الخليفة والآيات


للايات تأثير علي قلب من سمعها وعرف معناها ولم تمر عليه مرور الكرام كما هي الحال في زمننا هذا الذي قل فيه التأثر بكلام الرحمن تبارك وتعالى وما ذاك إلا لغفلتنا وما نعانيه من كثرة المشاغل وتشتت الافكار حتى ان الانسان لا يدري كم صلى في الصلاة فهو فاقد للخشوع ولم يجد طعم السكنية ويفكر في امور كثيرة وليس عقله مع الآيات، احدثكم عن خليفة تولى الخلافة سنتين فكان هذا الخليفة مثالا لمن بعده في الدين والورع معرض عن الدنيا مقبلا على الآخرة وكان للآيات التي سمعها وقرأها وقع على قلبه وكأن العذاب واقع عليه فما هي هذه الآيات التي ابكت عمر بن عبدالعزيز خليفة المسلمين رحمه الله، عن ميمون بن مهران قال خرجت مع عمر بن عبدالعزيز إلى المقبرة فلما نظر الى القبور بكى ثم اقبل عليّ فقال يا ابا ايوب هذه القبور قبور آبائي بني امية كأنهم لم يشاركوا اهل الدينا في لذتهم وعيشهم اما تراهم صرعى فدخلت بهم المثلات واستحكم فيهم البلى واصابت الهوام في ابدانهم مقيلا قال ثم بكى حتى غشي عليه ثم افاق فقال انطلق بنا فوالله ما اعلم احد أنعم ممن صار الى هذه القبور وقد وقي من عذاب الله، قال محمد بن الحسين حدثني من شهد عمر بن عبدالعزيز وهو امير المؤمنين قرأ عنده رجل (واذا لقوا فيها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا) الفرقان (13) فبكى عمر حتى غلبه البكاء فقام من مجلسه فدخل بيته وتفرق الناس وقال سعيد بن ابي عروبه ان عمر بن عبدالعزيز قال لابنه اقرأ قال ما أقرأ قال اقرأ سورة «ق» فقرأ حتى اذا بلغ (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) فبكى ثم قال يا بني اقرأ قال وما اقرأ قال اقرأ ق فقرأ حتى اذا بلغ ذكر الموت يجعل ذلك مرارا، وحدثنا ابو مردود قال ان عمر قرأ ذات يوم (وما تكون في شأن وما تتلوا من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه) فبكى عمر بكاءا شديدا وابكى اهل الدار فدخل عليه ابنه عبدالملك فقال يا ابت ما يبكيك قال خير يابني ود ابوك انه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه والله يا بني لقد خشيت ان اهلك والله يا بني ولقد خشيت ان اكون من اهل النار، وحدثنا الفضيل بن موسى عن مقاتل بن حبان قال صليت خلف عمر بن عبدالعزيز فقرأ (وقفوهم إنهم مسؤولون) فجعل يكررها ولا يستطيع ان يجاوزها، وعن عبدالا على بن عبدالله قال رأيت عمر بن عبدالعزيز خرج يوم الجمعة في ثياب دسمة ووراءه حبشي يمشي فلما انتهى الى الناس رجع الحبشي فكان عمر اذا انتهى الى الرجلين يقول استقيموا هكذا رحمكما الله حتى صعد المنبر فخطب فقرأ (إذا الشمس كورت واذا النجوم انكدرت) حتى انتهى الى قوله تعالى (واذا الجحيم سعرت واذا الجنة ازلفت) فبكى وابكى اهل المسجد حتى ارتج المسجد بالبكاء حتى رأيت كأن حيطان المسجد تبكي معه ذلك هو عمر فمن مثل عمر.