وقفات مع الأدب والأديب الإسلامي (5)

تصغير
تكبير

بعدما وقفنا وقفات مع الأدب والأديب، نحب ان تكون لنا وقفات مماثلة مع «الأدب الاسلامي» الذي تصدر باسمه اليوم المجلات، وتعقد الندوات، وتقام الاقسام الخاصة بدراسته في الجامعات،  ونجح في فرض «وجوده وواقعيته» على الساحة تنظيرا وتطبيقا ونشرا رغما عن الجاحدين والحاسدين.


 


أهمية الأدب الاسلامي


للأدب الاسلامي مكانته في القلوب، ومنزلته في التاريخ، فهو «مفخرة» الامة التي تباهي به الامم الأخرى، إنه - الأدب الاسلامي - يتشرف بانتسابه الى الدين الحنيف الذي أكمل به ربنا دينه واتم نعمته، انه - الأدب الاسلامي - يمثل الشجرة الطيبة المباركة، ذات الاصول الثابتة المتجذرة في ارض خصبة قوامها الثقافة الاسلامية، وغذاؤها الكلم الطيب من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وبالتالي فان هذه الشجرة تؤتي ثمارها بإذن ربها يانعة، وحق لنا ونحن الأبناء الشرعيون لهذا الدين القويم ان نسارع الى قطف هذه الثمار لتكون عونا لنا على مواجهة التحديات الحضارية والصراعات السياسية والفكرية من دون ان نعلن انقيادنا لهذا الغزو الفكري.


 


الشرف الأعظم للأدب الإسلامي


يكفي الأدب الاسلامي عظمة وفخرا وشرفا ان افصح وابلغ من نطق على الاطلاق سيد ولد آدم سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) اعتز بان ربه علمه الأدب فأحسن تأديبه، ففي رواية للإمام علي بن ابي طالب (رضي الله عنه) انه - اي النبي (صلى الله عليه وسلم) كان في عام الوفود يخاطب كل قوم من العرب بلغتهم ولهجتهم، فتعجب علي (رضي الله عنه) من ذلك، فسأل الرسول الكريم: يارسول الله! أراك تخاطب كل قوم بلغتهم أو لهجتهم، فمن أدبك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «أدبني ربي فأحسن تأديبي».


وقد حث الرسول (صلى الله عليه وسلم) نفسه الوالدين على تعليم ابنائهم الأدب، فقال: «ما نحل والد ولده افضل من ادب حسن».


 


القرآن الكريم أرسى دعائم الأدب الإسلامي


فرسول الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام اعتز بالادب ودعا اليه تعلما وتعليما، والقرآن الكريم هو الذي ارسى دعائم الادب الاسلامي وثبت اركانه ليس في حالات المد الاسلامي فقط، بل ايضا عند ما تهاوت ثوابت كثيرة بسبب الوهن الذي اصاب الامة.


 


الأدب الإسلامي ليس أمرا جديدا


فالأدب الإسلامي ليس بدعا من الامر، ولا امرا جديدا ظهر اخيرا، فقد ظهر الأدب الإسلامي بمجرد ظهور الدعوة الاسلامية، فلا ندري لماذا هو الصياح والعويل على مصطلح الأدب الإسلامي، اذا كان قد عرف في مطلع مجيء الاسلام ورحب به نبي الاسلام، ومارسه العديد من الصحابة خصوصا الشعراء منهم.


 


الأدب الإسلامي سبقته ارهاصات في الجاهلية


بل سبقت الأدب الإسلامي ارهاصات بشرت به قبل ظهوره، فقد كانت اشعار عنترة بن شداد، وزهير بن ابي سلمى، وقيس بن ساعدة، وبعض معاصريهم بمثابة مقدمات لتهيئ الساحة الادبية لهذا الوافد المرتقب، وان لم يكن الامر كذلك فكيف نفسر قول زهير؟!


ومن يجعل المعروف من دون عرضه


... ومن لا يتق الشتم يشتم


ومن يك ذا فضل ويبخل بفضله


على قومه يستغن عنه ويذمم


ومن هاب اسباب المنايا ينلنه


وان يرق اسباب السماء بسلم


وما كانت سوق عكاظ الا بوتقة انصهرت فيها الابداعات الادبية.


والرسول (صلى الله عليه وسلم) نفسه اشاد ببعض الشعر الجاهلي الذي كان يتصف بالحكمة والهدف النبيل والصدق، فيروى عن عمرو بن الشريد عن ابيه قال: ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال لي هل معك من شعر امية بن ابي الصلت؟ قلت نعم يا رسول الله، فقال: هيه، انشدني واسمعني منه، قال: فأنشدته بيتا فقال: هيه، اي زدني منه، قال: فأنشدته بيتا، وهو يقول: هيه، حتي انشدته مئة بيت، فقال: هذا رجل آمن لسانه وكفر قلبه، كما اشاد النبي صلى الله عليه وسلم ببعض شعر لبيد قائلا: اصدق كلمة قالهاشاعر قول لبيد:


ألا كل شيء ما خلا الله باطل


وكل شيء لا محالة زائل

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي