35 ألفا من المصلين في المسجد الكبير يتلمسون ليلة القدر «في الوتر من العشر الأواخر»
احتشد اكثر من 35 ألفا من المصلين في المسجد الكبير الذين توافدوا لإحياء ليلة من الليالي الوترية التي اوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عن ليلة القدر: «التمسوها في الوتر من العشر الاواخر» آملين ان تكون هي الليلة المنتظرة والتي تعادل في عبادتها ألف شهر، ساعين إلى طلب العفو والمغفرة من الله عز وجل في هذه الليلة المباركة وأمّ المصلين في الاربع ركعات الأولى القارئ الشيخ مشاري العفاسي الذي شنف الآذان بقراءة عطرة من آي الذكر الحكيم بداية من الآية «16» من سورة مريم وحتى الآية «36» من سورة طه ثم أمّ المصلين في الركعات الاربع الاخيرة القارئ الشيخ خالد السعيدي حيث كانت تلاوته بداية من الآية «27» من سورة طه حتى نهاية السورة، وابكى السعيدي جموع المصلين في القنوت الذي تجلت فيه لحظات الخشوع والسكينة على رواد المسجد الكبير.
وتخلل ركعات الصلاة الخاطرة الايمانية اليومية التي يلقيها الشيخ نبيل العوضي وقد ركز فيها على قضية الثبات على دين الله وحث المسلمين على الثبات على طاعة الله تعالى بعد انقضاء شهر رمضان مستشهدا بعدد من قصص الثبات على الدين استقاها من الآيات التي تلاها الشيخ العفاسي من سورة طه، ومنها قصة آسيا زوجة فرعون وكيف تحملت شتى صنوف العذاب وهي ثابتة على دينها، وكذلك موقف السحرة الذين آمنوا بموسى عليه السلام لما عرفوا الحق وثبتوا ولم يرجعوا عنه رغم تهديد فرعون لهم وتنفيذه لما توعدهم به.
وفي ذات السياق اشاد رئيس اللجنة الإعلامية في المسجد الكبير علي شداد بالتفاعل الايجابي مع حدث العشر الاواخر في المسجد مثمنا دور المشاركة المجتمعية من جميع المؤسسات الاهلية والرسمية التي تشارك في خدمة المصلين المتوافدين لإحياء الليالي العشر الاخيرة من رمضان.
وشكر شداد وزارة الداخلية على دورها المتميز في تسهيل حركة السير وتنظيم وترتيب المرور في كل الشوارع الجانبية للمسجد، كما شكر دور شباب الكويت المتطوعين الذين زينوا ردهات المسجد بترتيبهم وتسهيلهم على المصلين اداء عبادتهم ووفروا جميع الخدمات لهم من مياه للشرب والعصائر والمشروبات الساخنة وشكر شباب الهلال الاحمر والدفاع المدني وغيرهم ممن يشاركون في خدمة رواد المسجد والذي يعتبر شرفا لكل مشارك.
وفي هذه الليلة تحدث الشيخ مشعل تركي الظفيري قائلا «ان الله عز وجل عظم الوقت لأنه عمر الإنسان، ولو لم يكن له اهميته ومكانته لما اقسم الله تعالى به في اماكن كثيرة كقوله تعالى «والعصر ان الإنسان لفي خسر» وقوله تعالى: «والضحى والليل اذا سجى» وقوله «والفجر وليال عشر» فينبغي على الإنسان ان يجتهد في مضاعفة الاعمال الصالحة في هذه الايام لأن الحياة ليست مضمونة والعمر لا يملكه احد وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك، وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك».
ووجه الظفيري حديثه إلى الشباب ليحثهم على استغلال هذه الاوقات لأنها تعد من فرص الخير في حياة الإنسان وطالبهم بالتخطيط لحياتهم وألا يغلبوا الدنيا على الآخرة، وان يتخذوا من الدنيا مطية توصلهم إلى رضوان الله تعالي، ونصحهم بأمور عدة منها المداومة على الدعاء وبخاصة في اوقات الاجابة، وايضا صلة الرحم، وحسن الجوار وبر الوالدين.
وتطرق الظفيري إلى دور الوالدين في توجيه الابناء إلى استغلال الوقت فيما يفيد وينفع، وعدم اهداره في امور لا تتفق مع المنهج الرباني في الحفاظ على الوقت، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «علموا اولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر».
وطالب المسلمين ان يغتنموا الايام الباقية من رمضان وان يجدوا ويجتهدوا في طلب العفو والمغفرة من الله تعالى في هذه الايام والليالي المباركة اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وعملا بسنته في هذه الليالي التي كان يعتزل فيها اهله ويتفرغ للعبادة والاعتكاف تقربا إلى الله عز وجل. وفي سياق آخر، قال مدير إدارة الهيئات الشبابية في الهيئة العامة للشباب والرياضة عبدالله عبدالرسول «ان الهيئة العامة للشباب والرياضة تشارك في هذه التظاهرة الايمانية بشكل سنوي من خلال عشائر الجوالة الذين يتواجدون يوميا لخدمة ضيوف المسجد الكبير».
واضاف «ان هذا العمل تطوعي ونأمل ان يحسب الاجر عند الله لهؤلاء الشباب الذين يتفانون في العمل من اجل خدمة المصلين».
واعلن ان عدد الشباب الموجودين لخدمة ضيوف المسجد الكبير 120 جوالا اضافة إلى الدليلات الجوالات لخدمة المصلين من فئة الاناث، وهذا يعتبر عددا متميزا وكافيا لخدمة ضيوف المسجد الكبير من حيث التنظيم، واوضح ان شباب الجوالة منتشرون داخل المسجد الكبير وخارجه فهم يقومون بتنظيم السير وتنظيم مواقف السيارات وتسهيل جميع السبل للمصلين حتى تكون هناك راحة نفسية وسكينة وطمأنينة وبين ان هناك تعاونا بين الهيئة العامة للشباب والرياضة وبين وزارة الاوقاف فيما يخص العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك.
وأكد ان شباب الجوالة لديهم خطة خاصة لليلة 27 من هذا الشهر الكريم لأن اعداد المصلين تتضاعف في هذه الليلة المباركة.
وقال «ان وجود المصلين والتزامهم هو احد الاشياء الاساسية التي اعتاد عليها المجتمع الكويتي سواء من المواطنين أو المقيمين» مشيرا إلى ان الكويت بلد مسلم وبلد الخير وبلد المؤسسات الخيرية التي تنشر خيرها في العالم اجمع.
واشاد بدور إدارة المسجد الكبير في تعاونهم مع الهيئة العامة للشباب والرياضة معربا عن امله بأن يكون هناك تعاون من قبل المصلين بقدر المستطاع لضمان حسن السير داخل وخارج المسجد الكبير، كما اشاد بشباب الجوالة وبالمستوى الراقي في حسن تعاملهم مع المصلين.
وليلة القدر هي ليلة نور الله تعالى بها الوجود، وجاد على البشرية بالكتاب العظيم ذي القدر الجليل القرآن الكريم، هذا الكتاب ليس كلمات ترتل فحسب، أو تزين به جدران المساجد والمنازل واماكن العمل، بل هو منهج حياة للانسانية جمعاء، ينظم حياة الناس فكرا واعتقادا، وسلوكا واخلاقا وعبادات ومعاملات، وحربا وسلاما، انه كتاب يستحوذ على كل الحياة ويجعلها حياة ربانية، تستمد وجودها وكيانها وهويتها من السماء، هكذا يعيش المؤمنون بهذا الكتاب كالسراج المنير بين الأمم، والأمم حولهم يخبطون خبطا عشوائيا في ظلمات بعضها فوق بعض.
واذا كان الزمان يقدر ويرتبط بما يقع فيه من احداث عظام، كعام الفيل، وعام الفتح، وعام الرمادة، وسنة الهدامة، وغيرها من الحوادث، فليلة القدر اعظم حدث للبشرية، انزل الله فيها القرآن استنقاذا للبشرية مما هي فيه من ضياع وصدق الله العظيم اذ يقول: «شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» ونسأل الله تعالى ان تعرف الأمة الإسلامية قدر هذا الكتاب الذي انزله الله تعالى اليها ولترتفع إلى قدر هذا الكتاب حتى يعلو شأنها بين الأمم.
الامام يـؤم المصلين