الإسلام والفن / فلسفة فنون الإسلام (1)


يتميز الفن الإسلامي عن باقي الفنون بكونه فناً زخرفياً وليس فن تماثيل أو منحوتات. وهو قبل كل شيء يجعل من الرسوم النباتية والوحدات الهندسية، والرسوم الآدمية ورسوم الحيوانات المحورة عن الطبيعة وحدات زخرفية تزين الجدران وصفحات المخطوطات والحاجيات اليومية. الا أن أهم ما يتلاحظ عليه هو الخلو من عمل التماثيل او المنحوتات او اللوحات الفنية المحتوية على تصوير الكائنات الحية بسبب كراهية التصوير. وإن كان ليس هناك نص قرآني يحرم التصوير. وربما يكون أصل هذا الاعتقاد يرجع إلى عدة أحاديث منسوبة إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) . وعلى كل حال فالفقهاء لهم باع كبير حول هذا الموضوع هناك من يؤيد وهناك من يعارض. وعلى ذلك فالكراهية على ما يعتقد البعض ليست جزءاً من العقيدة الإسلامية ولكنها جاءت غالباً من الخوف من ان هذه الصور الشخصية او التماثيل قد تشوق عرب ذلك الزمان وهم المسلمون الأوائل للعودة إلى الوثنية في وقت كانوا قد تركوها ليتحولوا إلى الإسلام. هذا بالاضافة إلى ان المسلمين في فجر الإسلام كانوا يكرهون الفخامة والترف. وجاءت حياتهم متواضعة قوامها الإيمان بالله والرغبة في الجهاد للدفاع عن الإسلام والدولة. ولهذا فلم يقتنوا الصور الشخصية والتماثيل غير أنه يجب ان تذكر أن الطرز التي قامت على اكتافها الفنون الإسلامية كانت هي نفسها قد بدأت قبل الإسلام بقليل في هجر الأشكال الطبيعية واهتمت اهتماماً كبيراً بالرسوم الزخرفية البحتة كما يجب ان تذكر أيضاً ان هذه الكراهية لتصوير الكائنات الحية وعمل تماثيل لها لم تكن تسيطر دائماً على الفنانين المسلمين. ولذلك فإن الأساليب الفنية التي ورثوها والبيئة التي تتطور فيها فنهم قد ساعدنا على اقصاء التماثيل والصور الشخصية من فنهم وصار الفن الإسلامي فناً زخرفياً بمعنى الكلمة وأصبحت الرسوم النباتية والهندسية وكذلك صور الحيوانات والكائنات المحورة تستعمل لزخرفة الجدران وصفحات المخطوطات كما اسلفنا وامتد ذلك ليشمل الحجيات ذات الاستخدام اليومي. هذا بالاضافة إلى ان الأمم السامية لم يكن لها مواهب خاصة في التصوير بل كانت تنسب إلى الصور قوة سحرية. كما كانت هذه الكراهية شائعة بين رجال الدين المتحمسين إلى الإسلام سواء كانوا شيعة او سنة. ومع ذلك فإن النهي عن تمثيل الكائنات الحية بالتصوير أو النحت لم يكن يراعي بدقة بين سائر الأمم الإسلامية. حيث لاحظنا ان بعض الأمم الإسلامية ذات الأصل غير السامي وخصوصاً تلك التي لا تراث فني ومواهب في التصوير قد مارست التصوير. ولهذا السبب يمكن تفسير وجود بعض الوحدات الحيوانية والآدمية في الخزف الإسلامي في إيران مثلاً وكذلك بعض منتجات الفن الفاطمي ولم تكن فكرة العقيدة الشيعية تنهي عن ذلك في حين كان الأيوبيون وهم سنة متحمسين كانوا يميلون إلى اقتناء التحف المعدنية الغنية بالعناصر الفنية الزخرفية المستمدة من الآخرين أما الهنود والترك وعرب أسبانيا الذين شيد لهم قصر الحمراء بغرناطة والذين صنعت لهم التحف العاجية الزخرفية بأشكال آدمية كانوا أيضاً من السنة وهناك مثل آخر يتصل بالإيرانيين الذين كانوا يجيدون الرسم والصور التوضيحية فإنهم مارسوا هذا الفن قبل الاعتراف رسمياً بالمذهب الشيعي.