دليل العدالة
| بقلم السيد ابو القاسم الديباجي |دليل العدالة: ليس بخاف على القارئ الكريم ان العدالة من صفات الله تبارك وتعالي، وما يصدر عنه هو العدل المطلق لا غير، ولذا فإن كل النظم والشرائع والمناهج المنبعثة عن الذات الإلهية مناطها العدل، ومنتهاها هو لا غيره.
واذا تعارف البشر على ان مفهوم الجزاء والثواب هو المقياس المرتكز عليه في جوانب الحياة يمثل واحدا من مصاديق اقرار العدل بين عموم الناس، والمنهج الذي يمتاز به الحق عن الباطل والمخلص والمخادع فإن هذا المقياس الذي تآلف على البشر حياتهم هو الصورة المبسطة والمصغرة عن المفهوم العام والمطلق الذي تجريه ارادة السماء في احقاقها للحق وابطالها للباطل وبالتالي اعطاء كل ذي حق حقه ومعاقبة كل مذنب على ذنبه ومعصيته.
ولا مناص من القول بأن المقاييس البشرية في تنفيذ هذا البرنامج الكبير متفاوتة التطبيق، مزاجية الارتكاز لا يمكن ان تنال الكل، ولا ان تنصف الجميع بل وهو في احيان كثيرة تمنح الحق وتفيض العطاء على المذنب، وتعاقب وتحرم صاحب الحق والمعتدى عليه وهو امر معروف ومشهور حتى امست من نكات العصر اطلاق صفة العدالة العمياء على احكام الأرض الوضعية ومراكزها صاحب القرار، والمجرية له ولا يتوقف الامر عند هذا الحد بل يتجاوز إلى عدم قدرة الارادة البشرية وقوانينها الوضعية على تحصيل وادراك جل حوادث الظلم والتعسف والمخالفات تجرى على الأرض، ناهيك عن كلها وجميعها.
ويتعدى هذا الامر ليتوقف كثيرا امام سلاطين الجور، وحكام الظلم والتعسف الذين يمتلكون ناصية القرار، ويتحكمون في وسائل تطبيقه، كيف انه رغم ظلمهم الذي قد يتجاوز الوصف، ويتعدى كل حد تراهم بعيدين عن متناول العدالة الوضعية وهي اعجز من ان تعاتبهم ناهيك عن معاقبتهم والاقتصاص منهم، هذا اذا لم تثن عليهم، وتمجد ظلمهم وتشيد باسرافهم وتجاوزهم للحدود والحرمات والحقوق في كل يوم وكل ساعة، فيتحول الظالم إلى عادل، والمظلوم إلى مخالف وعاق وخارج عن القانون؟!
هكذا هي العدالة البشرية، وهذه ابسط مصاديقها فكم وكم من المظلومين عفى الدهر على حياتهم واسمائهم ورحلوا عن هذه الدنيا دون ان تقول العدالة البشرية في حقهم كلمة حق، ناهيك عن ان تحكم لهم به، بل وكم من الظلمة والطواغيت من رحلوا عن هذه الدنيا بعد ان ملؤوها بفسادهم وظلمهم وهتكهم للحرمات والمقدسات وقتلهم للنفس المحرم قتلها الا بالحق، حين ترى نصبهم وصورهم واسماءهم تملأ الشوارع وتغص بها الكتب والمجلدات كلها تثني على عدالتهم وتشيد بأخلاقهم، وسمو منازلهم، والكثير الكثير من البشر في هذا الامر مخدوعون وتحت ظلال عتمته نائمون غافلون.
نعم، ان هذا الامر مما شغل عقول واذهان المفكرين والعلماء على طول التاريخ، وادركوا ان لا عدالة تنال من المجرم الا عدالة السماء ولا محكمة تضع الحق في موازينه الا محكمتها ولا يوم يقف فيه الجميع متساوين لا فرق بينهم لينال كل ذي حق حقه، ويجزى كل من اقترف ذنبا جزاءه الا يوم القيامة حيث يقف الاشهاد بين يدي البارئ جل اسمه لتقام المحكمة العادلة وينال كل واحد على قدر ما اقترف وما جنى ويسترد المظلوم حقه كاملا لا نقص فيه ولا حيف، بل وحتى ما غفل عنه وما لم يكن به عالما، لأن علم الله تعالى احاط بكل شيء وقدرته لا حدود لها ومدى.
ان الله تبارك وتعالى لم يخلق الناس سدى وعبثا ولم يكلفهم بالعدل والمحبة والخير عبثا ولم يحذرهم لغوا بل جعل كل شيء يجري وفق نظم وبرامج سماوية تخضع كل شيء للمراقبة وتشرف بدقة على كل شيء، علاوة على انه جل اسمه يحيط بكل ذلك ويعلم بكل شيء ولكن لئلا يترك لأحد حجة، ولا لمخادع ذريعة يتذرع بها والبشر عموما - الا اهل العصمة - مقترفون للذنوب الا من رحم ربي، وذنوبهم هذا عند الله تعالى في كتاب لا يخطئ ابدا، ولكنه جل اسمه يؤخرهم ليوم في آخر الدنيا ليترك للظالم ما يمكنه من التراجع عن ظلمه، والمذنب لتكفير ذنوبه، وإلا فإن العقاب سيكون حينذاك اشد واقسى، لأنه عقاب رب السماوات والارض، الجبار المتكبر، عذاب لا تتصوره العقول ولا تتخيله الاذهان، فليبادر كل عاص إلى التوبة وكل مقصر للتكفير عن تقصيره وجريرته.
نعم، يتركهم جل اسمه رغم علمه بمعصيتهم وظلمهم لأنهم عموم البشرية وبعقابهم تخلو الأرض ويهلك من فيها قال تعالي في سورة النحل «ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى اجل مسمى فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون» بلى، ان الله تعالى سيؤخرهم إلى ذلك الاجل، وسينال كل واحد ما اجترف وما اقترفت يداه وهناك سيقام العدل، وتنصب موازينه، وتجرى مناهجه، في ذلك اليوم لا غيره يكون العدل هو المنهج الحاكم، والسبيل المتبع، وهو الامل المترسخ في اذهان البشرية جمعاء شاءت ام ابت، كابرت في ذلك أو انكرت انها تعرف ذلك وتستدل في ذلك على مسألة اقرار العدل وتحقيق مصاديقه الصحيحة، وفي القرآن الكريم آيات واضحة تشير إلى هذا الامر ففي سورة الجاثية يقول تبارك وتعالى: «أم حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون، وخلق الله السموات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون» 21 - 22، وقوله تبارك شأنه في سورة إبراهيم «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ان الله عزيز ذو انتقام، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار، وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد، سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار، ليجزى الله كل نفس ما كسبت ان الله سريع الحساب، هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا انما هو إله واحد وليذكر اولوا الالباب» 47 - 52، وغير ذلك فراجع وتأمل.
واذا تعارف البشر على ان مفهوم الجزاء والثواب هو المقياس المرتكز عليه في جوانب الحياة يمثل واحدا من مصاديق اقرار العدل بين عموم الناس، والمنهج الذي يمتاز به الحق عن الباطل والمخلص والمخادع فإن هذا المقياس الذي تآلف على البشر حياتهم هو الصورة المبسطة والمصغرة عن المفهوم العام والمطلق الذي تجريه ارادة السماء في احقاقها للحق وابطالها للباطل وبالتالي اعطاء كل ذي حق حقه ومعاقبة كل مذنب على ذنبه ومعصيته.
ولا مناص من القول بأن المقاييس البشرية في تنفيذ هذا البرنامج الكبير متفاوتة التطبيق، مزاجية الارتكاز لا يمكن ان تنال الكل، ولا ان تنصف الجميع بل وهو في احيان كثيرة تمنح الحق وتفيض العطاء على المذنب، وتعاقب وتحرم صاحب الحق والمعتدى عليه وهو امر معروف ومشهور حتى امست من نكات العصر اطلاق صفة العدالة العمياء على احكام الأرض الوضعية ومراكزها صاحب القرار، والمجرية له ولا يتوقف الامر عند هذا الحد بل يتجاوز إلى عدم قدرة الارادة البشرية وقوانينها الوضعية على تحصيل وادراك جل حوادث الظلم والتعسف والمخالفات تجرى على الأرض، ناهيك عن كلها وجميعها.
ويتعدى هذا الامر ليتوقف كثيرا امام سلاطين الجور، وحكام الظلم والتعسف الذين يمتلكون ناصية القرار، ويتحكمون في وسائل تطبيقه، كيف انه رغم ظلمهم الذي قد يتجاوز الوصف، ويتعدى كل حد تراهم بعيدين عن متناول العدالة الوضعية وهي اعجز من ان تعاتبهم ناهيك عن معاقبتهم والاقتصاص منهم، هذا اذا لم تثن عليهم، وتمجد ظلمهم وتشيد باسرافهم وتجاوزهم للحدود والحرمات والحقوق في كل يوم وكل ساعة، فيتحول الظالم إلى عادل، والمظلوم إلى مخالف وعاق وخارج عن القانون؟!
هكذا هي العدالة البشرية، وهذه ابسط مصاديقها فكم وكم من المظلومين عفى الدهر على حياتهم واسمائهم ورحلوا عن هذه الدنيا دون ان تقول العدالة البشرية في حقهم كلمة حق، ناهيك عن ان تحكم لهم به، بل وكم من الظلمة والطواغيت من رحلوا عن هذه الدنيا بعد ان ملؤوها بفسادهم وظلمهم وهتكهم للحرمات والمقدسات وقتلهم للنفس المحرم قتلها الا بالحق، حين ترى نصبهم وصورهم واسماءهم تملأ الشوارع وتغص بها الكتب والمجلدات كلها تثني على عدالتهم وتشيد بأخلاقهم، وسمو منازلهم، والكثير الكثير من البشر في هذا الامر مخدوعون وتحت ظلال عتمته نائمون غافلون.
نعم، ان هذا الامر مما شغل عقول واذهان المفكرين والعلماء على طول التاريخ، وادركوا ان لا عدالة تنال من المجرم الا عدالة السماء ولا محكمة تضع الحق في موازينه الا محكمتها ولا يوم يقف فيه الجميع متساوين لا فرق بينهم لينال كل ذي حق حقه، ويجزى كل من اقترف ذنبا جزاءه الا يوم القيامة حيث يقف الاشهاد بين يدي البارئ جل اسمه لتقام المحكمة العادلة وينال كل واحد على قدر ما اقترف وما جنى ويسترد المظلوم حقه كاملا لا نقص فيه ولا حيف، بل وحتى ما غفل عنه وما لم يكن به عالما، لأن علم الله تعالى احاط بكل شيء وقدرته لا حدود لها ومدى.
ان الله تبارك وتعالى لم يخلق الناس سدى وعبثا ولم يكلفهم بالعدل والمحبة والخير عبثا ولم يحذرهم لغوا بل جعل كل شيء يجري وفق نظم وبرامج سماوية تخضع كل شيء للمراقبة وتشرف بدقة على كل شيء، علاوة على انه جل اسمه يحيط بكل ذلك ويعلم بكل شيء ولكن لئلا يترك لأحد حجة، ولا لمخادع ذريعة يتذرع بها والبشر عموما - الا اهل العصمة - مقترفون للذنوب الا من رحم ربي، وذنوبهم هذا عند الله تعالى في كتاب لا يخطئ ابدا، ولكنه جل اسمه يؤخرهم ليوم في آخر الدنيا ليترك للظالم ما يمكنه من التراجع عن ظلمه، والمذنب لتكفير ذنوبه، وإلا فإن العقاب سيكون حينذاك اشد واقسى، لأنه عقاب رب السماوات والارض، الجبار المتكبر، عذاب لا تتصوره العقول ولا تتخيله الاذهان، فليبادر كل عاص إلى التوبة وكل مقصر للتكفير عن تقصيره وجريرته.
نعم، يتركهم جل اسمه رغم علمه بمعصيتهم وظلمهم لأنهم عموم البشرية وبعقابهم تخلو الأرض ويهلك من فيها قال تعالي في سورة النحل «ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى اجل مسمى فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون» بلى، ان الله تعالى سيؤخرهم إلى ذلك الاجل، وسينال كل واحد ما اجترف وما اقترفت يداه وهناك سيقام العدل، وتنصب موازينه، وتجرى مناهجه، في ذلك اليوم لا غيره يكون العدل هو المنهج الحاكم، والسبيل المتبع، وهو الامل المترسخ في اذهان البشرية جمعاء شاءت ام ابت، كابرت في ذلك أو انكرت انها تعرف ذلك وتستدل في ذلك على مسألة اقرار العدل وتحقيق مصاديقه الصحيحة، وفي القرآن الكريم آيات واضحة تشير إلى هذا الامر ففي سورة الجاثية يقول تبارك وتعالى: «أم حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون، وخلق الله السموات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون» 21 - 22، وقوله تبارك شأنه في سورة إبراهيم «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ان الله عزيز ذو انتقام، يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار، وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد، سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار، ليجزى الله كل نفس ما كسبت ان الله سريع الحساب، هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا انما هو إله واحد وليذكر اولوا الالباب» 47 - 52، وغير ذلك فراجع وتأمل.