بين الخليفة وابنه (1)


الأبناء هم زينة الحياة الدنيا وهم فلذات الأكباد كما نقول وكم نتمنى الابناء حتى اذا قدموا علينا فرحنا بهم حتى يكبروا ويصبحوا رجالا ولكننا من شدة حبنا لهم قد ننشغل عن تربيتنا لهم ويكون وجودنا معهم ليس له اثر ولم نستغل ما لدينا من علوم ومعارف وخبرة في الحياة من التوجيه والاصلاح الذي يبتدئ من الصغر وهذا قل ما ينتبه له الآباء وعندها تصبح مشكلة معقدة الحل لدى المربين وهذا ما نعانيه اليوم ظاهرا على الساحة اولا تقصيرا منا وهذه الاسباب كفيلة بتوضيح ما نتكلم عنه اننا ايها الاخوة لم نغرس في نفوس ابنائنا حب الله وتعظيمه ولم نعلمهم الصلاة على سبع كما امرنا نبينا عليه الصلاة والسلام ولم نساعدهم في اختيار الاصدقاء حتى اذا اختاروا هم بحسب ما يريدون واصبحوا لهم قدوة ما جعل الابناء لا يسمعون الكثير من توجيهاتنا حتى اقتدوا بأفلام الكرتون واثر فيهم ما تغرسه هذه الافلام من امور يتعلمها الصغير وان كان فيها تسلية ففيها بعض المخالفات لعقيدة المسلمين في ان الكون له آلهة كثيرة وهذا ينافي التوحيد وكذلك علاقات الصداقة بين الولد والفتاة وان هذه الصداقة من اساسيات الحياة ولا ننسى ما تبثه القنوات من سموم فهو اكبر مما يشاهده الأطفال لأن الطفل كالصندوق فهو يخرج ما يوضع فيه من خير أو شر والذي يضع ذلك هو الاب أو الام وهما الاساس قبل كل هذه الامور السابق ذكرها دعونا نسير في سيرة احد سلف هذه الأمة وكيف ربى ابناءه وماذا كانت توجيهاته لهم؟ وماذا قال للمعلم؟ كل هذا في حياة عمر بن عبدالعزيز وابنه عبدالملك عن ابي حفص عمر بن عبيد الله الاموي قال: كتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده، من عمر امير المؤمنين إلى سهل مولاه اما بعد فإني اخترتك على علم مني بك لتؤدب ولدي فصرفتهم اليك عن غيرك من موال وذوي خاصة بي فحدثهم بالجفاء فهو امعن لاقدامهم وترك الصحبة فإن عادتها تكسب الغفلة وقلة الضحك فإن كثرته تميت القلب وليكن أول ما يعتقدون من ادبك بغض الملاهي التي بدأوها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن فإنه بلغني الثقات من اهل العلم ان حضور المعازف واستماع الاغاني تنبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء وتوقي ذلك يترك حضور تلك المواطن وليفتتح كل غلام بجزء من القرآن يثبت قراءته فإذا فرغ تناول قوسه ونبله فخرج الى الرماية فرمى سبعة نبال ثم ينصرف عن القائلة فإن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول لنا يا بني اقيلوا فإن الشياطين لا تقيل وعن عمرو بن ميمون بن مهران قال كاتب عمر بن عبدالعزيز في خلافته ان عمر كتب إلى ابنه عبدالملك وكان ابنه انذاك بالمدينة يقال له عبدالملك اما بعد فإن حق من تعاهدت بالوصية والنصيحة بعد نفسي انت وان احق من وعى ذلك وحفظه انت، ان الله له الحمد قد احسن الينا احسانا كثيرا فاذكر فضل الله عليك وعلى ابيك ثم اعن اباك على ما قوى عليه وعليك فراغ نفسك وشبابك وصحتك وان استطعت ان تكثر في تحريك لسانك بذكر الله تحميدا وتسبيحا وتهليلا فافعل فلا تفتن فيما انعم الله به عليك وان اباك كان بين ظهري اخوته يفضل عليه الكبير ويدني دونه الصغير ولا اخرج بكم من المنزل الذي أنا فيه فمن كان راغبا في الجنة هاربا من النار فالآن التوبة مقبولة والذنب مغفور قبل نفاد الاجل وانقضاء العمل فطوبى يومئذ لمن اطاع الله وويل يومئذ لمن عصي الله فإن ابتلاك الله بغنى فاقتصد في غناك وضع نفسك وأد إلى الله فرائضه حقه في المال وقل كما قال العبد الصالح سليمان (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم اكفر ومن شكر فإنما شكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) النمل 40، واياك ان تفخر بقولك وتعجب بنفسك فإذا انت اخطأت باب الشكر وتركت منازل اهل الفقر تعجل لك طيباتك في الحياة الدنيا ولو ان المرء لم يعظ اخاه حتى يحكم امر نفسه لقل الواعظون والساعون لله بالنصيحة في الأرض، فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.