تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته (1)

تصغير
تكبير

 


فقد أنـزل الله القرآن الكريم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، فحفظه ووعاه، وأداه كما أوحاه الله إليه (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ).


وكان العرب أمّة أمية لا تكتب ولا تحسب، وكان اعتمادهم على الحفظ في صدورهم.


وكان القرآن يكتب في حياته صلى الله عليه وسلم وبأمره فيما تيسر من الوسائل المتاحة للكتابة في ذلك الزمن كاللخاف والعسب ونحوها.


ولما توفي عليه الصلاة والسلام وتولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة، وقتل كثير من القراء في حروب الردة أشار عمر رضي الله عنه على أبي بكر بجمع القرآن مخافة عليه من الضياع، فتم جمعه في صحف مجموعة بقيت عند أبي بكر مدة خلافته، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم آلت إلى حفصة - رضي الله عنها -، وهذه الصحف هي التي نسخت منها في عهد عثمان - رضي الله عنه - المصاحف، وبعث بها إلى الأمصار؛ لما ظهرت بوادر الاختلاف في القراءة؛ حماية للنص القرآني الكريم من أي تحريف.


ثم تنوعت مظاهر العناية بالقرآن الكريم- بعد الصدر الأول -، وبخاصة من ناحية كتابته وتجويدها، وتحسينها، ثم إعجام الحروف. ومهر جمهرة من الخطاطين على مرّ العصور ببراعة الخط وجماله، وكتبوا المصاحف الخاصة والعامة، وكان الغالب في كتابة المصاحف الخط الكوفي حتى القرن الخامس الهجري، ثم كتبت بخط الثلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم استقرت كتابتها بخط النسخ إلى وقتنا الحالي.


ومع ظهور الطباعة برزت عدة طبعات مبكرة للقرآن الكريم في أوربا، اكتنفتها دوافع مريبة، ولم تلق الذيوع ولا القبول عند المسلمين؛ لما فيها من أخطاء شنيعة، ولمخالفتها قواعد الرسم العثماني.


كما صدرت بعد ذلك طبعات للقرآن الكريم في بلدان أخرى، إلا أنها لم يلتزم فيها الرسم العثماني.


وبقي الأمر على ذلك حتى طبع المصحف الذي كتبه الشيخ المقرئ أبو عيد رضوان بن محمد المخللاتي عام (1308 هـ) في المطبعة البهية بالقاهرة، وراعى فيه أصول الرسم والضبط، ووضع له ستة أنواع من علامات الوقف والابتداء.


ثم توالت طبعات المصحف الشريف في مصر، وغيرها من أقطار العالم الإسلامي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي