، فكانت الفوضى التي نتج عنها أمران، حرب التحرير ثم حرب الإلغاء، ما ادى الى تهميش المسيحيين وإضعافهم، وكان هذا مطلوباً اميركياً، لأنه من دون ذلك كان من المستحيل أن يقبل المسيحيون بـ«اتفاق الطائف».

•  الأميركيون أرادوا الصدام بين عون وجعجع برأيك؟

- أعتقد أنهم «دفشوا» الإثنين نحو هذا الصدام الداخلي.

•  في تلك الأثناء قيل الكثير عن غزل بين سورية وعون وأن القيادة السورية كانت وعدته بالمساعدة على انتخابه رئيساً. ما صحة ذلك؟

- في هذا الموضوع أنا أول من بادر إلى إقامة تواصل بين القيادة السورية وعون، وكانت وجهة نظري في ذلك أنه بين الحالة الميليشياوية السائدة آنذاك والتي دفعت البلد إلى التفتيت وإنشاء إمارات ميليشياوية متعددة من إمارة «القوات» إلى إمارة «الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى إمارة «حركة أمل»... وبين تسليم السلطة لقائد الجيش فالأفضل هو الخيار الثاني، إذ حينها من الممكن إنهــاء الميلــيــــشـــــيات وإعادة توحيد البلد، وحين طرحـــــت هـــــذا الأمـــر كــــان تجاوبا من الرئــــيس حافــــــــظ الأسد، فبـــدأت آنذاك الحوار مع العماد عون ثم انضم إلى هذا الحوار لاحقاً ألبير منـــصور وفــايــــز قــــزي، ثم محسن دلول من بعد، فآنــــذاك حصلــت موافقـــــــة ســــوريــــة على أن يصبح عـــون رئيساً على أمل إنــــهاء الوضع الميليــــشياوي التقـــســــيمي القائم.


رفيق الحريري

•  كيف تبلغت أو تبلغتم ذلك؟

- تبلغنا ذلك للمرة الأولى من الرئيس رفيق الحريري الذي اتصل بي وقال: «هل تستطيع المجيء إلى الشام أنت وفايز قزي؟» فأجبته بالإيجاب. وذهبنا إلى منزله في دمشق وهناك قال لنا: «كنت أنا وأبو جمال (عبد الحليم خدام) نتناول الغداء عند الرئيس الأسد اليوم وسألناه ما رأيك بموضوع رئاسة الجمهورية؟ فأجابنا «ميشال عون» فقلنا له بميشال عون الذي هاجمكم منذ فترة ببعض التصريحات؟ فأجاب: «لن أتوقف عند هذا الامر واستراتيجياً نريد ميشال عون». وتابع الرئيس الحريري قائلاً لنا: «انتـــــهـــى الأمر ومبروك الجنرال سيصبح الرئيس. ثم ناول الرئيس الحريري فايز قزي رسالة ليسلمها إلى عون وقال له «سلّم على الجنرال وقل له أنا مستعد لكل تعاون ودعم». ثم بعد ذلك حصلت عملية القصف للأونيسكو، ثم أعلنت حرب التحرير ضد سورية.

•  لماذا قام عون لذلك إذا حصلت موافقة عليه من سورية؟

- من قام بالقصف هو «القوات اللبنانية» من الحوض الخامس، وهذا حصل طبعاً بإيعاز اميركي، لأن الاميركيين آنذاك لم يكونوا يريدون ميشال عون، وقد فهم ذلك السوريون.

•  لاحقاً هدأت الامور وحصل «اتفاق الطائف»، لماذا لم يتمسك السوريون بعون؟

- كان بدأ آنذاك يرتسم في الأفق تفاهم سوري ـ اميركي، وفعلاً لم تتأخر الأمور وعقد اجتماع الطائف وحصل الاتفاق، وعُهد إلى السوريين عندها بإدارة الملف اللبناني. وبالتأكيد عندها أصبح من مصلحتهم أن يأتي إلى سدة الرئاسة شخص هم يختارونه وليس الضرورة، فنحن حين طرحنا موضوع رئاسة عون في البداية طرحناه على أساس حكم الضرورة بسبب الوضع الميليشياوي التقسيمي على الأرض الذي لا يمكن أن يُــــحل إلا من خلال الجيش وقائد الجيش. أما بعد أن حصلت تلك التطـــورات من حرب التحرير إلى حرب الالغاء، ثــــم كانت تلوح في الأفق حرب الخـــــليج الأولى، كان التقـــارب بيـــن سورية وأميركا قد بدأ وعندها كان من الطبيــــعي أن يدعم السوريون وصــــول رئيس بمقاييس رينيه مــــعوض وبعــــد اغتــــيـــــاله جـــــــاء إلــــياس الهــراوي.

•   أنت لم تسع بعدها مجدداً بين عون والقيادة السورية؟

- لا، خصوصاً بعد «اتفاق الطائف»، لأن عون كان أعلن رفضه لهذا الاتفاق، فقُطعت الاتصالات بيننا. ثم هو كان يراهن على ما يبدو على دعم من السفير الفرنسي والسفير البابوي اللذين كانا يشجعانه، وذلك من ضمن تناقضات الصراع الاميركي ـ الفرنسي في المنطقة، لكن حصل ما يحصل في كل مرة الخيار الأميركي هو الرابح.

•  الرئيس رفيق الحريري كان له دور مع القيادة السورية في تزكية العماد عون للرئاسة؟

- لا لم يكن لديه حماس أو رغبة في أن يصبح عون رئيساً، وحسب ما تحدث الرئيس الحريري نفسه، قال إنه حين سأل الرئيس الأسد عن امر الرئاسة فقال له ميشال عون. عندها قال الحريري: استغربت الأمر وسألته هل يُعقل بعد أن هاجمك؟ وهذا يدل على أنه لم يكن متحمساً لكن بمجرد أن قال الرئيس الأسد ميشال عون للرئاسة لم يعترض الرئيس الحريري ومشى في هذه المسألة.




الحكومة العسكرية

الحكومة العسكرية الــــتــــي كان يرأسها العماد ميشال عون شكلها الرئيــــس امين الجميل قبل ســــاعة من انتهاء ولايته الدستورية، وكانت تـــضم المجلس العســـكري المؤلف من ثلاثة مسيحـــييــــــن هم ميشـــــال عون وإدغار معــلوف وعصام أبو جمرة، وثلاثــــة مسلمــين هم محــــمود طي أبو ضــــرغم ونبيــــل قـــــريطم ولطفي جابر.

وفور تشكيلها استقال الضباط المسلمون منها واستمرت تمارس مهامها بالأعضاء المسيحيين فقط.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي