من خطب الخليفة (2)


يقول الله تعالى (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتخلونا بالموعظة أي على فترات مختلفة وللموعظة أثر في التذكير بالله لأن من طبيعة الإنسان الغفلة فهو بحاجة إلى من يذكره دائماً ويعظه حتى يبقى على الصراط المستقيم ويبتعد عن الغفلة وأسبابها وما نعيشه اليوم من كثرة الغفلة وترى كثير من الناس لاهين لاعبين في غفلة عن مصيرهم ومفرطين لما أوجب الله عليهم وكأنهم إلى الخلود باقون وليسوا إلى الله صائرين فهم في صراع في حياتهم ومجتمعهم من أجل الدنيا ونسوا أن ليس لهم في الدنيا الا ما قدر لهم فترى البعض منهم يريد ان يستحوذ على كل شيء فلا ترى للقناعة أثراً في حياته فالكل يريد ان يجمع ما يستطيع جمعه ولا يتنبه حتى ينقضي عمره في سرعة مهولة وهو في قليل من الأعمال الصالحة، للخليفة خطب فيها مواعظ وحكم سمعها من رواها واستفاد من قرأها، حدثنا هشام بن ابراهيم الغساني قال حج سليمان بن عبدالملك ومعه عمر بن عبدالعزيز فلما أشرف على عقبة عسفان نظر سليمان إلى عسكره فأعجبه ما رأى من حجر وأبنية فقال كيف ترى ما ها هنا يا عمر فقال أرى يا أمير المؤمنين دنيا يأكل بعضها بعضاً أنت المسؤول عنها المأخوذ بها فطار غراب من حجرة سليمان ينعق في منقاره كسرة فقال سليمان ما ترى هذا الغراب يقول قال أظنه يقول من أين دخلت هذه الكسرة وكيف خرجت قال انك لتجيء بالعجائب يا عمر فقال أردت ان أخبرك بأعجب من هذا أخبرك قال فأخبرني قال من عرف الله فعصاه ومن عرف الشيطان فأطاعه ومن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن اليها قال سليمان غششت علينا ما نحن فيه يا عمر،وعن محمد بن عمرو عن عمر بن عبدالعزيز قال لا ينفع القلب الا ما خرج من القلب وعن شيخ من قريش عن عمر بن عبدالعزيز قال يا معشر المستترين اعلموا ان عند الله مسألة فاضحة قال الله تعالى (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) الحجر (92 - 93) وعن بحدل الشامي عن أبيه وكان صاحباً لعمر بن عبدالعزيز قال رأيت عمر يتلو على المنبر هذه الآية (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) الانبياء 47 حتى ختمها فمال أحد شقيه يريد أن يقع وعن عبدالرحمن بن ميسرة الحضرمي أن عمر بن عبدالعزيز كان يقول ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما فرض الله فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير إلى خير.