السفير المراد: ارساء القيم المشتركة بين الشعوب يثبت ان الأديان هي الحل وليست جزءا من المشكلة
الامم المتحدة - كونا - حذر مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله أحمد المراد من أن «النزاعات الدينية والخلافات الثقافية التي يشهدها عالمنا منذ سنوات طويلة قد تكون سببا في تهديد الأمن والسلم الدوليين».
جاء ذلك في كلمة للسفير المراد القاها مساء اول من امس في اليوم الثاني من «الحوار الرفيع المستوى بشأن التفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات من أجل السلام» الذي يعقد للمرة الاولى ودعا اليه رئيس الجمعية العامة في دورتها الحالية الـ 62 طبقا لقرار اعتمدته في السنة الماضية حول نشر التعاون والتفاهم بين الاديان والثقافات من أجل السلام.
وقال السفير المراد «يجب علينا الاقتناع بأن الحوار بين الأديان والشعوب يعمل على بناء التفاهم والمودة والعلاقات الطيبة بينها ويلعب دورا رئيسيا في تعزيز السلم والأمن في العالم»، مضيفا ان «الحوار والتعاون بين الاديان أصبح جزءا لا يتجزأ من المشهد السياسي».
وذكر أن «النزاعات الدينية تحمل دائما في طياتها امكانات تدميرية وما علينا الا ان نعود ونتصفح التاريخ الانساني لنجد أن النزاعات الدينية غالبا ما كانت سببا في النزاعات والحروب». واضاف أنه ترأس الخميس حلقة نقاش ضمن الجلسات التفاعلية غير الرسمية للجمعية العامة حول «أفضل الممارسات والاستراتيجيات بين الأديان والثقافات المختلفة من أجل السلام» واصفا اياه بأنه كان «نقاشا مفيدا وايجابيا يشجع على التفاهم المشترك والثقة والمساعدة للتوصل الى سلام دائم».
وأكد أن جميع الأديان تقدم وعظا بمثل أخلاقية وروحانية عالمية «كنقطة التقاء» في تعاليمها وبالتالي فان هناك «أساسا عاملا مشتركا» من أجل السلام والتعاون مذكرا أن الاسلام مثلا يعترف بالتعددية والتنوع ايا كان ذلك بالاشارة الى الرجل والمرأة أو العرق أو الأصل وتلا في هذا السياق قوله تعالى في القرآن الكريم «انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم».
واعتبر أن «هذا الحوار يجب ألا يجري على المستوى الدولي فقط بل أيضا على المستوى الوطني وألا يكون على المستوى النظري بل أيضا على المستوى العملي».
ودعا المراد الجميع الى الاعتراف بالتعددية الدينية وتعدد الثقافات والعمل على تعلم ثقافة السلام وتطويرالانفتاح واحترام الأديان والتقاليد والثقافات الأخرى وكذلك العمل على تطوير آليات داخلية لكي تقاوم أعمال العنف وعدم التسامح الموجه ضد جاليات عرقية ودينية أخرى واحترام جميع النظم والمعتقدات الأخرى.
وقال ان «تعزيز نهج الوسطية في الديانات والسير على هذا النهج يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من التفاهم»، مذكرا أن «وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في الكويت اتبعت هذا النهج وتعمل على تشجيعه وذلك بناء على توجيهات الحكومة الكويتية حيث قامت بعقد مؤتمرات دولية مختلفة لهذا الغرض».
وذكر ان من هذه المؤتمرات مؤتمرا دوليا حول «نهج الوسطية في الاسلام» عقد في واشنطن في نوفمبر الماضي حضره ما يزيد على مئة من العلماء المسلمين وغير المسلمين وتطرق الى معالجة مخاطر التطرف وأكد أهمية تعزيز اتباع نهج الوسطية في الأديان والعمل على ترسيخ منهج التسامح الديني.
وقال ان «مجلس العلاقات الخليجية الدولية أصدر يوم الخميس رسالة محبة وسلام لجميع الدول واكد الضرورة الملحة لمشاركة الجميع في التسامح الديني ومكافحة التطرف». وأضاف ان هذه الرسالة هي «اشارة الى أننا نعمل من أجل التسامح الديني الذي هو مفتاح تحقيق السلم والتناغم في عالمنا وعلينا أن نسير قدما نحو تعزيز تقبل الآخرين وذلك على أساس التفاهم والاحترام المشترك».
وحذر السفير المراد من ان «التحيز والشبهات ضد المسلمين تظل مثيرة للقلق لانها تشوه صورة الاسلام وتقوض العلاقات بين المعتقدات الدينية المختلفة»، مشيرا الى ان «العديد من التقارير وثقت الزيادة الحالية في حوادث تدفعها عوامل الخوف من الاسلام ومن الأجانب وجرائم الكراهية ضد المسلمين». وأضاف ان «الزيادة المتنامية في الخطاب السياسي والاعلامي السلبي الذي يستهدف الاسلام والمسلمين في الغرب تجعل الأمور أكثر صعوبة وتعقيدا».
وقال «ان ربط الارهاب والتعصب بالاسلام هو أمر غير مقبول البتة لأن هذا يعمل على تحريض المزيد من الشعور السلبي والكراهية في الغرب ضد المسلمين»، مضيفا انه «بسبب الخوف من الاسلام فان الملايين من المسلمين في الدول الغربية الذين أغلبيتهم من الأقل حظا في مجتمعاتهم لأسباب متنوعة أصبحوا الآن أكثر تهميشا وهدفا للكراهية والتمييز».
وذكر السفير المراد أنه «لا توجد أية قيود قانونية على حرية التعبير ولكن حرية التعبير يجب أن تستخدم بحكمة وألا تثير الحساسيات خصوصا في المجتمعات متعددة الثقافات التي نراها في عالمنا اليوم». وقال «ان هذه المسألة هي مسألة حكمة ومسؤولية وليست مسألة قانونية وأن أي تعبير مسيء للآخرين باسم الحرية يمكن اعتباره غير مسؤول ويؤدي الى الاستفزاز واثارة العواطف وردة فعل سلبية».
ودعا المشاركين في الاجتماع الى أن يقوموا بارساء أسس القيم المشتركة السامية التي من خلالها يقودون مجتمعاتهم تجاه السلام والتسامح والتفاهم المشترك وأن يعملوا معا ليبرهنوا على أن «الأديان هي الحل وليست جزءا من المشكلة». وتطرق السفير المراد في هذا السياق الى المركز الثقافي الاسلامي في مدينة نيويورك الذي يرأس مجلس أمنائه والى الدور الريادي الذي يقوم به في هذا المجال. وقال ان «هذا المركز الذي يعتبر أكبر مؤسسة اسلامية في المدينة يعمل بلا كلل لكي يكون على صلة بجيرانه ويمد بحسن النية يد المصافحة للجميع وهو ملتزم بقوة بأن يتعرف الى الآخرين وأن يكون معروفا لديهم».
وذكر ان المركز نظم عدة حوارات وحلقات دراسية بين مختلف الأديان مثل الحوار الثلاثي الأطراف اليهودي والمسيحي والمسلم الذي عقد في نوفمبرالماضي كما عقد اجتماعا للأديان المختلفة احتفالا بذكرى يوم مارتن لوثر كينغ وشارك في مؤتمر الأئمة والحاخامات من أجل السلام في اسبانيا في شهر مارس من عام 2005». وقال ان «المركز تبرع بالجزء الأكبر من تكاليف الاجتماع يومي الخميس والجمعة وذلك استمرارا في جهوده لمد جسور الصداقة وتعميق جذور المحبة والتسامح بين أبناء البشر».
واختتم المراد كلمته قائلا «أكرر التزام بلادي بتعزيز الحوار بين جميع شعوب العالم على مختلف دياناتها وثقافاتها ليسود السلام جميع أرجائها».