الدليل الفقهي


السؤال: هل يضع المصلي يده اليمني على اليسرى في حال وقوفه على الصلاة؟
الجواب: ينبغي ان نعلم اولا: ان وضع اليدين حال القيام وعدم ارسالهما هو قول جمهور العلماء خلافاً للرواية المشهورة عن الامام مالك رحمه الله: انه يرسلهما إلى جنبيه، وقد صار اليها اكثر المالكية، وهو مروي عن بعض السلف ايضا.
واتفق العلماء القائلون بالوضع على انه سنة من سنن الصلاة وليس بواجب، فمن وضع يديه اجر، ومن تركها صحت صلاته. ودلل على الوضع وتأكده ادلة متعددة، منها:
- حديث ابي حازم، عن سهل بن سعد (رضي الله عنهما) قال: «كان الناس يؤمرون ان يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة» اخرجه البخاري. قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك [أي: يرفعه وينسبه] الى النبي (صلى الله عليه وسلم).
- حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه قال: «إنا معشر الأنبياء، أمرنا أن نؤخر سحورنا، ونعجل فطرنا، وان نمسك بأيماننا على شمائلنا في الصلاة» أخرجه ابن حبان، وقال الهيثمي: «رواه الطبراني في «الكبير، ورجاله رجال الصحيح» اهــ...
وأما عن محل وضع اليدين حال القيام، فلم يأت دليل صحيح ثابت بنفسه في ذلك، ولذلك اختلفت اقوال العلماء في ذلك، وخلافهم في ذلك إنما هو خلاف في الافضلية لا في الوجوب، قال الامام الترمذي -رحمه الله - بعد ان ذكر الاختلاف في محل الوضع: «وكل ذلك واسع عندهم» اهــ.
فذهب القاضي عياض - من المالكية: الى انه يضعهما على الصدر. وهو قول الحنفية في حق المرأة خاصة.
وقال الشافعية في الصحيح عندهم: يضعهما تحت الصدر وفوق السرة.
وقال الحنابلة في المذهب عندهم - وهو قول الحنفية في حق الرجل عندهم: يضعها تحت السرة.
ولعل اولى الاقوال - من حيث الافضلية، كما قدمته - القولان الاولان: اي: على الصدر، او تحت الصدر وفوق السرة، لانهما قريبان من الصدر وهذا اصح ما نقل فيه من الاثر، فعن قبيصة بن هلب، عن ابيه، قال: «رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) ينصرف عن يمينه وعن يساره. ورأيته يضع هذه على صدره» وصف يحيى [ وهو بن يحيى القطان، شيخ الامام احمد في سند هذا الحديث]. اليمنى على اليسرى فوق المفصل «اخرجه احمد باسناد فيه قبيصة، وهو مقبول، وقد توبع على ذلك، فعن طاوس قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة» اخرجه ابو داود، وهذا مرسل حسن الاسناد، لكنه يعتضد بما سبق.
وعلى كل حال، فالمسألة فيها سعة، وهي من باب السنن والافضلية، فلا يصح الانكار فيها على المخالف.
ومما ينبغي التنبه له - ايضا - في مسألة الوضع: ان الوضع يكون بكف اليمنى على ظهر كف اليسرى والرسغ والساعد، كما نص عليه العلماء عموما، ودل عليه حديث وائل بن حجر (رضي الله عنه)، لا ان يضع كفه اليمنى على ذراع مرفق اليسرى وما يقرب منها من الساعد كما يفعله كثير من الناس.