مواصلة / استشفاف دوال النص

تصغير
تكبير
| فاضل مصطفى الزباد |

يكون الإبداع عامل بناء عندما تتوافر فيه مقومات التأثير، وينص صراحة على إثارة مخزون التركيز لاستدراك ما قد يفوت من فرص الاستجابة، فالعمل يعلو ويسمو من جراء الكتابة ومن جراء ابتكار مقومات التأثير.

فالتأثير عبارة عن جلسة انتخاب تحين عندها ساعة الحضور الذهني من خلال اجتهادات تتمادى مع الموهبة ومع الحبكة والقيمة هي التي تترأس تلك الجلسة كي لا يكون التعامل الا بديبلوماسية مرنة وفكرة تتلمس تخطيطات مبتكرة، وبروتوكولات مؤدية إلى اعتقادات مستوفية لشروط الاسترخاء الذهني الذي يفضي إلى اكتساح العمل الأدبي لكيان التلقي ورغبة الاستزادة بما يدعو إلى شغف خاص ما بين العمل الأدبي والمتلقي، ذلك الشغف لابدله من تحول في النظرة وفي الاهتمام وقوة التركيز في استيعاب ما يكتب، إنه تغير إلى بناء قواعد الايغال الشعوري والنفسي وفق قراءات متوالية نقدية، بل هو بناء افكار مستدرجة من اسقاطات النص الأدبي، فهو استلهام لما يريد المبدع قوله من خلال ترتيبات وتحضيرات نصية متينة ورصينة، فهو ليس تفسيراً سرياً بقدر ما هو استشفاف لموضوع الابداع، وكل ذلك يتعلق بالكيفية التي يقرأ فيها المتلقي النص، وهل هي قراءة سطحية ام قراءة متعمقة، استنتاجية أم مرهونة بسد وقت الفراغ، فقراءة النص هي حالة تتبع وبحث في اعماق النص ومعانيه ودلالاته ومؤشراته، فالنص يحكي تجربة وينقل معاني، فالاجدى ان نقف وقفة راصدة لفهم ما يدل عليه، مرتكز النص التصوري بطريقة اشبه ما تكون بالبانورامية التي تضفي بها، ورونقاً معنوياً إلى عالم من الخيال المشوق، فالاستفهامات تنطلق وحلها لا يكون الا باستحضار تأملات العاطفة والشعور والحس والبحث عن جدوى يمكن من خلالها الحكم على النص وتلقي مسوغاته وطروحاته التشجيع الكافي، بقراءته مرات ومرات دون ان يؤدي إلى انعكاسات ترتد إلى اللاقبول.

فجودة النص تفرض نفسها من غير ان تتقاذفها وتتجاذبها عثرات المجاملة والاطراء، فلا مجاملة مع قيمة حقيقية ولا إطراء مع ابداع يتجرد من الزيف والأهواء من التسكع في ردهات الرياء والنفاق لأنه يحكي علوات في المعنى وفي السياق وفي حضوره المتمكن، فهو يقطع شك البلبلة والتشويش بيقين الفكرة التي يسوقها. فالتأثير هو إتيان توافدي يحرص على دوال المعنى كحرصه على جمالية التعبير.




[email protected]


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي