ملف الحلقة الثامنة كرسي الرئاسة اللبنانية... حلم في لحظة يقظة

تصغير
تكبير

 |   بيروت - «الراي»   |


 


معشوقة منذ العِمادة والولاء لمار مارون، لا يصل إليها إلا من أوتي الحظ وساقته الأقدار بعد طول مخاض تنشغل فيه الدنيا ويؤرق فيه الوطن، كأنها كنز مرصود لا يُفتح إلا على وجوه محددة تستيقظ في قصر بعبدا بعد ليل طويل أتعبه الأرق، وربما الكوابيس، لكن الصبح المنبلج بالتأكيد لن يكون بعد حلم جميل في ليلة صيف، والتاريخ خير شاهد، إنها كرسي رئاسة الجمهورية اللبنانية.


الأسئلة عن أهمية الرئاسة الأولى في بلد صغير كلبنان قد تكون الإجابات عنها بدهية لدى من يعرف الملابسات المحلية والإقليمية والدولية المرافقة لانتخاب سيد القصر، طالما أن استقلال لبنان عام 1943 تم بتدخل بريطاني عقب سجن الانتداب الفرنسي لرجالات الاستقلال الذين كان من ضمنهم الرئيس بشارة الخوري. لكن السؤال الأساس هو لماذا تكتسي رئاسة الجمهورية أهمية قصوى الآن؟ هنا لا بد من استحضار جملة من الأمور المرافقة لها، وهي أنها الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الانسحاب السوري الذي تم في العام 2005 عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، كما أنها الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في مايو 2000، فضلاً عن الاستحقاقات الأخرى المترتبة على لبنان أبرزها القراران الصادران عن مجلس الأمن الدولي 1559، و1701، واستكمال إجراءات المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الحريري، والإصلاحين السياسي والاقتصادي.


أما بيت القصيد في القضية كلها فهو وصول رئيس جديد إلى قصر بعبدا يوم 22 نوفمبر المقبل، ذلك أن فريقاً من اللبنانيين يتمسك بمبدأ الديموقراطية التوافقية، ما يعني أن وجود «فيتو» على مرشح معين من أي فريق مؤثر على الساحة المحلية سيعيق انتخابه حتى لو كانت لديه الأكثرية في المجلس النيابي، وهذا ما يجعل من النظام السياسي اللبناني الطائفي غريب الأطوار، ففي هذا البلد الصغير هناك من يحرق بيتاً من أجل إشعال سيجارة، على حد وصف أحد القناصل الفرنسيين للبنانيين في مطلع القرن العشرين.


وفي خضم خلافات اللبنانيين على الرئيس المقبل غالباً ما تأتي «كلمة السر» من اللاعبين الإقليميين والدوليين على الساحة، فينتخب غالبية أعضاء المجلس النيابي المرشح المطلوب لمدة ستة أعوام يستهلها الرئيس بخطاب القسم ليترك القصر في ما بعد كارهاً أو راغباً أو مقتولاً، وليخلّف عهداً يذكره التاريخ ويختلف عليه اللبنانيون. ورغم الحديث عن الغالبية إلا أن خرقاً وحيداً حدث في 23 سبتمبر 1970 عندما انتخب النواب رئيس الجمهورية، الخامس، سليمان فرنجية بفارق صوت وحيد عن منافسه إلياس سركيس في وقت خفتت فيه حدة التدخلات الإقليمية والدولية في لبنان.


ومع انشغال اللبنانيين حالياً ليلاً ونهاراً بانتخابات رئيس الجمهورية وبدء الترشيحات تفتح «الراي»، على حلقات، ملف العهود الرئاسية والمرشحين حالياً إلى الكرسي الأول.


مرشح نايلة معوض ... «تاتشرية» بدأت صحافية وتحلم بـ «رئيس صنع في لبنان»


|    بيروت - من سعد كيوان   |


 


ورثت السياسة، فهل «ترث» أيضاً الرئاسة؟ لا شك أن الحمل كبير، حمل رينيه معوض، رئيس «اتفاق الطائف» وصاحب النزعة التوافقية الذي عاصر حقبات مفصلية من تاريخ لبنان الحديث، والذي ترعرع سياسياً في كنف فؤاد شهاب ولعب دوراً محورياً وتوحيدياً خلال الحرب اللبنانية الى جانب رشيد كرامي وفؤاد بطرس، اللذين كان «يركلج» أفكاره معهما... شخصيات تنتمي الى طبقة سياسية «ميثاقية» باتت بحكم المنقرضة في «لبنان ما بعد الطائف» (مع تمنياتنا طبعاً بطول العمر لفؤاد بطرس).


تنشط، تتحرك، تتصل وتنظم... في كل الاتجاهات. تحاول شق طريقها رغم ادراكها لصعوبة الدور. صعوبة مزدوجة على الأقل. حجم الفراغ الذي تركه رينيه معوض، وكونها امرأة طالعة من تركيبة سياسية واجتماعية ذكورية لم تتمكن لغاية اليوم من ادخال أكثر من ست نساء الى البرلمان.


نايلة عيسى الخوري معوض لا تجد حرجاً في الاعتراف بذلك: «كنت دائما متهمة بأني دخلت السياسة كزوجة رينيه معوض... شعرت أن عليّ مسؤوليات ورسالة أكملها، كنت أتصور نفسي بعد استشهاده كجندي في ساحة حرب يركض حاملاً العلم رغم الضحايا على أرض المعركة... كان عليّ أن أتعلم أشياء كثيرة».


ولدت نايلة في بيروت عام 1940 وهي الأصغر بين ثلاث بنات تتألف منهن عائلة نجيب عيسى الخوري، شقيق ندرة النائب السابق وأحد زعماء بشري. تلقت علومها الابتدائية والثانوية عند راهبات الفرنسيسكان في محلة المتحف. بعدها أرسلها والدها مع شقيقاتها الى لندن لتتعلم اللغة الانكليزية. وهناك حصلت على اجازة في الأدب الانكليزي من جامعة كامبريدج.


نشأت وترعرعت في بيت لم يكن مناخه السياسي وواقعه الاجتماعي بعيدين عن أجواء بيت زوجها رينيه. تقول: «ربيت في جو عائلة سياسية نقلت الي قيما ومثلا، بيت ناضل وكافح من أجل الحقوق والحريات...». كان الأب محاميا وعضوا في مجلس النقابة، شارك في وضع القانون الذي أقر للمرأة حق الاقتراع. تتذكر الزمن الاستقلالي وصداقات البيت، خصوصاً عائلتي عبدالله اليافي وصائب سلام، الذي قدم سيارته لأمها العروس يوم حفلة زفافها.


مرحة، لا تنقصها الجرأة، تتمتع بحضور وقوة شخصية. عملت في مطلع شبابها في جريدة «الأوريان» (1962ـ 1965) «لم أبحث عنها، جاءتني الى المنزل... اتصل يومها رينيه عجوري وعرض عليّ أن أعمل في الجريدة بعد ان قرأ لي موضوعاً كتبته في احدى المجلات الاجتماعية». أنشأت مع بعض من رعيلها في 1961 » حركة الاثنين لمناقشة ونشر مواضيع عن «العدالة الاجتماعية» و«الديموقراطية».


وفجأة... عام 1965 «اختطفها» النائب والوزير رينيه معوض من «الأوريان» بعد أن كان وزيرًا للبريد والبرق في أطول حكومة في تاريخ لبنان الحديث ترأسها رشيد كرامي بين 1961 و1964. خلال حديثه عن زوجته، الى الزميل حازم صاغية في «السفير»، في صيف 1988، أي قبل تسعة عشر عاماً من الآن عشية الاستحقاق الرئاسي الذي لم «يتحقق»، يقول رينيه: «أطلقت في زغرتا فكرة عمل المرأة الذي كان يعتبر عيباً، قامت بمشاريع اجتماعية وأنشات محترفاً لا يزال قائماً بهدف مكافحة البطالة وتعزيز مكانة المرأة، كما أنشأت مستوصفا وعملت على تأمين كتب مدرسية للمحتاجين ومنح للطلاب. وفي 1974 ذهبت الى النبعة للمشاركة في نشاطات اجتماعية. كانت هناك لجنة تهتم بآلام الناس ضمت خولة ارسلان وناديا تويني ونايلة وغيرهن...».


وها هي اليوم تستعيد بشيء من العفوية المشوبة بمسحة حزن شخصية زوجها، الذي فقدته وهي دون الخمسين: «كان رينيه يعيش هاجس الوطن والوحدة والحرص على الصيغة والتركيبة. قضيته باتت قضيتي... لم ينقطع أبداً عن التواصل مع الجميع في أحلك ظروف الحرب، لم يغادر بيروت وبقينا في لبنان كل فترة الحرب». ذكريات لا تخلو من المرارة، ومن بينها كيف تعاطت الدولة، خصوصاً العهد السابق، مع جريمة اغتيال زوجها الرئيس وذكراه.


زواج نايلة من رينيه أثمر ولدين، ريما التي تمارس اليوم المحاماة في نيويورك بعد ان أنهت دراسة الحقوق في فرنسا، وميشال (35 سنة) الذي حصل على اجازتين في الحقوق وادارة الأعمال من المعهد العالي للاقتصاد في باريس. وهو اليوم في خضم العمل السياسي وأهم «مستشار» لوالدته... بانتظار أن يأتي دوره.


لغتها العربية «متعثرة» انما كلامها السياسي واضح متماسك. تبدو واثقة من نفسها: «أعلنت ترشيحي (عام 2004) لكسر الصمت الذي كان مفروضاً على الاستحقاق، طالبت برئيس «صنع في لبنان». ولكن الأهم اليوم ان تكون الانتخابات الرئاسية مناسبة للمصالحة والاصلاح».


شمرت عن ساعديها وخاضت غمار السياسة عبر تعيينها عام 1991 نائبة عن زغرتا، ومن ثم انتخابها للمرة الاولى عام 1992 كي تبدأ بعدها بـ «التدرب» على العمل البرلماني و«أخذ دروس» في الدستور، كما تؤكد «من دون حرج وبكل فخر»، عند رجل القانون الدكتور حسن الرفاعي وتحضّر سنويا مع اختصاصيين مشروع الموازنة. ويبدو أنها «تعلمت» أشياء كثيرة... من «أهمية احترام الدستور» وضرورة «اعادة احياء الميثاق بين اللبنانيين»، الى «السلطة التي لم تعد مهمة شخص بمفرده بل فريق عمل»، وفكرة «المواطنية ودور المجتمع المدني» و«الشفافية التي هي أهم صفة في العمل العام...».


لماذا الترشح؟... «أعلنت ذلك في صيف 2004 لأهداف ثلاثة. الأول هو كسر الصمت الذي كان مفروضاً يومهاً على استحقاق يتعلق بمصير اللبنانيين، ولتسليط الضوء على ما آلت اليه الأحوال منذ استشهاد رينيه معوض، من سوء ادارة وضرب لمقومات الميثاق بين اللبنانيين وتفتيت وحدتهم والمعاني التي قام عليها لبنان، الى حجم الدين المتراكم والآخذ في التزايد. فاذا كان من الصعب الانقاذ اليوم فكيف ستكون عليه الحال عام 2010 مثلاً؟ والهدف الثاني هو «لبننة الاستحقاق» الذي كنت السباقة الى رفعه. أي رئيس يجب ان يكون قراره بيده وعليه خلق اطار توافق بين اللبنانيين آخذاً في الاعتبار العلاقات الاقليمية وليس العكس، أي أن لا يأخذ المباركة من الخارج ويفرض على اللبنانيين.


أما الهدف الثالث فهو لما أمثل من تاريخ ومن شرعية ما يمثله رينيه معوض من ميثاق يجب اعادة احيائه، بالاضافة الى الشرعية المستمدة من النضال في صفوف المعارضة آنذاك، ومن القيم التي أمثلها عند اللبنانيين». وهل استشرتي أحداً قبل اتخاذ القرار؟ «لقد راكمت من التجربة النيابية والسياسية ما يجعلني قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار».


انها منهمكة باستمرار. قبل ان تدخل الحكومة الحالية كوزيرة للشؤون الاجتماعية، كانت تسافر باستمرار سعياً للحصول على دعم ومساعدات للمشاريع التنموية التي ترعاها «مؤسسة معوض»، التي أنشاتها تخليدا لذكرى زوجها، في أكثر من منطقة في الشمال. منزلها الأنيق الاثاث، الكائن في محلة برازيليا وسط حديقة غضة بأشجارها ويشرف على بعبدا وبيروت، تحول الى «ورشة عمل» تتابع منه أمورا كثيرة على الهاتف الثابت والخلوي. وتزين الصالون لوحات زيتية تتصدرها صورة لـ «الرئيس» ووجوه من العائلة وتحف من كل نوع. تقول ان رينيه أنجز بناءه قبل وفاته بفترة قصيرة.


 «أنا ضد وضع برنامج لأن رئيس الجمهورية ليس رئيس السلطة التنفيذية، بل الحكم والضامن للدستور والساهر على تطبيقه. دور رئيس الجمهورية ينطلق من اعادة احياء الميثاق الذي يبدأ بالمصالحة الوطنية، اذ من دون مصالحة لبنان مع نفسه ومع محيطه العربي لا يمكن معالجة أي جانب من جوانب الأزمات التي يتخبط فيها. الأولوية للمصالحة (...). وما هي عناوين هذه المصالحة؟ «أولا، اعادة انتاج الطبقة السياسية بدءا من قانون انتخاب جديد، واعادة النظر بقانون العفو واستقلالية القضاء وعدم استعماله للمحاسبة السياسية والاصلاح الاقتصادي والاجتماعي. كما أن المصالحة ليست فقط سياسية، يجب اعادة احياء الطبقة الوسطى».


تقول المرشحة «غير المعلنة» للرئاسة على ابواب الاستحقاق الحالي: «أكدت في أكثر من مناسبة دعمي للمقاومة ورفض اعتبار (حزب الله) منظمة ارهابية. المقاومة يجب ان تقتصر انطلاقاً من الوفاق الوطني الذي يحضنها على الاراضي اللبنانية، أما تحرير القدس فيحتاج الى قرار عربي. كما ان مزارع شبعا لبنانية ومن حقنا استعادتها، لأن اخراج المقاومة من تحت سقف الشرعية الدولية والوفاق اللبناني هو ضرب لها أولا. لبنان يشيد بالشرعية الدولية ويطالب بها في العراق ويشكك بقرارها بالنسبة لمزارع شبعا...».


تنتقل من موضوع الى آخر، من المحلي الى العام، الى دور المرأة والمجتمع المدني، الى تجربتها في «مؤسسة رينيه معوض»: «شكلت عندي أهم خبرة تنفيذية في المجالات الصحية والتربوية والزراعية لأننا على تماس دائم مع الأرض وساعدتني في عملي البرلماني».


دخلت نايلة برلمانا مختلفا عن الذي كان يجلس فيه زوجها (برلمان 1992 2005-)، أو عن الذي كان يخبرها عما كان يدور في كواليسه. رينيه لم يتعرف على «برلمان الطائف»، شارك في صياغة «اتفاق الطائف» الذي أتى به رئيساً (سبعة عشر يوماً فقط). برلمان «الطائف» هو اليوم «الشريك المضارب» للسلطة التنفيذية ورافعة لأحد «أعمدة» ترويكا الحكم، ورئيسه يمارس دورا ليس له!


ولكنها، جدت واجتهدت. تواظب على الحضور، تجوب اللجان... من عضوية المال والموازنة الى رئاسة لجنة الطفولة «التي علمتني كثيرا وعرفتني على عالم عمالة الأطفال (باب التبانة في طرابلس)... سعيت لاقرار قانون الزامية التعليم في المراحل الابتدائية. طالبت بالمقابل بتخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة». كما راحت تشارك في لقاءات ومؤتمرات «ثقفتني سياسيا في الهموم العربية والعالمية... منذ مؤتمر الأرض في ريو عام 1992 أصبح العالم أشبه بقرية واحدة، بدأ العالم يتغير جذريا. السلطة لم تعد اليوم فقط في أيدي (أهل السلطة)، وفكرة المواطنية هي تحمل جزء من المسؤولية في هذه السلطة... هذه أهمية المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية، المساهمة كقوة تغييرية».


كيف تتعاطين مع سليمان فرنجيه في حال وصولك الى الرئاسة؟ «لا أنكر بطبيعة الحال شرعية سليمان فرنجيه في زغرتا والانتقام ليس من شيمي. المهم ان يمارس شرعيته كابن فرنجيه، وليس استنادا الى دعم آخرين».


وهل سيترشح ميشال في زغرتا؟ «انه طبعا ابن رينيه معوض وابني، ولكني اعتقد ان لديه من العلم والمصداقية كي يخوض غمار العمل العام». ثم تروي لنا ماذا دار في آخر حديث بين الابن والأب قبل أيام من استشهاده. التقيا في باريس عند الثالثة صباحا قبل ساعات من ركوب رينيه الطائرة الى لبنان بعد ان عرج على العاصمة الفرنسية قادما من «الطائف» حاملا في «جيبه» رئاسة الجمهورية. فجر ذلك اليوم خاطب رينيه ميشال قائلا: «أنا الآن عائد الى بيروت وسأنتخب على الأرجح رئيسا، ولا أخفي عليك انها مهمة صعبة جدا ومحفوفة بالمخاطر». أجابه ميشال: «لماذا تذهب اذاً؟». ليس بامكاني ان أتراجع أمام واجب وطني كبير، لذلك اسمعني جيدا. اذا حصل لي مكروه عليك بأمك وأختك والعائلة و...عائلتنا السياسية».


بدأت نايلة مرحلة «شهر عسل» مع سليمان فرنجيه في زغرتا في انتخابات 1992 التي احتلت فيها المرتبة الأولى في الشمال. كان «اتفاق الطائف» و«الوفاق» و»الخط الوطني» يقتضي التحالف والتكاتف وربما... «رد الجميل» لموقف سليمان من انتخاب رينيه رئيسا. وفي انتخابات 1996 كانت الحيثيات نفسها لا تزال الى حد ما صالحة ولو بنسبة أقل. الحسابات اللبنانية العامة تختلف في النهاية عن حسابات زغرتا، والعكس صحيح. فآل فرنجيه وآل معوض تاريخيا لم يلتقوا الا على الانتخابات النيابية التي تحكمها التوازنات العائلية المعقدة... فابن فرنجيه لا يتحمل وزنا أكبر من وزنه في زغرتا. فرينيه وسليمان الجد كانا يلتقيان في زغرتا ويبتعدان في بيروت و... في 2000 «انفخت الدف وتفرق العشاق»، وخاض الاثنان معركة «كسر عظم» عبر تبني سليمان ترشيح قيصر معوض في وجه نايلة، التي جددت العلاقة القديمة بين رينيه معوض ورشيد كرامي والتي تعود الى زمن الشهابية و»النهج»...


تعود معوض مجددا الى دور رئيس الجمهورية: «لا يمكن أن يكون طرفا، عليه ان يؤمن اطارا عادلا للعبة السياسية، أي رئيس الوفاق ورئيس المصالحة».


طالما اننا نتكلم عن دور الرئيس والدستور هل ترين من ضرورة لتعديل «دستور الطائف»؟


«هناك بنود ميثاقية وبنود اجرائية. المس بالبنود الميثاقية هو مس بمعنى لبنان وشرعيته كوطن. أما البنود الاجرائية يمكن ان تعدل اذا اقتضى الأمر واذا تبين انها لم تعد تفي بالغرض. لكن علينا أولا ان نبدأ بتطبيق «اتفاق الطائف». هناك بعض التعديلات المطروحة... «أنا ضد تعديل اي بند اذا كان له خلفيات شخصية ومصالح خاصة أو طائفية مغطاة بمصالح شخصية، مثل التمديد وتبرير ذلك باعطاء مزيد من الحقوق للمسيحيين، أو خرقه لتغليب طائفة على أخرى. المطلوب تطبيق الطائف ضمن أفق واطار مصالحة وطنية شاملة، واذا ظهر بعد ذلك وجود اشكالات أو مشاكل اجرائية عندها يسهل اعادة النظر بها. المهم في الخلاصة الحفاظ على الميثاق وليس التحايل عليه».


يبدو أنك «درستِ» جيدا التركيبة والدستور فهل لديك فريق عمل؟


«طبعا، ارتكزت منذ البداية على العمل المؤسساتي. أدائي ونشاطي في المجلس وضمن اللجان يقوم على الدرس وتحضير الملفات... نعم لدي فريق عمل أعمل معه واستشيره. السياسة لم تعد عمل شخص واحد، بحاجة الى مجموعات توزع المعرفة وليس بمقدوري الالمام بكل المواضيع بمفردي. كما ان وجودي في مجلس امناء الجامعة اليسوعية قربني من الشباب وهمومهم. وفي السياسة، انا شاركت لاعوام في لقاء «قرنة شهوان» والآن في «قوى 14 مارس»، أي في الخط الاستقلالي السيادي الذي دأبنا عليه من سنوات، والذي استعاد وهجه باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ومع «انتفاضة الاستقلال» وشعار «لبنان أولا»...


هل «الرئيسة» معوض مستعدة للتصريح عن أموالها وممتلكاتها؟


«بكل تأكيد. أقول وضميري مرتاح انني لم استفد لا مباشرة ولا بطريقة غير مباشرة من أي صفقة مالية في لبنان أو خارجه والناس تعرف من المنزه ومن الفاسد وليس هناك اسرار في لبنان. النزاهة من الصفات الأساسية التي يجب ان يتمتع بها رئيس الجمهورية، لا بل من البدهيات. وليس قدر اللبنانيين ان تتمول الطبقة السياسية على حسابهم. الشفافية أهم صفة في العمل العام اذ كيف يمكن ان يشاركني الآخرون اذا كنت لا أوحي الثقة واذا كانوا لا يثقون بي؟».


هل من هوايات تمارسينها؟


«كان لدي هوايات ولكن وقتي لم يعد يسمح...».


من هو نموذجك لرجل دولة محلياً وعالمياً؟


«على الصعيد اللبناني فؤاد شهاب، أما على الصعيد العالمي شارل ديغول ومارغريت تاتشر ليس لأنها كانت (المرأة الحديدية) بل من باب التمثل بقدرتها وارادتها على تحقيق نجاحات بغض النظر عن الأخطاء، وأيضا جون كينيدي... على الرئيس ان يوحي الثقة كي يشاركه الآخرون المسؤولية، يجب ان يبقى على تواصل مع الناس».


مهما يكن من أمر ترشيح السيدة نايلة معوض يكفيها ربما انها تجرأت على اقتحام «عالم الرجال» على طريقتها قافزة فوق اعتبارات عدة. وربما كان في خطوتها شيء من محاولة «التعويض»، من «اعادة الاعتبار» لرئيس لم يحالفه الحظ ولم يعط حقه... واسدل «ستار النسيان» على جريمة اغتياله!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي