وافدون أكدوا لـ «الراي» افتقادهم لمة الأسرة على مائدة الإفطار: قسوة الغربة والعزوبية تزداد في رمضان
تزداد صعوبة حياة العزوبية على الانسان عندما تكون مقترنة بالغربة عن الوطن الام والاضطرار الى الابتعاد عن الاسرة والاهل والاصدقاء والاحباب.
وربما تزداد هذه الصعوبة حدة وتكون اشد قسوة على النفس في المناسبات الدينية التي اعتاد الوافد على قضائها في طقوس وعادات معينة في بلده وسط الاسرة والاهل ويفتقدها في حياة الغربة والعزوبية. وتتصاعد هذه الصعوبة اكثر واكثر على الوافد المغترب عندما يكون اعزب من دون زوجة او اولاد يعينونه على قسوة الغربة.
وتظهر هذه الصعوبات مجتمعة وتكون اكثر وضوحا في شهر رمضان المبارك، حيث يفتقد الوافد الاعزب المقيم في الغربة «لمة» الاسرة على مائدة الافطار وزيارات الاهل والاصدقاء وصلاة التراويح في المساجد، وجلسات السمر بين الاحباب أو أمام شاشات التلفزيون ومتابعة المسلسلات الرمضانية المشوقة، فضلا عن مهارة النساء في اعداد الاطعمة والمأكولات المميزة لشهر رمضان المبارك.
هذه وغيرها الكثير يفتقدها الوافد المغترب خصوصاً اذا كان اعزب... فماذا يفعل هؤلاء في رمضان، كيف يتصرفون، هل «يطبخون» لانفسهم اصناف الطعام المحببة اليهم في الشهر الكريم، ام يلجأون الى المطاعم أو موائد الرحمن في المساجد، وكيف يعيشون يومهم الرمضاني من بعد الدوام وحتى الافطار ثم الخروج الى المقهى او الجلوس امام الشاشة الفضية ومتابعة المسلسلات، واخيرا تناول السحور. استعدادا ليوم جديد من الصيام.
«الراي» التقت عدداً من المغتربين العزاب وسألتهم: كيف احوالكم مع العزوبية والغربة في رمضان؟
احمد سمير الذي يسكن مع زميلين له في غرفة يقول: «العزوبية شيء صعب خصوصاً للشخص المتزوج الذي ترك زوجته واولاده والذي اعتاد على نمط الحياة الزوجية من تجهيز الزوجة للطعام واعداده والقيام بجميع الاعمال المنزلية من غسيل الملابس وتنظيف الشقة وغسيل الاواني وغيرها من الاعمال المنزلية».
واضاف «نضطر الى فعل كل ذلك في الغربة، حيث ليس هناك مفر من التأقلم مع حياة العزوبية».
وعن كيفية التأقلم مع حياة العزوبية في شهر رمضان رد قائلا: «في شهر رمضان يكون بيننا تقسيم للعمل، حيث يلتزم كل شخص منا القيام بالعمل الذي تم الاتفاق عليه فيما بيننا، فمثلا يتم تكليف احدنا بشراء المتطلبات المعيشية من الجمعية او البقالة والثاني يكلف بطهي الطعام وتجهيزه اما الثلاث فيكلف بغسيل الاواني بعد الافطار والسحور اما عملية غسيل الملابس فكل شخص بحاله يقوم بغسيل ملابسه وهكذا تصير الامور. في ما بيننا نحن العزاب في رمضان».
واوضح ان كل واحد منا اختار العمل الذي يناسب ظروف دوامه فمثلاً انا مكلف بشراء الطلبات من الجمعية لان ظروف دوامي لاتسمح لي بالوقوف فترة طويلة في المطبخ لتجهيز الطعام وان ذلك الامر يقوم به زميلي الذي يعمل في احدى الوزارات والذي ينتهي دوامه في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر وبالتالي عنده الوقت الكافي لاعداد الطعام».
وقال: «إن الغربة عموما سواء في رمضان او غيره تتطلب من العزاب ان يكون بينهم مراعاة لظروف بعضهم البعض بحيث نحاول قدر الامكان الا يحدث بيننا اي نوع من المضايقة لانه كفاية علينا الشعور بالغربة والبعد عن الاهل والاولاد».
وعما اذا كان يذهب لتناول الافطار في موائد الرحمن قال «افضل دائما ان اتناول الافطار مع زملائي في السكن ولم اذهب مرة واحدة الى تلك الموائد الرمضانية والسبب ليس اعتراضا عليها او خجلا منها وانما السبب هو ان تناول الافطار مع زملائي يشعرني بالجو الرمضاني الذي اعتدت عليه عندما كنت في بلدي حيث تتجمع الاسرة على مائدة واحدة واحيانا كان يتم دعوة بعض الاصدقاء لتناول الافطار في السهرات الرمضانية التي تنظمها العائلة في صعيد مصر وحول ما يحدث من عادات في تلك السهرات الرمضانية اوضح قائلا: «تتم تلاوة آيات الذكر الحكيم من قبل مقرئ يتم الاتفاق معه لأحياء تلك السهرات رمضانية طوال ايام الشهر المبارك وكذلك تتم صلاة التراويح داخل تلك السهرة الرمضانية والتي تتبادل فيها العائلات الصعيدية الزيارات وهذا يشبه الى حد كبير نظام الدواوين هنا في الكويت وان اختلفت بعض المسميات فمثلا الديوان يطلق عليه في الصعيد الدوار او المندرة وتمتد السهرة الرمضانية الى موعد تناول السحور وصلاة الفجر وهكذا فشهر رمضان بالذات صعب على الانسان ان يقضيه خارج وطنه لكن الظروف في بعض الاحيان تكون اقوى من الانسان ولهذه الاسباب يفضل كثير من المصريين قضاء شهر رمضان في بلده لتذكر رائحة الماضي والايام الرمضانية الجميلة.
اما احمد حسانين فهو يفضل الجلوس امام شاشة التلفزيون لمشاهدة المسلسلات الرمضانية ويقول «لا يمكن ان اخرج من السكن في شهر رمضان الا للدوام او لصلاة التراويح لانني متابع جيد للمسلسلات الرمضانية التي تعرض على القنوات الفضائية».
وعن نوعية المسلسلات التي يفضلها قال «بما انني صعيدي فانا افضل المسلسلات الصعيدية» وعما اذا كانت هذه المسلسلات واقعية او فيها نوع من المبالغة لما يدور في الحياة الواقعية الصعيدية ردّ قائلا: «الكثير من هذه المسلسلات فيها نوع من الواقعية وان كان فيها نوع من المبالغة فانها مبالغة مقبولة لكن المسلسلات التي تظهر الانسان الصعيدي على اساس انه انسان رجعي فهي مسلسلات فاشلة لان الانسان الصعيدي انسان متحضر وشهم وله عاداته وتقاليده التي لايستطيع ان يفرط فيها.
واضاف: «اعتقد ان الدليل على ان الحياة الصعيدية حياة مليئة بالاحداث والعبر هو اتجاه اغلب الكتاب الكبار لتناولها في كتاباتهم وتحويلها إلى مسلسلات».
وعن افضل المسلسلات التي يشاهدها في رمضان هذا العام قال: «افضل مسلسل أزهار ومسلسل عنترة ابن شداد».
وعن افضل الفنانين الكويتيين الذي يحب مشاهدة اعمالهم قال «الفنانة الكبيرة حياة الفهد» ويضيف عن كيفية قضاء اليوم الرمضاني في حياة الغربة والعزوبية قائلا: «أعود من الدوام في حوالي الساعة الثالثة والنصف ولذا فانه من كثير من الاحيان لا يكون عندي الوقت الكافي لتجهيز الطعام خصوصاً وانني ارجع متعبا ومرهقا لذلك اذهب لتناول وجبة الافطار في احدى موائد الرحمن وبعد الافطار اتجه للمسجد لصلاة العشاء والتراويح ثم بعد ذلك اذهب الى المقهى».
وعن سبب الذهاب الي المقهى رد قائلا: «لابد من ان اذهب الى المقهى كل يوم لانه المكان الذي امارس فيه هوايتي وهي لعبة الدومينو مع بعض من اصدقائي وهذه فرصة تجعلني ارى كثيرا من الاصدقاء».
وعن المدة التي يقضيها في المقهى قال «اقضي فيها وقتا طويلا، حيث ارجع الى الغرفة في الساعة الواحدة صباحاً لتناول السحور واعلم ان الفترة التي اقضيها في المقهى طويلة ولكن تعودنا على السهر في رمضان والمقهى افضل مكان اقضي فيه السهرة لان الانسان لابد ان يذهب إلى مكان ليمارس فيه هوايته وينسى هموم ومشاكل الحياة»، مضيفا انه «ليس من هواة مشاهدة التلفزيون وهذا الامر له دور كبير في عملية ذهابي الى المقهى وذلك على النقيض من زملائي الذين يسكنون معي في الغرفة حيث انهم مغرمون في مشاهدة البرامج والمسلسلات الرمضانية الامر الذي لايجعلهم يفضلون الذهاب الى المقهى مثلي».
أما سيف الدين احمد فيتحدث عن العزوبية والبعد عن الوطن قائلا «تأقلمت على حياة العزوبية فانا هنا في الكويت منذ ثلاث سنوات وليس عندي اي مشاكل فيما يتعلق بتجهيز الطعام واعداده».
واضاف: «تعلمت طهي الطعام عندما كنت ادرس في كلية الآداب في الجامعة في مصر، حيث عشت حياة العزوبية اربع سنوات وهذه المدة جعلتني اتأقلم بشكل كبير على تلك الحياة واستطيع اعداد شتى انواع الطعام فتجهيز الطعام عندي هواية وهذا ما يجعل الكثير من اصحابي يتمنون السكن معي».
وعن نظام المعيشة الذي يديرون به حياتهم في الشقة التي يسكنونها قال «يسكن في الشقة ستة اشخاص وفي بداية كل شهر يتم تجميع مبلغ من النقود ليتولى شخص منا القيام بشراء المتطلبات وهذا المبلغ قد يتفاوت من شهر الى اخر فمثلا في رمضان يتم جمع مبلغ 40 ديناراً من كل واحد وذلك لان احتياجاتنا المعيشية في هذا الشهر تزداد عن اي شهر عادي فمثلا في هذا الشهر يتم شراء الياميش الرمضاني وبعض الحلويات وكذلك بعض انواع المكسرات والمشروبات وبقية الاحتياجات الاساسية في هذا الشهر الفضيل».
وعن الفرق بين حياة العزوبية ايام الجامعة وحياة العزوبية هنا في الكويت قال: «هناك فرق كبير ففي الجامعة لا تشعر بالغربة لانك في نهاية كل اسبوع تذهب الى اهلك لذلك الشعور بالغربة لا يمكن مقارنته بما نشعر به هنا رغم ان الكويت تفتح قلبها لكل من يعيش على ارضها لكن كون الانسان بعيدا عن اخيه او والده او والدته دائما ما يشعر الانسان بالضيق، وانا مثلا لم أر ابي وأمي منذ ثلاث سنوات لان المكان الذي اعمل به لايسمح لي باجازة حيث حولت عليه اقامتي منذ خمسة اشهر فقط ولابد من اكمال السنة حتى استطيع ان اتقدم بطلب اجازة لكن احمدالله انني استطعت ان اتحصل على هذه الوظيفة لاننا في اول عامين عملت في مجال المعمار رغم انني حاصل على شهادة جامعية لكن اقول ان هذا ليس عيباً لانه افضل من ان يتسول الانسان الاموال.
اما عامر خليفة فيقول عن موائد الرحمن في الكويت: «اذهب في كثير من الاحيان لتناول وجبة الافطار في موائد الرحمن وهذا شيء طيب من اهل الكويت وجزاهم الله خير الجزاء لكن سبحانه وتعالى قال «يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين»، فالملاحظ هنا ان كميات كبيرة من الطعام تضيع ولا يستفاد منها وذلك لان عدد المترددين على موائد الرحمن اقل كثيرا من كمية الطعام التي يتم تجهيزها لذلك لابد من مناشدة اهل الخير الى ذلك الأمر حتى تكتمل الصورة لديهم».
أما محمد الهداد فيقول عن العزوبية في شهر رمضان «شهر رمضان بالذات حياة العزوبية فيه صعبة لان له طقوسه واكلاته الخاصة التي لا يستطيع الانسان العازب ان ينفذها لانه ليس لديه الخبرة الكافية فيما يخص اعمال تجهيز واعداد الطعام».
واضاف «لذا احرص على الذهاب كل عام لقضاء شهر رمضان مع اهلي الا انه هذا العام لم اتمكن من الذهاب لاني مرتبط ببعض الامور التي لا تمكني من السفر».
وعن انواع الطعام التي يجيدون تجهيزها قال «لانجيد طهي اي نوع من الطعام لان اغلب اعتمادنا على وجبات المطاعم».
وعن اسعار وجبات المطاعم قال «وجبات المطاعم غالية جدا ولكن لامفر لاننا عندما نجهز شيئا يكون مصيره سلة المهملات كما اننا ليس لدينا الوقت الكافي لتجهيز واعداد الطعام... وهكذا مصائب قوم عند قوم فوائد».
وقال: «المشكلة التي تواجهنا عند الذهاب الى المطعم الذي نفضله اننا في كثير من الاحيان وقت الافطار لانجد مكاناً ما يضطرنا الى الذهاب الى مطعم اخر لا تكون على ثقة كبيرة في نوعية الطعام الذي يقدمه».
ومن جانبه قال سمير رجب عن الاطعمة التي يفضل تناولها في شهر رمضان «من الاطباق الرئيسية التي نتناولها في شهر، رمضان هو طبق الفول حيث انه من أهم الاكلات الشعبية في مصر في وجبة السحور لما يحتويه من فوائد غذائية كبيرة تساعد على عدم الشعور بالجوع في فترة الصيام».
وعن حياة العزوبية قال ان «اساس تلك الحياة هو التفاهم بين الاصدقاء الذين يسكنون معا في نفس الغرفة او الشقة لانه من دون هذا التفاهم لن تكون المعيشة مقبولة، وانا على سبيل المثال تعبت من كثرة الانتقال من مكان الى آخر وذلك بسبب عدم التفاهم والتأقلم بين الاصدقاء الذين يعيشون في السكن حيث انني لا ادخن السجائر وكلما انتقل الى سكن جديد اجد بعضاً من الزملاء يدخنون على الرغم من ان الاعلان المذكور في احدى الصحف الاعلانية كان عكس ذلك الامر الذي يصيبني بخيبة الأمل واضطر إلى البحث مرة اخرى عن سكن جديد وهكذا».
وعن السبب الذي يدفع الكثيرين الى الذهاب الى المقهى في شهر رمضان قال «انا واحد من ضمن هؤلاء الناس الذين تضطرهم الظروف إلى الذهاب الى المقهى فمثلا عندما تكون هناك مباراة لكرة القدم بين الفريق الذي اشجعه في بلدي وفريق اخر منافس، فانه لابد ان اذهب الى المقهى لان المباراة غالبا ما تكون مشفرة وغير مذاعة الا على قناة فضائية معينة، وهكذا هناك ظروف تضطر الانسان الى الذهاب إلى المقهى، حتى ان اصحاب المقهى أنفسهم يفرحون عندما تكون هناك مباراة لكرة القدم، حيث اصبحت مشاهدة المباريات احد الاسباب الرئيسية في تزايد الاقبال على المقاهي واصبحت في بعض الاحيان تشبه «الاستاد» المصغر، فهناك تفاعل وتشجيع مثل الذي يحدث في الاستاد، الامر الذي قد يستغله بعض اصحاب المقاهي في زيادة اسعار الطلبات.
وهكذا فان مباريات كرة القدم اصبحت سلعة رائجة ليست للاعبين او الاندية فقط ولكن لاصحاب المقاهي الذين ينتظرون هذه المباريات بفارغ الصبر، لانها تدر عليهم ارباحا وفيرة.
اما علاء ذكي فيقول عن موائد الرحمن التي تنظمها بعض المؤسسات والهيئات الخيرية في الكويت «هذه الموائد شيء يحسب لاهل الكويت لان هناك كثيرا من الاقبال على تلك الموائد وبخاصة في المناطق التي يزداد فيها السكان العزاب الذين يفضلون الذهاب إلى تلك الموائد بدلا من الذهاب إلى المطاعم التي ارتفعت اسعارها والتي لا يستطيع الانسان العادي ذو الراتب المحدود الذهاب اليها دوما، وهكذا فان موائد الرحمن تحل مشكلة كبيرة بالنسبة للكثير من العزاب.
وعن المكان الذي يفضل فيه قضاء بعض السهرات الرمضانية قال افضل الذهاب مع بعض الاصدقاء إلى المقهى لممارسة لعبة الدومينو او الشطرنج، وعن سبب اختياره للمقهى لقضاء سهرته الرمضانية اضاف «اسعار المقاهي هي التي تناسبنا فمثلا لا استطيع ان اقضي سهرتي داخل احد الفنادق الكبيرة التي تكون بها الاسعار اضعاف المقهى، كما ان المقهى يجعلنا نشعر بالاجواء الرمضانية التي كنا نشعر بها في مصر».