تقرير مجمعات الأسواق / السلطة النقدية مثال يحتذى به في البلاد و«المركزي» نموذج عمل ناجح للعمل الاداري
ذكر التقرير الشهري لشركة مجمعات الأسواق التجارية ان الحملة النيابية على بنك الكويت المركزي عادت لتشتد من جديد على خلفية المطالبة باسقاط القروض عن المواطنين. ويسعى عدد من النواب الى تسويق مقترحهم على أساس أن «المركزي» والمصارف يتحملون وحدهم، دون غيرهم، ما يسمى بارهاق كاهل المواطنين بنحو 5 مليارات دينار قروض وتسهيلات باتت تستهلك وفوائدها ميزانية معظم الأسر الكويتية. ولا شك في أن دعوات كهذه تلقى صدى واسعا لدى شرائح من المواطنين الراغبين بشطب قروضهم بقرار سياسي على خلفية الفوائض الكبيرة التي تحظى بها الدولة، حيث باستطاعتها الآن أكثر من أي وقت مضى أن تشتري هذه الديون من المصارف أي سدادها نيابة عن المقترضين كما يعتقد هؤلاء.
واشار التقرير الى انه يجب القاء الضوء ليس فقط على مسألة اسقاط القروض بل على السياسات النقدية والمصرفية الحكيمة التي تنعم بها البلاد بفضل بنك الكويت المركزي ومحافظه الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، فلم يعط الرجل حقه كفاية في هذه المرحلة علما أنه، وباعتراف أهل الخبرة والدراية في القطاعين العام والخاص، يشكل صمام أمان متينا باتت البلاد بأشد الحاجة اليه الان أكثر من أي مرحلة أخرى.
1 - لا تشكل القروض المتعثرة أكثر من 3 في المئة من اجمالي القروض في الجهاز المصرفي، وهذه النسبة تعد بين الأدنى دوليا باعتراف أعلى سلطة نقدية في العالم هي صندوق النقد الدولي. وبفضل شبكة المعلومات الائتمانية (ساي نت) هناك متابعة يومية لهذا الملف الحساس حيث ان أي عميل باحث عن اقتراض أو تمويل استهلاكي يخضع لتدقيق في قدرته على ذلك وفقا لاجراءات كان وضعها المركزي بحيث لا تتجاوز اقساطه 50 في المئة من راتبه فضلا عن وضع سقوف لاجمالي القروض الاستهلاكية والمقسطة (المتعلقة بالسكن والبناء) الممكنة لكل فرد. كما أن البنك المركزي وضع ضوابط اضافية تلجم سباق البنوك على الاقراض عموما والاقراض الاستهلاكي خصوصا، ولديه متابعة شبه يومية لهذا الملف بحيث لا تترك أي شاردة وواردة للصدفة وذلك حماية منه للجهاز المصرفي والعملاء معا، أي حماية لسمعة الكويت المالية. أما النواب بمطالبتهم باسقاط القروض، يتعرضون بالاذى لتلك السمعة كما لو أن الكويتيين على حافة الافلاس وهذا ليس صحيحا بالمطلق.
2 - لا شك أن في الكويت نهما استهلاكيا متزايدا أصاب معظم المواطنين بمختلف مستويات مداخيلهم، فاذا باصحاب المداخيل المتوسطة والصغيرة يلجأون أكثر فأكثر الى الاقتراض لاشباع هذا النهم غير المبرر أحيانا كثيرة مثل بناء الفلل الفارهة وشراء السيارات الفاخرة والاقبال على السفر المتكرر أكثر من مرة سنويا بهدف السياحة والترفيه. واذا كان هناك من مشكلة في هذا الجانب فهي بالتأكيد ليست عند البنك المركزي والمصارف، بل هي مشكلة مجتمعية عامة تستدعي تداعي عدة جهات معنية لدرسها جيدا والتوعية بمخاطرها.
3 - ان أي مساس بالقروض لجهة شطبها سيخلق تشوهات مالية ومصرفية قد يكون أثرها أبلغ من أي أثر آخر، اذ كيف يمكن على سبيل المثال تأمين العدالة بين مديونيات صغيرة أو كبيرة، وكيف يمكن معرفة الميسور والاقل يسرا، المتعثر والاقل تعثرا لتحديد مستويات الحاجة.
ثم من قال ان القروض سوف لن تعود الى 5 مليارات دينار بعد أشهر قليلة اثر اسقاطها. فمن وجد نفسه بلا مديونية سيعمد فورا الى الاستدانة لانه ممكن له ذلك وفقا لمداخيله والتسهيلات الممكن الحصول عليها، أي أننا سنعود السنة المقبلة أو التي بعدها الى النغمة نفسها وهكذا دواليك في حلقة مفرغة. كما ان أي اسقاط للقروض سيشكل خللا كبيرا من ميزانيات المصارف بين موجوداتها ومطلوباتها له آثار سلبية كثيرة ليس أقلها خفض معدلات الفوائد على الايداع الى أدنى مستوى وفي ذلك عقاب للمدخرين لمصلحة المسرفين. كما أن المدخر سيأنب لأنه لجأ الى الادخار ولم يقترض مقابل مكافأة المقترض باسقاط ديونه وتشجيعه على مثلها. وفي ذلك ضرب لثقافة الادخار لا تحمد عقباها.
4 - يعمل بنك الكويت المركزي جاهدا على لجم التضخم الذي وصل الى مستويات قياسية في مارس الماضي (أكثر من 5 في المئة) ثم ما لبث أن تراجع بعدما انفك سعر صرف الدينار عن الدولار. وفي هذه القضية تتعين الاشادة بخطوة فك الارتباط لأنها كانت أكثر من موفقة.
واذا كان البنك المركزي لم يخفض الفائدة او سعر الخصم الذي هو المعيار الذي على أساسه تسعّر القروض، فهو بذلك اراد لجم القروض من جهة والحد من الضغوط التضخمية التي كانت بدأت تهدد عدة قطاعات. لكن مرة أخرى هناك مسؤوليات ملقاة على عاتق جهات أخرى في ما خص التضخم اذ ان المضاربة بأسعار الأسهم والعقار رفعت بعض الأصول الى مستويات قياسية لم تشهدها الكويت من قبل.
5 - استطاع بنك الكويت المركزي بفضل رقابته ورعايته للجهاز المصرفي أن ينهض بهذا القطاع الى مستويات تشهد بها ولها مؤسسات التصنيف الدولية بمنحها معظم مصارفنا درجات تقييم عالية ومرموقة تعد بين الافضل في المنطقة والعالم. كما استطاع أن يجعل موجودات هذا القطاع على قاعدة صلبة لا يستهان بها أقر بجودتها صندوق النقد الدولي في أكثر من مناسبة. كما اقرت مؤسسات دولية أخرى بكفاءة المصارف الكويتية في تطبيق معايير بازل 2 قبل غيرها من بنوك العالم لجهة الحساب الجيد للمخاطر مقابل الملاءة المطلوبة بمستويات استطاع المركزي الكويتي أن يشجع المصارف على تلبيتها بسرعة وسهولة بالغتين. وبفضل تلك الاجراءات الرقابية استحق محافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح لقب أفضل محافظ من عدة محافل اقليمية ودولية ومؤسسات مالية مرموقة.
6 - جاءت الكويت في المراتب الأولى عربيا وخليجيا في تقرير حديث للبنك الدولي من حيث الحصول على التمويل والائتمان المصرفي، علما أن التقرير «Doing Business» وضع علامات غير جيدة للكويت على صعد أخرى مثل بيروقراطية الحصول على التراخيص وطول اجراءات تقاضي المتنازعين بسبب الأعمال والصفقات وغيرها من الأمور التي تعني مؤسسات أخرى غير البنك المركزي. وعندما تم تناول التمويل وجدنا كيف ان الكويت متقدمة بفعل مصارف ترعاها سلطة نقدية ساهرة على حسن قيامها بدورها في تنمية البلاد بتأمين التمويل. لكن للتنمية شروط أخرى على مختلف الجهات العناية بها كما يفعل المركزي في قطاعه. وحصلت الكويت مؤخرا على المركز الأول خليجيا وعربيا وفق مؤشر امكانية الحصول على رأس المال الذي أصدره معهد ميكلن الاميركي لعام 2006. وهذا التقييم يستند الى عناصر لها علاقة بالمؤسسات المالية والمصرفية وتطور أسواق رأس المال.
7 - لا يفوتنا الاشادة برعاية البنك المركزي لقطاع شركات الاستثمار، اذ ان الأموال المدارة للغير فيه باتت تبلغ أكثر من 24 مليار دينار، وهو بذلك أكبر قطاع مالي استثماري في العالم العربي. وتؤكد تقارير مقارنة أن بين أول 50 شركة مال واستثمار عربية هناك 25 كويتية. وما الاقبال على هذا القطاع لادارة الأموال والأصول الا لأنه يتمتع برقابة جيدة يقوم بها بنك الكويت المركزي. لقد باتت شركات الاستثمار العماد الأساسي الى جانب القطاع المصرفي في تنمية البلاد. ويا حبذا لو قامت الجهات الأخرى بأدوارها كاملة لتشجيع القطاعات التي تحت رعايتها لتكون مثل القطاع المالي.
8 - استطاع البنك المركزي أن يفتح القطاع المالي على العالم على نحو متدرج حكيم (soft Leading) من دون احداث أي أثر جانبي لذلك. فقد سمح حتى الآن لعدد من البنوك العالمية والخليجية الكبرى العمل في الكويت بشكل لم نشعر معه بأي تهديد لمصالح المؤسسات المالية والمصرفية الكويتية، لا بل استطاع المركزي أن يستجيب لمتطلبات العولمة ومنظمة التجارة العالمية ومتطلبات الانفتاح الخليجي- الخليجي بشكل لافت للنظر لجهة التدرج في ذلك في مدى سنوات قليلة حتى أن أحدا لم يشعر بأن الأمر قد حصل أو أثر على القطاع المصرفي الكويتي. كما أنه استطاع أن يشجع العمل المالي الاسلامي بعدما سمح بتأسيس بنك بوبيان وتحويل البنك العقاري الى اسلامي. وفي ذلك أيضا يكون المركزي قد قام بما عليه القيام به لتحويل الكويت الى مركز مالي اقليمي، بانتظار أن تقوم الجهات الأخرى بما عليها أن تقوم به.
9 - في حمأة تزايد المخاطر المالية العالمية المتأتية من تبييض الأموال، وفي ظل الحملة الدولية الشرسة والمحقة على تمويل الارهاب، استطاع بنك الكويت المركزي أن يحمي الكويت من هذين الشرين باجراءات وضوابط لفتت المؤسسات الدولية المعنية لجهة جديتها وصرامتها. فعلى الرغم من تواجد الكويت في منطقة محمومة بالمال غير الشرعي الناجم عن التجارات الممنوعة وتبييض أموال المافيات وتجارة السلاح وتهريب الممنوعات، وعلى الرغم من اتهام دول المنطقة بتسهيل تمويل الارهاب، على الرغم من كل ذلك أكد المركزي مرة جديدة قدرته على حماية النظام المالي والمصرفي من أي شبهة من أي جهة كانت. ويعد ذلك ايضا من الانجازات التي يشكر عليها.
10 - يكاد يكون بنك الكويت المركزي المرجع الوحيد الذي يعتد به في الاحصاءات عن الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته. فبتقاريره الفصلية والسنوية شبه الشاملة يضع بين يدي المسؤولين والمستثمرين المحليين والدوليين جملة معطيات أساسية حديثة موثقة بالارقام تساعد على اتخاذ القرار السليم. فالمركزي لا يختصر احصاءاته على ما هو مالي ونقدي ومصرفي بل تشمل تقاريره ارقام التجارة باستيرادها وتصديرها والبورصة وميزان المدفوعات والميزان التجاري والمالية العامة وغيرها من المجالات التي تصدر عنه بشأنها جداول وبيانات يجدر أن تصدر عن جهات أخرى، فاذا به يقوم بدوره ودور غيره أيضا في هذا المجال ليسد الفراغ الحاصل أو النقص الهائل في المعلومة الاقتصادية والمالية التي لا يمكن لأحد أن يعمل من دونها.
11 - يكاد ينفرد محافظ بنك الكويت المركزي لوجوده بين كافة المسؤولين في الدولة بجديته في الظهور عندما يلزم الظهور والحديث عما يجب الحديث عنه. فمعظم المسؤولين نراهم بشكل شبه يومي يصرحون ويعلنون ويطلقون الوعود العريضة حتى أننا بتنا نعرف سلفا ماذا سيقولون.
من العبارات المخدرة للناس التي تنتظر المن والسلوى ولا ترى شيئا يتحقق لكأنها الأسطوانة نفسها دائما جعجعة من دون طحين، أما الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، فطلاته قليلة وعندما يتحدث أو يصرح يعرف ماذا يقول، فلا كلمة تزيد ولا كلمة تنقص. وتراه لا يعرف لغة الوعود العرقوبية التي يطلقها معظم المسؤولين في الدولة من دون أدنى التزام بها ولا بمواعيدها.
ولخص تقرير «مجمعات الاسواق» الى أن «السلطة النقدية مثال يحتذى به في البلاد، فاذا كان هناك من نموذح للعمل الاداري الناجح في القطاع العام فهو في البنك المركزي أولا. فتجربة المركزي تدحض كل المقولات السائدة حول أن الادارة العامة الكويتية فاشلة اذ لدينا المثل الساطع على عمل جاد قائم على قدم وساق بصمت من دون ضجيج، وانجازات لا تنتظر الاعتراف من الداخل لأنها مشهود لها في المحافل الدولية المعنية، واذا كانت المؤسسات العربية مشهورة برجالها أكثر من عملها المؤسساتي، فاننا بالشيخ سالم عبد العزيز الصباح امام رجل ليس كبقية الرجال، انه من معدن رجالات الدولة الذين قل نظيرهم».
واشار التقرير الى انه يجب القاء الضوء ليس فقط على مسألة اسقاط القروض بل على السياسات النقدية والمصرفية الحكيمة التي تنعم بها البلاد بفضل بنك الكويت المركزي ومحافظه الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، فلم يعط الرجل حقه كفاية في هذه المرحلة علما أنه، وباعتراف أهل الخبرة والدراية في القطاعين العام والخاص، يشكل صمام أمان متينا باتت البلاد بأشد الحاجة اليه الان أكثر من أي مرحلة أخرى.
1 - لا تشكل القروض المتعثرة أكثر من 3 في المئة من اجمالي القروض في الجهاز المصرفي، وهذه النسبة تعد بين الأدنى دوليا باعتراف أعلى سلطة نقدية في العالم هي صندوق النقد الدولي. وبفضل شبكة المعلومات الائتمانية (ساي نت) هناك متابعة يومية لهذا الملف الحساس حيث ان أي عميل باحث عن اقتراض أو تمويل استهلاكي يخضع لتدقيق في قدرته على ذلك وفقا لاجراءات كان وضعها المركزي بحيث لا تتجاوز اقساطه 50 في المئة من راتبه فضلا عن وضع سقوف لاجمالي القروض الاستهلاكية والمقسطة (المتعلقة بالسكن والبناء) الممكنة لكل فرد. كما أن البنك المركزي وضع ضوابط اضافية تلجم سباق البنوك على الاقراض عموما والاقراض الاستهلاكي خصوصا، ولديه متابعة شبه يومية لهذا الملف بحيث لا تترك أي شاردة وواردة للصدفة وذلك حماية منه للجهاز المصرفي والعملاء معا، أي حماية لسمعة الكويت المالية. أما النواب بمطالبتهم باسقاط القروض، يتعرضون بالاذى لتلك السمعة كما لو أن الكويتيين على حافة الافلاس وهذا ليس صحيحا بالمطلق.
2 - لا شك أن في الكويت نهما استهلاكيا متزايدا أصاب معظم المواطنين بمختلف مستويات مداخيلهم، فاذا باصحاب المداخيل المتوسطة والصغيرة يلجأون أكثر فأكثر الى الاقتراض لاشباع هذا النهم غير المبرر أحيانا كثيرة مثل بناء الفلل الفارهة وشراء السيارات الفاخرة والاقبال على السفر المتكرر أكثر من مرة سنويا بهدف السياحة والترفيه. واذا كان هناك من مشكلة في هذا الجانب فهي بالتأكيد ليست عند البنك المركزي والمصارف، بل هي مشكلة مجتمعية عامة تستدعي تداعي عدة جهات معنية لدرسها جيدا والتوعية بمخاطرها.
3 - ان أي مساس بالقروض لجهة شطبها سيخلق تشوهات مالية ومصرفية قد يكون أثرها أبلغ من أي أثر آخر، اذ كيف يمكن على سبيل المثال تأمين العدالة بين مديونيات صغيرة أو كبيرة، وكيف يمكن معرفة الميسور والاقل يسرا، المتعثر والاقل تعثرا لتحديد مستويات الحاجة.
ثم من قال ان القروض سوف لن تعود الى 5 مليارات دينار بعد أشهر قليلة اثر اسقاطها. فمن وجد نفسه بلا مديونية سيعمد فورا الى الاستدانة لانه ممكن له ذلك وفقا لمداخيله والتسهيلات الممكن الحصول عليها، أي أننا سنعود السنة المقبلة أو التي بعدها الى النغمة نفسها وهكذا دواليك في حلقة مفرغة. كما ان أي اسقاط للقروض سيشكل خللا كبيرا من ميزانيات المصارف بين موجوداتها ومطلوباتها له آثار سلبية كثيرة ليس أقلها خفض معدلات الفوائد على الايداع الى أدنى مستوى وفي ذلك عقاب للمدخرين لمصلحة المسرفين. كما أن المدخر سيأنب لأنه لجأ الى الادخار ولم يقترض مقابل مكافأة المقترض باسقاط ديونه وتشجيعه على مثلها. وفي ذلك ضرب لثقافة الادخار لا تحمد عقباها.
4 - يعمل بنك الكويت المركزي جاهدا على لجم التضخم الذي وصل الى مستويات قياسية في مارس الماضي (أكثر من 5 في المئة) ثم ما لبث أن تراجع بعدما انفك سعر صرف الدينار عن الدولار. وفي هذه القضية تتعين الاشادة بخطوة فك الارتباط لأنها كانت أكثر من موفقة.
واذا كان البنك المركزي لم يخفض الفائدة او سعر الخصم الذي هو المعيار الذي على أساسه تسعّر القروض، فهو بذلك اراد لجم القروض من جهة والحد من الضغوط التضخمية التي كانت بدأت تهدد عدة قطاعات. لكن مرة أخرى هناك مسؤوليات ملقاة على عاتق جهات أخرى في ما خص التضخم اذ ان المضاربة بأسعار الأسهم والعقار رفعت بعض الأصول الى مستويات قياسية لم تشهدها الكويت من قبل.
5 - استطاع بنك الكويت المركزي بفضل رقابته ورعايته للجهاز المصرفي أن ينهض بهذا القطاع الى مستويات تشهد بها ولها مؤسسات التصنيف الدولية بمنحها معظم مصارفنا درجات تقييم عالية ومرموقة تعد بين الافضل في المنطقة والعالم. كما استطاع أن يجعل موجودات هذا القطاع على قاعدة صلبة لا يستهان بها أقر بجودتها صندوق النقد الدولي في أكثر من مناسبة. كما اقرت مؤسسات دولية أخرى بكفاءة المصارف الكويتية في تطبيق معايير بازل 2 قبل غيرها من بنوك العالم لجهة الحساب الجيد للمخاطر مقابل الملاءة المطلوبة بمستويات استطاع المركزي الكويتي أن يشجع المصارف على تلبيتها بسرعة وسهولة بالغتين. وبفضل تلك الاجراءات الرقابية استحق محافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح لقب أفضل محافظ من عدة محافل اقليمية ودولية ومؤسسات مالية مرموقة.
6 - جاءت الكويت في المراتب الأولى عربيا وخليجيا في تقرير حديث للبنك الدولي من حيث الحصول على التمويل والائتمان المصرفي، علما أن التقرير «Doing Business» وضع علامات غير جيدة للكويت على صعد أخرى مثل بيروقراطية الحصول على التراخيص وطول اجراءات تقاضي المتنازعين بسبب الأعمال والصفقات وغيرها من الأمور التي تعني مؤسسات أخرى غير البنك المركزي. وعندما تم تناول التمويل وجدنا كيف ان الكويت متقدمة بفعل مصارف ترعاها سلطة نقدية ساهرة على حسن قيامها بدورها في تنمية البلاد بتأمين التمويل. لكن للتنمية شروط أخرى على مختلف الجهات العناية بها كما يفعل المركزي في قطاعه. وحصلت الكويت مؤخرا على المركز الأول خليجيا وعربيا وفق مؤشر امكانية الحصول على رأس المال الذي أصدره معهد ميكلن الاميركي لعام 2006. وهذا التقييم يستند الى عناصر لها علاقة بالمؤسسات المالية والمصرفية وتطور أسواق رأس المال.
7 - لا يفوتنا الاشادة برعاية البنك المركزي لقطاع شركات الاستثمار، اذ ان الأموال المدارة للغير فيه باتت تبلغ أكثر من 24 مليار دينار، وهو بذلك أكبر قطاع مالي استثماري في العالم العربي. وتؤكد تقارير مقارنة أن بين أول 50 شركة مال واستثمار عربية هناك 25 كويتية. وما الاقبال على هذا القطاع لادارة الأموال والأصول الا لأنه يتمتع برقابة جيدة يقوم بها بنك الكويت المركزي. لقد باتت شركات الاستثمار العماد الأساسي الى جانب القطاع المصرفي في تنمية البلاد. ويا حبذا لو قامت الجهات الأخرى بأدوارها كاملة لتشجيع القطاعات التي تحت رعايتها لتكون مثل القطاع المالي.
8 - استطاع البنك المركزي أن يفتح القطاع المالي على العالم على نحو متدرج حكيم (soft Leading) من دون احداث أي أثر جانبي لذلك. فقد سمح حتى الآن لعدد من البنوك العالمية والخليجية الكبرى العمل في الكويت بشكل لم نشعر معه بأي تهديد لمصالح المؤسسات المالية والمصرفية الكويتية، لا بل استطاع المركزي أن يستجيب لمتطلبات العولمة ومنظمة التجارة العالمية ومتطلبات الانفتاح الخليجي- الخليجي بشكل لافت للنظر لجهة التدرج في ذلك في مدى سنوات قليلة حتى أن أحدا لم يشعر بأن الأمر قد حصل أو أثر على القطاع المصرفي الكويتي. كما أنه استطاع أن يشجع العمل المالي الاسلامي بعدما سمح بتأسيس بنك بوبيان وتحويل البنك العقاري الى اسلامي. وفي ذلك أيضا يكون المركزي قد قام بما عليه القيام به لتحويل الكويت الى مركز مالي اقليمي، بانتظار أن تقوم الجهات الأخرى بما عليها أن تقوم به.
9 - في حمأة تزايد المخاطر المالية العالمية المتأتية من تبييض الأموال، وفي ظل الحملة الدولية الشرسة والمحقة على تمويل الارهاب، استطاع بنك الكويت المركزي أن يحمي الكويت من هذين الشرين باجراءات وضوابط لفتت المؤسسات الدولية المعنية لجهة جديتها وصرامتها. فعلى الرغم من تواجد الكويت في منطقة محمومة بالمال غير الشرعي الناجم عن التجارات الممنوعة وتبييض أموال المافيات وتجارة السلاح وتهريب الممنوعات، وعلى الرغم من اتهام دول المنطقة بتسهيل تمويل الارهاب، على الرغم من كل ذلك أكد المركزي مرة جديدة قدرته على حماية النظام المالي والمصرفي من أي شبهة من أي جهة كانت. ويعد ذلك ايضا من الانجازات التي يشكر عليها.
10 - يكاد يكون بنك الكويت المركزي المرجع الوحيد الذي يعتد به في الاحصاءات عن الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته. فبتقاريره الفصلية والسنوية شبه الشاملة يضع بين يدي المسؤولين والمستثمرين المحليين والدوليين جملة معطيات أساسية حديثة موثقة بالارقام تساعد على اتخاذ القرار السليم. فالمركزي لا يختصر احصاءاته على ما هو مالي ونقدي ومصرفي بل تشمل تقاريره ارقام التجارة باستيرادها وتصديرها والبورصة وميزان المدفوعات والميزان التجاري والمالية العامة وغيرها من المجالات التي تصدر عنه بشأنها جداول وبيانات يجدر أن تصدر عن جهات أخرى، فاذا به يقوم بدوره ودور غيره أيضا في هذا المجال ليسد الفراغ الحاصل أو النقص الهائل في المعلومة الاقتصادية والمالية التي لا يمكن لأحد أن يعمل من دونها.
11 - يكاد ينفرد محافظ بنك الكويت المركزي لوجوده بين كافة المسؤولين في الدولة بجديته في الظهور عندما يلزم الظهور والحديث عما يجب الحديث عنه. فمعظم المسؤولين نراهم بشكل شبه يومي يصرحون ويعلنون ويطلقون الوعود العريضة حتى أننا بتنا نعرف سلفا ماذا سيقولون.
من العبارات المخدرة للناس التي تنتظر المن والسلوى ولا ترى شيئا يتحقق لكأنها الأسطوانة نفسها دائما جعجعة من دون طحين، أما الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، فطلاته قليلة وعندما يتحدث أو يصرح يعرف ماذا يقول، فلا كلمة تزيد ولا كلمة تنقص. وتراه لا يعرف لغة الوعود العرقوبية التي يطلقها معظم المسؤولين في الدولة من دون أدنى التزام بها ولا بمواعيدها.
ولخص تقرير «مجمعات الاسواق» الى أن «السلطة النقدية مثال يحتذى به في البلاد، فاذا كان هناك من نموذح للعمل الاداري الناجح في القطاع العام فهو في البنك المركزي أولا. فتجربة المركزي تدحض كل المقولات السائدة حول أن الادارة العامة الكويتية فاشلة اذ لدينا المثل الساطع على عمل جاد قائم على قدم وساق بصمت من دون ضجيج، وانجازات لا تنتظر الاعتراف من الداخل لأنها مشهود لها في المحافل الدولية المعنية، واذا كانت المؤسسات العربية مشهورة برجالها أكثر من عملها المؤسساتي، فاننا بالشيخ سالم عبد العزيز الصباح امام رجل ليس كبقية الرجال، انه من معدن رجالات الدولة الذين قل نظيرهم».