فريحة الاحمد تسلمت رسالة من الفاتيكان: مدعوون معاً إلى تعزيز ثقافة السلام


سلم السفير البابوي لدى الكويت منجد الهاشم رئيسة اللجنة العليا للأم المثالية الشيخة فريحة الأحمد، رسالة من الفاتيكان لمناسبة ختام شهر رمضان، كتبها الكاردينال جان لويس توران، وزير خارجية الفاتيكان وذلك خلال الغبقة الرمضانية التي اقامتها كنيسة الروم الكاثوليك على شرف الشيخة فريحة وحضرها عدد كبير من السفراء العرب والاجانب المعتمدين في الكويت.
وفي ما يلي نص الرسالة:
«ايها الاصدقاء المسلمون الاعزاء،
1ـ يسرني ايما سرور ان اقدم لكم للمرة الأولى باسم المجلس البابوي للحوار بين الاديان اصدق التهاني واحرها لمناسبة حلول عيدكم البهيج عيد الفطر الذي يختم مسيرة شهر الصيام والصلاة في رمضان ان هذه المسيرة تشكل زمنا مميزا في حياة المسلمين وتمد كل احد بدفع جديد في حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية، وبالفعل فمن المهم ان يشهد كل امرئ للرسالة الدينية بحياة اكثر استقامة واكثر توافقا مع تصميم الله الخالق فيحرص على خدمة اخوته وعلى ابداء مشاعر التضامن والاخوة مع اتباع الديانات الاخرى وعموم البشر ذوي الارادة الصالحة، بهدف العمل المشترك لاجل الخير العام.
2ـ في هذا الزمن المضطرب الذي نمر به يقع على اتباع الديانات فوق كل شيء بصفتهم خدمة للعلي الكلي القدرة واجب العمل لصالح السلام وهو امر يشترط احترام المعتقدات الشخصية والجماعية لكل إنسان اضافة إلى حرية الممارسة الدينية، ان الحرية الدينية التي لا تقتصر على مجرد حرية العبادة هي في الواقع احد الاوجه الاساسية من حرية الضمير، التي هي وقف لكل احد وحجر الزاوية في حقوق الإنسان ولا يمكن بناء ثقافة السلام والتضامن بين البشر الا عندما يولي هذا المقتضى ما يستحقه من اعتبار فيصبح بمقدور الجميع ان يلتزموا بعزم بناء مجتمع يزداد اخوة مستنفدين كل وسعهم لرفض اي شكل من اشكال العنف شاجبين ورافضين كل لجوء إلى العنف، الذي لا يمكنه ابدا ان يقترن بدوافع دينية لأنه يمس صورة الله في الإنسان كلنا يعرف ان العنف، لا سيما الإرهاب الذي يضرب عشوائيا فيوقع ضحايا كثيرين معظمهم ابرياء، هو اعجز من ان يسوي النزاعات، وكل ما يفضي اليه هو تسعير دوامة الحقد الغاشم التي تولد الموت والدمار على حساب الإنسان والمجتمعات.
3ـ يقع على عاتقنا جميعا، نحن اتباع الديانات ان نكون قبل كل شيء مربين على السلام وعلى حقوق الانسان وعلى حرية تحترم الجميع ولكن ايضا على حياة اجتماعية اوثق عرى لأن من واجب الإنسان ان يعتني باخوته واخواته في الإنسانية دون اي تمييز لا يجوز نبذ احد من الجماعة الوطنية بسبب عرقه، أو دينه، أو اي خاصية شخصية اخرى كلنا مدعوون معا كاتباع لتقاليد دينية متعددة إلى نشر تعليم يجل كل مخلوق بشري والى بث رسالة محبة بين الافراد والشعوب ويقع علينا بالاخص ان ننشئ الاجيال الجديدة على هذه الروح هم الذين سيتعهدون عالم الغد من واجب الاسر اولا ثم المسؤولين في عالم التربية فكامل السلطات المدنية والدينية ان يحرصوا على تعميم تعليم صحيح وعلى توفير تربية مناسبة لكل إنسان في شتى الميادين المشار اليها، لا سيما تربية مدنية تدعو كل شاب إلى احترام كل مجاوريه واعتبارهم بمثابة اخوة واخوات يتعين عليه ان يشاطرهم الحياة اليومية لا بروح اللامبالاة بل بحب اخوي لذا فمن الملح اليوم اكثر من اي وقت مضى ان نلقن الاجيال الجديدة امهات القيم الإنسانية والاخلاقية والمدنية التي هي من الضرورات، ان في الحياة الشخصية أو في الحياة العامة وكل تماد في السلوك يجب ان يكون مناسبة لتذكير الشبان والشابات بما ينتظر منهم في الحياة الاجتماعية فما هو على المحك انما هو الخير العام لكل مجتمع وللأسرة البشرية جمعاء.
4ـ بهذا المعنى ينبغي ايلاء الاهمية لمتابعة الحوار بين المسيحيين والمسلمين وتكثيفه وذلك في بعده التربوي والثقافي لكي تتجند جميع القوى في خدمة الإنسان والانسانية ولكيلا تصطف الاجيال الجديدة كتلا ثقافية اودينية متناحرة بل يكونون حقا اخوة واخوات في الإنسانية والحوار اداة يمكنها ان تعيننا على الخروج من دوامة لا تنتهي من النزاعات والتشنجات المختلفة التي تمر بها مجتمعاتنا فتحيا كل الشعوب بطمأنينة وسلام ضمن الاحترام المتبادل والوئام الطيب بين مكوناتها المختلفة.
من اجل ذلك اناشد بكل جوارحي اهتمام الجميع من اجل ان يعمل المسيحيون والمسلمون معا، عبر اللقاءات وتبادل الآراء لصالح السلام ومستقبل افضل لجميع البشر وذلك في احترام متبادل فيكونون لشبيبة اليوم مثالا يحتذى وبه يقتدى عندئذ يستعيد الشبان والشابات ثقتهم بالحياة الاجتماعية فيحرصون بازدياد على الانخراط فيها والمشاركة في تطويرها كذلك فإن هاتين التربية والقدوة ستكونان بالنسبة اليهم منبعا لمقاربة المستقبل بعين الرجاء.
5ـ تلك هي الرغبة الحارة التي اتقاسمها واياكم: ان يطور المسيحيون والمسلمون علاقات اخوية وبناءة اكثر فأكثر لكي يتشاطروا كنوزهم الخاصة وان يسهروا اشد السهر على جودة شهادتهم كمؤمنين!
اجدد لكم، ايها الاصدقاء المسلمون تهاني الحارة بحلول عيدكم ملتمسا من إله السلام والرحمة ان ينعم عليكم بالعافية والطمأنينة والازدهار».0