صالح الراشد: أقوى المناهج وأعظمها في التربية هو المنهج الصادر من رب العالمين والمتمثل في كتاب الله وسنة نبيه


في البداية يوضح استاذ اصول التربية والكاتب الاسلامي د. صالح الراشد اهمية التربية الدينية في تعويد الابناء على الصيام مبكرا بقوله ان التربية في مجملها تهذيب للسلوك الانساني وهذا التهذيب يعتمد على مناهج يعيها ويفهمها البشر، الا ان المنهج المتفرد والمتميز من هذه المناهج هو الصادر من رب العالمين والمتمثل في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذا المنهج قد حثنا على الاهتمام ببناء الشخصية منذ الصغر وغرس الفضائل والمحامد في الطفل بداية من سنواته الاولى فقد اثر عن الصحابة رضي الله عنهم انهم كانوا يلقنون ابناءهم وبناتهم الآداب الرفيعة في العقيدة والعبادة والسلوك ومن ذلك تعويدهم على النطق بكلمة التوحيد وحثهم على العبادة كالصلاة والصيام فقد ورد ان الصحابة كانوا يلهون ابناءهم باللعب حتى ينسوا الجوع ويتعودوا على الصيام وانطلاقا من هذا فان التربية تقدم فوائد جمة من تعويد الصغار على الصيام مثل غرس الايمان بالله سبحانه وتعالى وقوة التحمل والصبر ضف إلى ذلك ان مشاركتهم للكبار في الصيام يعلمهم معنى المساواة.
الترغيب والترهيب
وعن اساليب الترفية في ذلك يبين د. صالح بان هناك اساليب كثيرة منها مثلا اسلوب الترغيب والترهيب واعتمادا على هذا الاسلوب البديع في الكثير من امثلته وشواهده فان التربية تعتمده كأسلوب مهم في تحقيق الآداب العامة وغرس معاني العبادة واذا اتينا إلى هذا المعنى في الصيام نجد ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم كثيرا وهناك ايام كثيرة في السنة حددها النبي صلى الله عليه وسلم للصيام، اضافة إلى صيام النفل المطلق «غير محدد» وان هناك اياما معدودة ومحدودة هي التي لا يجوز صومها او يكره صومها وفي ذلك ترغيب للصغار والكبار على الاهتمام بهذه الشعيرة الرفيعة كذلك ما بينه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل العظيم لمن صام يوما لله «فمن صام يوما يبتغي به وجه الله سبحانه وتعالى باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا كما جاء في الحديث الصحيح»، ومن هنا فانه اذا رغب الصغير لاى هذه المعاني والفضل الكثير وان من يقوم بذلك يحبه الله سبحانه وتعالى فلا شك ان هذا يشجع على اداء الصيام والقيام به كذلك من الاساليب المفيدة تقديم الحوافز وان من يصوم يقدم له هدية ويؤخذ في رحلة او يقدم له شيء محبب اليه وهكذا فان تعويد الصغار على الصيام يتخذ جوانب مختلفة فكما ان الترغيب يكون في اشياء كثيرة كذلك التخويف ان الذي لا يصوم له عقاب شديد من الله سبحانه وتعالى إذا كان مستطيعا وقادرا وان الصيام من اركان الاسلام ومخالفة ذلك فيها إثم كبير إلى غير ذلك من أمور الترغيب والترهيب ويستطرد بقوله: «فكلما التزم اولياء الامور من الآباء والامهات ومن تكون له رعاية الصغار حتى ولو لم يكونوا من الوالدين بالتوجيه السليم والنصح النافع والاخذ بمعاني الاسلام الحنيف كان ذلك اجدى وانفع لاشاعة الخير والمعروف وتقليص الشرور وظهور المجتمع الفاضل في الحياة عموما ومن غير شك ان التعود على الخير من الصغر يساعد على تسهيل الامور على النفس اما اذا بقي هذا الصغير بعيدا عن انواع المعروف فيصعب عليه بعد ذلك التطبيق كما انه يكون قد فاته خير كثير من الثواب والأجر».
ومن جهة اخرى، يؤكد الراشد على ان اعظم شيء يجذب الناس إلى الخير وخاصة الصغار هو حب الخير فيما بيننا ونشر المعروف وقد كتب العلماء في ذلك كثيرا ومثال ذلك اصطناع المعروف والتعامل بحسن الخلق كما بين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله «لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه» وبقوله صلى الله عليه وسلم «وخالق الناس بخلق حسن» وانواع المعروف كثيرة اضافة لما سبق بر الوالدين والتزاور بين الناس وصلة الارحام فاذا ما احدثنا مثل تلك الامور سيدرك الصغار بان الخير في هذا الدين وان الغرور والمظاهر ما هي الا اشياء جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع وبالتالي من الضروري التركيز على المحبة بين الناس وان نحب لهم الخير والخير هو الحياة الكريمة والراقية وغير ذلك هبوطا وانتحارا ومن المهم جدا كثرة الدعاء واذا ما حققنا هذه المعاني فاننا على أمل ورجاء من الله رب العالمين بان نكون من الفائزين.
حب الله ورسوله
اما الشيخ عبدالله نجيب سالم الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية فيرى بان افضل الاساليب لتحبيب أبنائنا بالصيام ان نعلقهم بحب الله الذي جعل الصيام له وحده ولا يطلع عليه سواه ولا يعلم ثوابه غيره ثم بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تعلق قلبه بالصيام تعلقا شديدا «حتى كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم» كما جاء في الحديث الشريف ومن وسائل تحبيب الصغار بالصوم اخذهم به بالتدريج بحسب اعمارهم وطاقتهم. كذلك ربط المسابقات والالعاب والاهازيج والحكايات بالصوم وتصوير المفطر في أعينهم بصورة قبيحة.
وعن كيفية غرس القيم والفضائل المفتقدة داخل نفوس أبنائنا فيكمل بقوله ان رمضان فرصة عظيمة لغرس كل قيم الخير والفضائل الاسلامية ولكن ينبغي ان نختار الوسائل المناسبة بعناية حتى تؤتي ثمارها المرجوة فمن وسائل غرس القيم مثلا القدوة الصالحة فنحن قدوة لأبنائنا واحوالنا في رمضان ستنتقل اليهم وترتسم في اذهانهم كذلك التعليم الجيد والنصح الحكيم وهذه مهارة ضرورية لكافة الاباء والامهات ومن وسائل غرس القيم ايضا الاعلام الهادف المنضبط البعيد عن اساليب السخرية والاسفاف ودواعي الفتنة والمادية بالاضافة إلى العادات الحسنة والسلوكيات الموجهة التي يصطبغ بها المجتمع فاذا ما احسنا استغلال هذه الوسائل يتحول هذا الشهر الكريم إلى موسم لغرس القيم والفضائل الكريمة في نفوس أبنائنا اما اذا لم نستغل هذا الشهر الفضيل وتنحينا عن الواجب والمسؤولية ولم نلتفت إلى الدور الذي ينبغي القيام به تجاه اولادنا سينشأ الابناء بعيدا عن تعاليم الدين واحكامه قال الشاعر «وينشأ ناشئ الفتيان منا * على ما كان عوده أبوه».
ضف إلى ذلك ان النتائج ستكون خطيرة ومدمرة وفي كل مجال وميدان على الافراد وعلى الامة في المدى القريب والبعيد في الدنيا الآخرة ولنذكر قول الشاعر «إذا الإيمان ضاع فلا أمان? ولا دنيا لمن لم يحي دينا» فالتربية الدينية تربط العبد بربه وتعلمه الحلال والحرام وتدفعه إلى الخير وتنهاه عن الشر وتعزز الاخلاق وتحارب الرذيلة وتهدي إلى النظام والانضباط وتجمع الامة وتربطها ببعضها وتدعو إلى احترام الحياة والمخلوقات والكون واذا ما سقط ذلك كله فماذا يبقى لنا في نفوس أبنائنا بعد ذلك.
شهر القرآن
ومن جهة اخرى، تضيف الاستاذة سعاد بو حمرا مدير ادارة التنمية الاسرية بالأوقاف بأن شهر رمضان هو شهر تمتلئ أجواؤه بالروحانية والهدوء النفسي والعاطفي وذك بفضل الله سبحانه ومنته على بني ادم لذلك يجب علينا كمسلمين ان نستغل فرصة الثلاثين يوما هذه استغلالا جيدا لتعويد انفسنا على التحلي بما جاء بالقرآن الكريم الذي نزل بهذا الشهر فهو شهر القرآن كما يطلق عليه ومن الامور الضرورية التي يجب ان نهتم بها الابناء لان فرصة التربية متاحة بشكل ايجابي وكبير بهذا الشهر نظرا للالتصاق الشديد بين الآباء والأبناء من خلال الالتقاء على وجبة الإفطار وايضا الذهاب إلى صلوات النوافل في المسجد وزيارة الاقارب والاهل والجيران واحياء العادات والتقاليد السائدة في المجتمع فهي فرصة للترابط بين افراد الاسرة الصغيرة والكبيرة ايضا على ان يحرص الوالدان على تعويد ابنائهم على ذلك حتى بعد نهاية الشهر المبارك، وجعل كل الشهور بمثابة شهر رمضان في التقرب إلى الله العلي القدير.
وتؤكد بو حمرا على ان تعويد الطفل على التخلي عن بعض الحاجات الجسمية كالرغبة في الشبع وسيلة لتهذيب النفس وخلق قيمة التوازن الاعتدال لديه والابتعاد عن الافراط والتفريط في الطعام الامر الذي ينتج عنه تعود الطفل على الاعتدال في جميع سلوكياته إلى جانب التزام الطفل بفرائض الدين الاسلامي بفترة الصغر تسهل عليه تطبيقها عندما يكبر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مروا اولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع»، رواه ابو داود.
ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام اسوة حسنة، اذا انهم كانوا يعودون ابناءهم منذ نعومة اظفارهم على الصيام، وكانوا يصنعون لهم الألعاب المسلية، يتلهون بها وقت الصيام، ريثما يحين الافطار ، كما ثبت ذلك في «الصحيحين».
أما عن علاقة التربية بمواكبة التطور التكنولوجي بسلبياته وايجابياته.
فتقول: نحن نحتاج ان نربي اجيالا لديها ثقة بنفسها وقادرة على فهم وحب الذات بطريقة سوية والحقيقة ان الاجيال التي تتمتع بالاشباع العاطفي والوجداني من قبل الوالدين وتتلقى تربية ايجابية مليئة بالثقة والتقبل والحب تكون اجيالا قادرة على التمييز وتتمتع بالقوة والقدرة على اتخاذ القرار وفي حال نجح الاباء في تحبيب الابناء بموروثهم العقيدي والايماني والاجتماعي وواكبوا تربية الابناء على ذلك وفق المراحل العمرية المختلفة كان ذلك عاملا كبيرا في حب هؤلاء الابناء لتقاليدهم ومعتقداتهم وتراث مجتمعاتهم كما اننا بحاجة لان نقلل الفجوة القائمة بين الاجيال العمرية وبين العلماء وائمة الدين من خلال ملتقيات ودية غير تقليدية يستمع من خلالها الابناء إلى هؤلاء العلماء بتلقائية ويتعرفون على اساليبهم في الحياة اليومية فالصورة الذهنية لدى كثير من جيل شباب اليوم عن العلماء وشيوخ العلم انهم متشددون غير مرحين لا يجرؤ احد على الحديث معهم لما يرونه من سلوكيات البعض في الاعلام فهذه وسيلة لتلقي العلم عن ارثنا الديني والاجتماعي بصورة مباشرة ومحببة ومرنة وتستطرد بقولها: نصيحتي للاسرة الكويتية في هذا الشهر المبارك ان تتمسك بعاداتنا وتقاليدنا الجميلة التي نراها تتجسد بصورة واضحة في هذا الشهر الكريم من التواصل الاجتماعي بين الاسر وصلة الارحام والاقارب واكرام الضيف واكرام الجيران وايضا التوافد على بيت الله من قبل جميع الفئات العمرية الصغار والشباب وكبار السن بلهفة والمسارعة لاداء صلاة القيام والتهجد والرغبة في السفر لاداء مناسك العمرة بحرص شديد إلى جانب العناية بالمحتاجين وافطار الصائمين، لا شك ان هذه عادات جميلة نحتاج ان نمارسها على مدار العام وليس فقط في شهر واحد فيجب علينا ان ننقي صيامنا ونزكيه لان الله سبحانه وتعالى هو الذي تكفل بجزائنا عليه بما شاء فنحن نقدم للناس والاخرين اعمالا وهدايا واشياء نحرص كل الحرص على الاتقان فيها لكي يرضوا عنا خصوصا اذا كانوا اناسا تحبهم جدا ولانهم طلبوا منا هذه الامور فما بالنا برب العالمين سبحانه وتعالى عندما يقول لنا الا الصوم فانه (لي) اي لله سبحانه وتعالى فيجب ان يكون العمل والاداء في مقام المجازي لله سبحانه وتعالى جلت قدرته.
فرصة حقيقية
ومن ناحيتها ترى الكاتبة عضو مجلس ادارة جمعية المعلمين الكويتية خولة العتيقي بان رمضان فرصة حقيقية لمعالجة بعض المشاكل الاجتماعية حيث ان هناك كثيرا من المفاهيم التي يمكن معالجتها وتصحيحها في هذا الشهر الفضيل كعملية التواصل لتصبح ليست للمقربين فقط بل لكل المسلمين وايضا مفهوم الصدقة ولمن تعطى وكيف تعطى ومفهوم التعامل الحسن مع الناس خاصة في الصلوات الجماعية ومفهوم الايثار ومفهوم الصدق ومفهوم الصمت عن فضول الكلام وكل خلق حسن له ارتباط وثيق بالصيام ويمكن ممارسته كما امر الله به من خلال الصيام، مبينة ان الطفل بصيامه مبكرا يكتسب كثيرا من المبادئ والمفاهيم ويتعلم الكثير واولها الصبر عن الطعام والشراب فالايمان جزءان اوله صبر ونصفه الاخر حمد فتجده في مدرسته وفي مجتمعه صلبا لا يؤثر عليه اغراء من لم يصم من اقرانه بالطعام والشراب فترقى روحه ويرتفع ذوقه ويصفو ذهنه ويقبل على دراسته لانه اطاع الله ووالديه فاعطاه الله او من عليه بالقوة والصبر والجلد ولا يصبر الا ن يتمتع بشخصية قوية وتميز بين اقرانه وينعكس كل ذلك عليه فتزيد ثقته بنفسه بالاضافة إلى اننا عندما نتنحى عن السلوكيات الخاطئة سيصبح مجتمعنا مجتمعا فاضلا نظيفا يعيش فيه الانسان بسلام وأمان مطمئنا على نفسه وعرضه وماله.
وتضيف العتيقي باننا لن نستطيع ان ننشئ اجيالا بعيدة عن العقد والامراض الاجتماعية الا اذا غرسنا الوازع الديني في نفوس ابنائنا من الصغر يتشارك في ذلك البيت والمدرسة فالطفل الذي تحصن بالدين او حصنه اهله ومدرسته ومجتمعه بالدين لا يمكن ان يخطئ وإن اخطأ فهو يعرف ان ابواب التوبة مفتوحة والرجوع إلى الحق ابوابه واسعة فلا يوجد مثل الدين وازعا يبعد الانسان عن العقد والامراض الاجتماعية المنتشرة في العصر الحاضر وتستطرد بالاضافة إلى ان هذا هو الطريق الوحيد لحماية أبنائنا من سلبيات التكنولوجيا المعاصرة لاننا لن نستطيع ان نمنعهم من استخدام كل وسائل العصر الحديثة لاننا كما قلنا مرارا وتكرارا نحن لا نعيش على هذا الكوكب وحدنا واذا لم نستخدم آليات هذا العصر فلن نستطيع العيش فيه ونحن كمسلمين مطالبين بعمارة الكون والمحافظة على الاصالة والعمل ضمن الحداثة وعليه يجب ان تتجه التربية الاسرية والمدرسية في مناهجها على التوازن بين القبض على الدين ومواكبة التطور حتى لا نخلق جيلا متخلفا رافضا لكل ادوات الحداثة او جيلا منغمسا في استخدام الحداثة مما يحدث عندنا انفصاما في شخصياتنا وبين اجيالنا وابنائنا فلا افراط ولا تفريط وكل تطور تكنولوجي له سلبياته وله ايجابياته ولكن يجب علينا ان نفتح عيون أبنائنا على السلبيات التي تضر بهم وعليه يجب ان يتربى الطفل ليعرف ذلك تربية خاصة معتمدة على فقه الموازنات وفق الاولويات ولا نريد تربية تقوم على النظريات او تجعل الطفل يرفض الموروثات او تطيح بالعادات ولكن تربية تجعل الطفل يفرق بين الخطأ والصواب ويميز بين الحق والباطل ونصيحتي للاسر في هذا السهر الفضيل ان تلجأ إلى التألف ونبذل الخلافات والاجتماع على الخير والطاعات والاكثار من العبادات فهو شهر فضله كبير ومن فاته الاجر في هذا الشهر الفضيل فلن يحصل عليه في بقية الشهور فالحياة فرص يجب ان نغتنمها ورمضان هدية من الله سبحانه وتعالى فلنغسل انفسنا ونطهرها ونقبل على بعضنا البعض كما امرنا الله سبحانه وتعالى بالحب والاحترام والطاعة والاهتمام، والام والاب هما القدوة للابناء فيجب ان يحرصا في هذا الشهر على تعليم ابنائهما كل ما ينفعهم لدنياهم واخرتهم وتؤكد العتيقي على ان تعليم الابناء الصيام مبكرا ينبغي ان يكون بالتدرج اولا واخيرا حتى لا يؤثر على حالته النفسية، وبالتقليد كذلك فلا نجبر الطفل الذي يصوم لاول مرة بالصيام يوما كاملا يعاني فيه الجوع والعطش فيكره الصيام ليصمد نصف يوم ويزيد عليه قليلا وحين يصوم يوما كاملا يجب على الاسرة ان تكافئه وتحتفل به وتهتم به لانه تغلب على نفسه واكمل صيامه ولنعلم بان تعويد الابناء على الصيام منذ الصغر لا يكسبهم صحة نفسية فقط بل يكسبهم الثقة بالنفس والقدرة على التغلب على مصاعب حياتهم مستقبلا فالطفل الذي يصبر على الطعام والشراب وهو مكدس امامه لابد ان يكون ذا شخصية قوية واثقة من قدراتها وينبغي ايضا ان نغذي الصحة النفسية لدى أبنائنا في هذا الشهر الفضيل ايضا بالحب والتسامح والفهم للاخرين حتى يرتبط هذا الشهر في اذهانهم بهذه المفاهيم وبالتالي يحبون هذا الشهر ويحبون الصيام لانهم لقوا فيه الرحمة والعطف والحب ممن حولهم.
اما عن بعض البرامج التي لا تراعي حرمة هذا الشهر الفضيل فتؤكد على ان مع الانبهار الكاسح من بعض اجهزة الاعلام للصغار والكبار لا ينفع ان نمنع ابناءنا من مشاهدتها بالقوة ولكن يجب ان نشاركهم في مشاهدة ما يشاهدون حتى نكون الحارس لابصارهم واسماعهم او ان نشغلهم بالخير ونكفلهم بواجبات ونخرج معهم لواجبات تلفت وتبعد نظرهم عن كل ما يتعارض وحرمة هذا الشهر الفضيل مثل مشاركتهم معنا في توزيع الصدقات او تقسيمها بين الفقراء وان نرجع كل ما يواجههم في حياتهم من نجاحات وتوفيق إلى عملهم الصالح الذي ادوه في رمضان وهناك طرق تربوية كثيرة ومهمة لتصحيح المفاهيم الاخلاقية لدى الاطفال واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التربوية خير مرشد لذلك وتكمل فاذا ما حدث تقصير لا قدر الله في تربية أبنائنا فاللوم على كل المسؤولين عن عملية التربية ابتداء من الاسرة ومرورا بالمدرسة وانتهاء بالمسجد لان البيت قد يقصر وتنجح المدرسة في توجيه الطفل واستيعاب مشاكله وقد تقصر المدرسة فيجد الطفل في المسجد خير معين وقد يخفق المسجد فيكون الصديق هو المؤثر ومسؤولية الاسرة ان تحاول بالا يصاب ابناؤها بالعقد النفسية عن طريق رعايتهم وتربيتهم قبل ان يتلقفهم الصديق وغيره وتختتم العتيقي حديثها ببيان مواصفات الجيل القادر على حمل لواء الامة بقولها اول مواصفات جيل المستقبل المسلم ان يكون ايمانه قويا وان يعرف ان الله معه فلا يستسلم لاعلام ولا لمناهج ولا لجماعات هدامة لا هدف لها فالايمان هو الركن الاساسي والتربية الدينية هي الاساس ومتى ما تأسس الطفل على حب الله والرسول والاعتزاز بدينة استطاع ان يحمي نفسه ومجتمعه واستطاع النهوض به.
الصحة العامة
اما عن اذا ما كان للصوم مبكرا اي اعراض جانبية على الصحة العامة للطفل فيقول الدكتور جمال يوسف الدعيج مدير مستشفى الامراض السارية يجب مراعاة الصحة العامة للطفل وخلوه من الامراض مثل مرض السكري وامراض الكلى والانيميا ولكن اذا كان الطفل معافى من الامراض فلا يضره البدء في سن مبكرة، مشيرا إلى انه ينبغي عليه ان يبدأ معه بالتدريب والتدرج من عدة ساعات إلى اليوم الكامل في هذا الوضع وبهذه الصورة لا يحمل الصوم اثارا جانبية اما عن وجود سن معينة للصوم ام لا فيؤكد الدعيج على انه لا يوجد سن معينة ولكن الافضل الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم والبدء من سن 7 سنوات مع مراعاة قوة بنيان الطفل وصحته العامة وخلوه من الامراض مبينا بان الصيام التدريجي يساعد الجسم على التأقلم على قلة السكريات والسوائل فالتدرج افضل للطفل كصوم بضع ساعات في البداية ونتزايد تدريجيا للوصول إلى اليوم الكامل مع مراعاة نفسية الطفل وتخصيص الجوائز للصيام والمساعدة في قضاء وقت الصيام بالقصص والالعاب المفيدة وعن ما اذا كانت تبدو على الطفل الضعيف صحيا اي علامات عندما يصوم ام لا فيقل نعم قد تبدو علامات على الطفل الضعيف صحيا وغير القادر على الصيام فقد يشعر بالتعب السريع من اقل مجهود بالاضافة إلى الصداع وزغللة العين وفقدان التركيز والتعرق وشحوب الوجه وقلة التحصيل الدراسي.
وبسؤالنا د. الدعيج عن اخطر امراض العصر وكيفية اتقائها باعتبارها فرصة لوجوده معنا قال تعتبر البدانة هي اخطر امراض العصر التي قد تصيب ابناءنا ولكن اذا تم التطبق العملي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم للحديث الشريف «صوموا تصحوا» وتقسيم المعدة إلى ثلاث للهواء والطعام والماء وتعويد الابناء على التدرج في الصيام عن الحلويات والكاكاو وعن كثرة الخبز والارز سوف نجني الخير الكثير لصحة أبنائنا باذن الله.