إشراقات من الحكم / الشيطان


منذ ان خلق الله تعالى أبانا آدم، والشيطان قد تعهد بعداوته واغوائه واضلاله [ ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا]، فالمعركة بين الانسان والشيطان هي معركة باقية مستمرة مادامت السموات والارض، يستعمل فيها الشيطان كل ما اوتي من قوة ليحرف الانسان عن الطريق القويم والصراط المستقيم فقد جعل غواية الانسان غاية همه.
إني بليت بأربع يرمينني *** بالنبل عن قوس لها توتير
إبليس والدنيا ونفسي والهوى *** يارب أنت على الخلاص قدير
يحدد ابن عطاء الله الوسيلة التي يواجه بها المسلم هذا العدو اللدود، فيقول: «اذا علمت ان الشيطان لا يغفل عنك، فلا تغفل انت عمن ناصيتك بيده «فبعد ان علم ابن آدم ان الشيطان لن يغفل عنه ساعة، فلا ينبغي ان يغفل هو عن ربه ساعة، وذلك بدوام ذكره، والتقرب اليه، فمن قويت صلته بالله قل سلطان الشيطان عليه [ان عبادي ليس لك عليهم سلطان، وكفى بالله وكيلا]، فالالتجاء الى الله تعالى والاعتصام به خير حاجز يصد الشيطان عن التعرض للانسان [انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون].
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: ان ابليس قال لربه: بعــــزتك وجـــــلالـــــك لا أبــــرح اغــــوي بني آدم مــــا دامـــــت الأروا فيهــــم، فــــقال الله: فبعزتي وجلالي لاأبرح اغفر لهم ما استغفروني».
ويرى ابن عطاء الله ان وجود الشيطان قد يكون سببا في اقبال الانـــسان على ربه فهو يقول عن الشيطان: «جعله لك عدوا ليوحشك به اليه، وحرك عليك النفس ليدوم اقـــبالك عليه» فالانسان لا يستطيع رد غواية الشيطان عن نفـــسه بنفــسه ما لــــم يســـتـــعن بربه وفي جــــود الشــــيــــطان فان نسبــــة الاخطـــاء الشرور والمعاصي تكون اليه، فيكون كالمـنديل للاوساخ التي تلتصق به [وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره] وقال تعالى [هذا من عمل الشيطان] ففي نسبة الاوزار والاخطاء للشيــطان نوع من تكـــريم للانسان.