الدين الشامل والشخصية المتوازنة (8)


ياسر المقدادذكرت في المقال السابق ضرورة ان ننطلق في إصلاحنا لمشاكل الأمة من نظرة شمولية للدين، وذلك حتى يتسنى لنا تحديد الداء في جسد هذه الأمة، ولا يمكن ان تنجح عملية إصلاح إن لم تكن منطلقة من هذه النظرة الشمولية، بل ذلك مما يزيد في الداء ويوسع الخرق على الراقع، لأنه انحراف جديد يضاف إلى انحراف سابق.
والآن سأعرض شمولية الدين من خلال نصوص القرآن وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) .
وقد تجلت هذه الشمولية في القرآن بشكل واضح، وفي مواضع كثيرة.
منها قوله تعالى في سورة البقرة: (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون).
وقال في سورة المؤمنون: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون).
تأملوا كيف رسم الله ملامح الشمول في شخصية المؤمن في هاتين الآيتين، إيمان بالغيب وتفقد للمحتاجين وعبادة بخشوع وترفع عن اللغو ومنكر القول وحفظ للفرج ومحافظة على العهد والأمانة وأداء للزكاة وصبر على الضراء.
وقال في وصف عباد الرحمن: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً) إلى قوله (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
لن أعلق على هذه الآيات ولكن أدعها تتحدث عن نفسها، لكن دعوة للتساؤل: أي شمول أعظم من هذا! نعم هكذا أراد الله المؤمن، وهكذا فلنكن.
وقال تعالى أيضاً محذراً من نقض هذه الشمولية، (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون).
وقال سبحانه آمراً بالدخول في الدين كله بشموله (يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة).
وقد عزز النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الجانب، فلننظر إلى قوله (صلى الله عليه وسلم) في بيان شعب الإيمان: الإيمان بضع وستون أو سبعون باباً أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله والحياء شعبة من الإيمان. وقال: تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
وفي حديث آخر: تكف أذاك عن الناس صدقة. وفي آخر: وأن تلقى أخاك بوجه طلق صدقة. لو جمعنا تلك الخصال كلها تكون عندنا المسلم الشامل المتوازن، ويفقد من الشمول والتوازن بقدر ما يفقد من تلك الخلال.
والله الموفق
إمام في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
alathr3y@gmail.com
والآن سأعرض شمولية الدين من خلال نصوص القرآن وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) .
وقد تجلت هذه الشمولية في القرآن بشكل واضح، وفي مواضع كثيرة.
منها قوله تعالى في سورة البقرة: (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون).
وقال في سورة المؤمنون: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون).
تأملوا كيف رسم الله ملامح الشمول في شخصية المؤمن في هاتين الآيتين، إيمان بالغيب وتفقد للمحتاجين وعبادة بخشوع وترفع عن اللغو ومنكر القول وحفظ للفرج ومحافظة على العهد والأمانة وأداء للزكاة وصبر على الضراء.
وقال في وصف عباد الرحمن: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً) إلى قوله (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
لن أعلق على هذه الآيات ولكن أدعها تتحدث عن نفسها، لكن دعوة للتساؤل: أي شمول أعظم من هذا! نعم هكذا أراد الله المؤمن، وهكذا فلنكن.
وقال تعالى أيضاً محذراً من نقض هذه الشمولية، (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون).
وقال سبحانه آمراً بالدخول في الدين كله بشموله (يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة).
وقد عزز النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الجانب، فلننظر إلى قوله (صلى الله عليه وسلم) في بيان شعب الإيمان: الإيمان بضع وستون أو سبعون باباً أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله والحياء شعبة من الإيمان. وقال: تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
وفي حديث آخر: تكف أذاك عن الناس صدقة. وفي آخر: وأن تلقى أخاك بوجه طلق صدقة. لو جمعنا تلك الخصال كلها تكون عندنا المسلم الشامل المتوازن، ويفقد من الشمول والتوازن بقدر ما يفقد من تلك الخلال.
والله الموفق
إمام في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
alathr3y@gmail.com