النفط لن يدوم ومسؤوليتنا تأمين حياة كريمة للأجيال المقبلة
أشار تقرير الشال الى ان الدكتور يعقوب يوسف الحجي، مؤلف كتاب حول النشاطات البحرية القديمة في الكويت، يذكر أن حصيلة صادرات الكويت في عام 1924/1925 بلغت 8.199.765 روبية، كان نحو نصفها حصيلة صادرات اللؤلؤ والعملات الفضية. وكانت حصيلة الضريبة على الغوص، في عهد الشيخ مبارك، تبلغ نحو 150 ألف روبية، لذلك كان سفر الشيخ مبارك الصباح، حاكم الكويت، إلى البحرين لمصالحة هلال فجحان المطيري ضرورة من ضرورات الأمن الوطني. وكان نشاط الغوص في سنة 1911، يوفر نحو 20 ألف فرصة عمل مباشرة، وكثيرا من فرص العمل غير المباشرة، مثل عمالة صناعة السفن وعمالة التجارة والنقل التي تعتمد على عدد العاملين ودخلهم في نشاط الغوص. وكانت آلية عمل الاقتصاد بمجملها، تعتمد على الإقراض، وهو ائتمان كان يقدمه الأفراد، وتقدمه اليوم البنوك وشركات التمويل القائمة حالياً.
وضُرب سوق اللؤلؤ، مرة، بُعيْد عام 1917، نتيجة إفرازات الحرب العالمية الأولى والتغييرات الاجتماعية والسياسية التي أحدثتها في أوروبا، وأفضت إلى فقدان الأسر البرجوازية كثيراً من السلطة والثروة والرغبة في التباهي. ثم ضُرب ذلك السوق ثانية بسبب أزمة الكساد العالمي التي أصابت اقتصادات العالم في عام 1929، ثم ضُرب للمرة الثالثة في عام 1933، بانخفاض حصيلة صادراته من 4 ملايين روبية إلى 450 ألف روبية في ذلك العام، عندما صدَّرت اليابان أولى شحنات بضائعها من اللؤلؤ الصناعي، بحدوث هذا الانحدار الكبير في حصيلة نصف صادرات الكويت الآتي من نشاط الغوص على اللؤلؤ، وأمام شح مصادر الدخل البديلة، اضطر الكويتيون آنذاك إلى اللجوء الى أعمال ذات مخاطر أعلى للتعويض، مثل تكثيف جهود تجارة النقل البحري- السفر- خلال الحرب العالمية الثانية مع احتمال التعرض للقصف أحياناً، والعمل في تهريب الذهب إلى الهند قبل الحرب العالمية الثانية، ومن الهند خلال الحرب.
حدث ما حدث للكويت في القديم، وكان سكانها بالكاد يتواجدون فيها، فهم في هجرة شبه دائمة طلباً للرزق، ونحن نعرف الآن أننا نملك أقل من نصف النفط الذي كنا نعتقد أننا نملك. ونعرف أيضاً أن ارتفاع أسعار النفط يعني تحسن اقتصادات مصادر الطاقة البديلة، وقد سبق للفحم أن حل محل البخار، كما سبق للنفط أن حل محل الفحم، وما حدث، وما سوف يحدث، في معظمه، نتيجة متغيرات خارجة عن نطاق سيطرتنا. ودور جيلنا ومسؤولياته الحقيقية تسليم بلد آمن لنحو 53 في المئة من الشعب، لا يشارك فيه سلطة اتخاذ القرار لأن أعمارهم دون الـ 21 سنة، وأجيال كثيرة لم تولد بعد، هي ضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم. ونسوق هذا الكلام بمناسبة ما يدور حالياً من أحاديث حول نوايا حكومية أو نيابية للتصرف بالثروة العامة المحدودة والموقتة بتوزيعها بدلاً من تنميتها.