الإسلام والفن / فلسفة فنون الإسلام «2»

تصغير
تكبير



| القاهرة - من د.عبدالغني محمد عبدالله  |


الخوف من تقليد الصور الشخصية في الإسلام جعل من الطبيعي التأثر في طبيعة الفن الإسلامي وهذه الآثار تتضح مع ما سبق ذكرة ان تضيف ما يأتي:

ارتفعت مكانة الخطاطين في الإسلام لعنايتهم بكتابة القرآن الكريم. ولم يكن فنهم مكروها من رجال الدين. وكان من بينهم المذهبون وهم الذين كانوا يقومون بتزيين الكتب والمخطوطات بالرسوم الهندسية وزاد الاقبال على منتجاتهم وكانت في الغالب آيات قرآنية، وابيات شعر. وقد جمعها الامراء والاغنياء في الهند وايران ومصر وتركيا. وكان واضحا على اكثر هذا الإنتاج توقيع الخطاطين.

اغلب الفنانين المسلمين لم تكن لديهم براعة في الرسوم الادمية والحيوانية ولم يكن دأبهم صدق تمثيل الطبيعة بل كانت لهم اساليب اصطلاحية ظلت باقية في ارقى عصور الفن فقلما نجد العناية بجسم الإنسان ونسب الاعضاء وقوة البعض في الوجوه للدلالة على المشاعر المختلفة اللهم الا على يد نفر قليل من اعظم المصورين الذين نبغوا في إيران اما الرسوم العارية لا تكاد تكون مطروقة في التصوير الإسلامي وقوانين المنظور. واشتراك المصورين في اهمال الظل والضوء وفي رسم الاشخاص في اوضاع معينة تفقد اكثرها شيئا من الروح والحركة ودقة التعبير ولكنها مع ذلك لها سرها وجمالها لاننا نستطيع ان نقول ان الفنانين المسلمين لم يصوروا الإنسان أو الحيوان وانما كانوا يتخذون منها اشكالا زخرفية فيما عرف باسم الوحدات الزخرفية الادمية والوحدات الزخرفية والادمية الحيوانية ولم يكونوا يرسمون الوحدات الادمية لابراز مفاتنها أو جمالها.

كان لكراهية المسلمين للتصوير مداه العميق في المسيحية فقد ثبت ما لا يدع مجالا للشك ان القائمين على حركة كاسرى الصور المقدسة في المسيحية قد تأثروا بالفكر والتعاليم الاسلامية في ذلك المجال حينما انتشرت في الدولة الرومانية حركة عبادة الصور المقدسة.

لم نجد ان المحاكاة في الوطن العربي لم تكن تستهدف الحرفية في الفن الاغريقي والروماني أو ما ظهر فيما بعد في عصر النهضة وذلك للاختلاف الاساسي في الهدف والغاية وقد اكد لنا ذلك الاستاذ لامتسي Iammans حيث قال ان الآثار في الشرق الادني قبل ظهور الإسلام بحوالى ثلاثة قرون كانت تنبئ  عن ثورة على الروح الاغريقي في الفن «يجب ان تلاحظ ان الفن الاغريقي كان فنا كلاسيكيا يحاكي الطبيعة على نحو مثالي مع اظهار دقيق للاحاسيس والشعور والغضب والفرح والانفعالات وحب المناظر الطبيعية والبحار والاهتمام بصناعة التماثيل.

ورأى بعض العلماء ان انصراف المسلمين عن تصوير الإنسان والحيوان كان حلقة طبيعية وسلسلة تطور الفن في الشرق الادنى وان الفن المسيحي في هذه الاقاليم قد مهد لتلك الحركة بالبعد عن الاصول الاغريقية «د.زكي محمد حسن- التصوير عند العرب» وكراهية التصوير قضية كبيرة يمكن ان نستزيد فيها من الدراسة الكبيرة التي قدمها الدكتور زكي محمد حسن في كتابه «التصوير عن العرب». كذلك الدراسة التي قدمها الاستاذ تيمور في كتابة «التصوير عند العرب» ومن المستشرقين والعلماء الذين يعارضون نظرية التحريم نجد الاساتذة كريزيل، لاماني، وارنولد، اما الامام الشيخ محمد عبده فقد قال في هذا الموضوع «وبالجمله يغلب على ظني ان الشريعة الإسلامية ابعد من ان تحرم وسيلة من افضل وسائل العلم بعد التحقيق من انه لا خطر منه على الدين لا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل اما الشيخ محمود شلتوت فقال «فبينما ترى الريشة تمشي على الأرض مصورة معبرة اذ بها تحلق في السماء وما فيها من ايات وابداع. اذ تراها تصور لك المطر الهاطل الذي يقدم الحياة لشجر نام وحيوان يحقق لنا المنافع «ولكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون» ثم تراها تخط خطوطا الليل ثم تفسح لصور النهار ان ينبلج على صفحاتها وان ترينا معالم الاشياء وتحلق الريشة مع ما خلق الله سبحانه وتعالى من الشمس والقمر والجبال والمعالم والسيل والأنهار وكأني بهذه المناظر الالهية حين اراها في معارضنا تحدد لنا الكون سماءه وارضه وشمسه وقمره ليله ونهاره وجبالة وبحارة وانهاره «كلمه الشيخ شلتوت» في المعرض الفني الرابع لطلبة الأزهر عام 1964 وفيه رسوم الكائنات الحية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي