الإسلام والفن / فن ابتكاري أصيل


| القاهرة - من د. عبدالغني محمد عبدالله |
العقيدة الإسلامية لم تكن تميل إلى الاسراف في الترف وظهر ذلك في عصر الخلفاء الراشدين حيث اتضح بجلاء أن التقشف هو سمة الحياة وكل الدلائل كانت تدل دلالة واضحة على ذلك. غير ان ازدهار الحضارة الاسلامية والثراء الذي وصلت اليه الدولة في العصور الاسلامية التالية للعصر المبكر. بدأت تحقق وجودها وسعى الناس لكي يستمتعوا بالأدوات والملابس والمواد الفاخرة التي تتناسب مع الثراء العريض الذي كانوا ينعمون فيه. ومن هنا نشأت حلول ابتكارية رائعة تحقق المبادئ التي تنطوي عليها العقيدة الاسلامية. فابتكر الفنان المسلم أشياء جديدة مثل البريق المعدني لاستخدامه بدلا من أواني الذهب والفضة (والمسلمون يكرهون الذهب والفضة) وكذلك بالنسبة للعمائر. ونحن نعرف ان المحراب يمثل مركز الأهمية في المسجد وكان بالمستطاع ان يصنع هذا المحراب من الذهب أو الفضة ويرصع بالاحجار الكريمة ولكننا لاحظنا ان هذه المحاريب صنعت من الخشب او الجص وهي مواد بسيطة يمكن ان نقول عنها مواد خسيسة. الا ان الفنان المسلم بعد ان تسلمها قام بتجميلها وتزيينها بمواد رخيصة أيضا ولكن بخلطها ببعض المواد الأخرى أعطت لنا مظهرا ولوناً جديدا يضاهي لون الذهب أو الفضة فيما عرف باسم البريق المعدني وقام بزخرفتها بزخارف دقيقة وألوان جميلة ونقوش رائعة عملا بمبدأ تحويل الخسيس إلى نفيس. صحن مصنوع من الفخار أى من الطين ولكن الألوان عليه التى هى من مواد رخيصة تحول اللون إلى لون ذهبي وبذلك الابتكار استطاع الفنان المسلم أن يحول الخسيس إلى نفيس.
فن غير شخصي
لم يتخذ الفنان المسلم أسلوبا أو طريقة خاصة تميزه عن غيره وانما كان في أغلب الأحيان يتبع السبل المطروقة ويسير على الأساليب الفنية الموروثة. وفي الواقع لم يبتدع جديدا ولذلك لا تجد توقيعا على التحف ولم يشعر بأهمية ذلك وكان يشعر بأنه صانع وليس فنانا ولذلك فان بعض فناني الغرب قد اعجبوا بشخصية الفنان المسلم ونادوا باتباع طريقته. وقد اطلق المفكر اوسكار وايلد عن تلك الطريقة بقوله «يظهر الفن ويختفي الفنان».
فن غير عاطفي
لم يهتم الفنان المسلم بتصوير المشاعر الانسانية لبعده عن الصدق في تصوير الطبيعة. ولم يظهر في منتجاته ما يثير الشعور أو يبعث على الشعور العميق. وذلك بخلاف ما نراه في التصوير الأوروبي في الصور التي توضح الانفعالات البشرية. وغير ذلك من الموضوعات التي اهتم بها الفنان الاوروبي.
خاتمة
يبقى لنا أن نقول ان الفن الإسلامي هو فن ملكي ارستقراطي ازدهر بفعل تشجيع الامراء والملوك لان الفنان كان ينفذ ما يطلبه منه ذلك الأمير أو الملك سواء أكان هذا الطلب الدين او التقوى أو الحب او العظمة أو الأبهة.
حسب رغبة الملك أو الأمير الذي يعيش في كنفه حتى قيل ان الفن الاسلامي هو فن ارستقراطي سخر الفنانين لخدمة الملوك والأمراء والحكام. ولكن الحق ان هؤلاء قد شملوا الفنانين بعطفهم لتجميل عواصمهم أو ملئها بالتحف النادرة.