قصص من الحياة / الدخول إلى المتاهة (18-23) تابع الوهم

تصغير
تكبير
عبدالرزاق العميري

نعود إلى حارسنا المسكين... وقد أصبح بينه وبين صاحبنا حسن صداقة وثيقة ما جعله يقص علينا قصته كاملة فيقول:

كان أبي فقيراً جداً... ومازلت اذكر صوت بكاء والدتي... عندما تسأله ان يوفر لنا احتياجاتنا فيقول:.. من وين... أنا ما عندي فلوس.



ولم أكمل دراستي بسبب الفقر والحاجة. فالتحقت بسلك الشرطة لأحصل على وظيفة مناسبة لأعين والدي على تحمل مصاريف الدراسة لأخوتي واخواتي... ومازلت اذكر صوت البوق او  البورزان الذي كان يوقظنا في الفجر... كنت في كابوس... قد يكون بعض زملائي لم يوفقوا في دراستهم أما أنا فقد كنت فائقاً في دراستي... ولكن الفقر والحاجة...

ومضت فترة التدريب وتخرجت من الكلية وحصلت على الوظيفة... ولن تصدق فرحة والدتي بهذه الوظيفة التي حصلت عليها... وكان همي ان أعوض والدي عن الفقر الذي كان يعيشه وان اوفر له كل احتياجاته... ولن ينقصه شيء... ما دمت استطيع الحصول على المال بشرف من وظيفتي... وعملت في السجن... كحارس... كانت لي قيمي  ومبادئي... عدم التعامل مع السجناء... لا ممنوعات... إلى آخره.

وكنت أنظر إلى البعض من أصحاب النفوس الضعيفة وهم يأخذون الكثير من المال من النزلاء نظير تهريب بعض الأشياء...

فقيمة الأشياء هنا مضاعفة أضعافاً كثيرة.

لن تصدقوا... علبة شفرات الحلاقة تساوي  في الخارج 400 فلس وتحوي على 10 شفرات... سعر الواحدة منها داخل السجن بدينار... يعني علبة صغيرة تكسب منها أكثر من تسعة دنانير هكذا... الموبايل سعره خيالي... الشاحن... أما المخدر فسعره الأعلى دائماً... لأن ادخاله إلى السجن فيه مجازفة كبيرة... وهو ما أوقــــعــــني في هــــذا المأزق... كل ما أخاف منه هـــــو أن تـــعلم والدتي بأمري... كيف ستواجه الخبر؟ آه إنها لن تحتمل الخبر...

لقد كنت محروماً... أرى كل شيء بيد الآخرين لم لا أحصل على ما يحصل عليه الآخرون؟

الكل يتجاوز... لماذا أنا لا؟

وراح الحارس السابق النزيل الحالي يبرر جريمته...

ثم اخذ يسرد قصته التي سنقوم بكتابتها لكم غداً بإذن  الله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي