الفن الإسلامي اسمه الإسلامي ... لماذا؟


| القاهرة - من د. عبدالغني محمد عبدالله |
عندما انتشر الفن الناتج عن التحضر الاسلامي من ارجاء الامبراطورية الاسلامية وبدايتها كانت في المنطقة العربية (الدولة العربية الاسلامية) وكان ظهور هذا الفن حدثا فنيا جديدا لابد من الالتفات اليه والتعامل معه والاخذ به. وكان لايمكن تسميته «بالفن العربي» لان نصيب العرب في مكوناته وعناصره كان اقل من نصيب غيرهم (غير العرب) من الامم الاسلامية.
في الوقت نفسه لايمكن ان نطلق عليه اسم «الفن الشرقي» لان لاتنطبق على الفنون الشرقية فقط فقد ازدهرت في تركيا والاندلس وشمال افريقيا «Sarasinec Art» ولذا فهذا الفن به عناصر مقبلة من حضارات شرقية واخرى مقبلة من الغرب ولذا فتسميته بالفن الشرقي تسمية ناقصة.
اطلاق اسم «الفن المغربي» على هذا الفن الجديد انما هي تسمية قد تصدق في الجزء الغربي من الامبراطورية الاسلامية ولكن لنفس الاسباب التي تدفعنا الى عدم تسميته بالفن الشرقي فان عكسها يدفعنا ايضاالى الامتناع عن تسميته بالفن المغربي فالفن المغربي ينطبق على بلاد مثل اسبانيا وتونس والجزائر ومراكش من دون غير هذه البلاد والاقطار.
الاوربيون يحاولون اطلاق اسم «الفن المحمدي» نسبة الى الرسول محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم). ولكنها تسمية نفر المسلمون منها لانها تنسب الى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ظاهرة دنيوية وجانبا من جوانب الحضارة... لم يكن له شان به ولا علاقة لمكانته الدينية العظيمة بهذا الجانب الدنيوي فهو اعظم واجل واكبر من هذه الامور فضلا عن ان هذه التسمية كانت ثقيلة على الأذن العربية والتي تنسب الى نبيهم العظيم امور دنيوية مكانته كانت اعظم منها وأكبر وأجل.
الخلاصة ان تسمية الفن العربي أو الشرقي او المغربي او المحمدي كلها اسماء غير شاملة لمحتواه ولاشك ابدا في ان افضل التسميات لهذا الفن الذي ازدهر في العالم الاسلامي هي تسمية (الفن الاسلامي) لان الاسلام كان حلقة الوصل والاتصال بين كل عناصره المتأثرة بالدين والتعاليم السلامية وان الاسلام هو الذي جمع شتاتها وجعلها وحدة متميزة على الرغم من تباين اصولها واختلاف مواقعها الجغرافية وتنوع البشر فيها والثقافات والحضارات والتمدن ولولا الاسلام لما دخلت جميعها في بوتقة واحدة لها صفة واحدة ولها مصدر واحــــد هــــو الاسلام.
هذا الفن الاسلامي من اعظم الفنون التي انتجتها الحضارات البشرية الكبرى ورغم ذلك فلم يأخذ هذا الفن حظه من الدراسة والتحليل والشرح وهو جدير به وكل الذين كتبوا عنه (تقريبا) كانت كتاباتهم قائمة على معايير غربية تجعل للمحاكاة والاشكال التشخصية المنزلة الاولى وهي معايير تختلف تماما عبر المعايير الفكرية والثقافية التي قام عليها الفن الاسلامي. لذلك فان الكتابات عنه اعتبرته فنا متخلفا غير قادر على محاكاة الاشكال الطبيعية وبخاصة الجسم الانساني ومن ثم اصبحت هذه الآراء كما قال الاستاذ ابو صالح الالفي لاتقوم علي اسس علمية وفلسفية صحيحة ولذا فقد أخطأ هؤلاء العلماء الذين تعرضوا للفن الاسلامي فلم تكن الكلاسيكية ومحاكاة الطبيعة دورا خاصا به ولكن كان له طابعه المميز وشخصيته المتضررة ولنقل انه فن يمثل نمطا رائعا من انماط الحضارة الانسانية له مدلولة الثقافي والاجتماعي الخاص وهو قمة من قمم النشاط الانساني ومن انماط الانتاج الفني العالمي.
ولما كان الفن الاسلامي واحدا من هذه القمم الفنية فقد كانت له فلسفة عظيمة راقية لايخطئها العقل. ولكنه يدركها ولذا فعناصر تميزه يمكن لنا ان نتابعها واحدة واحدة... ولذا فإن العقل سيدركها ويتعقلها ويتعرف على اسباب جهل الآخرين به.